محمد حمدى

25 يناير.. العسكر والميدان

الأربعاء، 18 يناير 2012 09:48 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا حديث يعلو فى مصر على 25 يناير 2012، ذكرى مرور عام على نزول الجماهير إلى الشارع لإسقاط النظام، لكن جماهير 25 يناير 2011، لم تعد بالضرورة هى نفس جماهير 25 يناير 2012، بحكم الشرعيات التى كانت قائمة، وسقطت، أو ظهرت وتراجعت، أو بزغت ولم تتمكن بعد من استلام شرعيتها.

فى الطريق إلى 25 يناير 2011 كان الصراع فى مصر بين شعب سرقت شرعيته، من حزب حاكم بنى وجوده عبر انتخابات برلمانية مزوّرة، ورئيس حكم ثلاثين عاماً، ووصل بحكم العمر إلى أضعف حالاته الجسمانية والذهنية، ما سمح لنجله بتقدم الصفوف دون مؤهلات، مكرساً مشروعه لوراثة الحكم، بمساعدة ودعم شلته من رجال الأعمال، على حساب الشعب الذى بدا وكأنه خارج معادلة السياسة، وقد رضى بأن تعود بلاده إلى جمهورية وراثية، بعد أن خلصتها ثورة يوليو 1952 من ملكية وراثية إلى الأبد.

لم يكن 25 يناير صعباً، رغم الحديث عن التضحيات والشهداء، فما سقط فعلاً فى المظاهرات السلمية، وليس أمام أقسام الشرطة 225 شهيداً، بينما الثورة الليبية انتهت بموت ثلاثين ألفاً، على الأقل، وخسر الشعب السورى أكثر من ستة آلاف شهيد، ولا تزال الثورة غير قادرة على القضاء على نظام البعث بعد.

بمقياس الثورات، وإذا ما سلّمنا جدلاً بأن ما حدث فى مصر هو ثورة شعبية، وليس انتفاضة شعبية، كما يقول علم السياسة، جاءت الثورة المصرية منجزة وغير مسبوقة، من حيث قلة عدد الأيام، ومحدودية الضحايا، والتنازل السهل للرئيس السابق عن السلطة، والغباء السياسى لمن أصدر قراراً بالهجوم على المعتصمين فى ميدان التحرير فى الثانى من فبراير.
أنهت الثورة اغتصاب الحزب الوطنى للسلطة والشرعية، وأزاحت الرئيس السابق عن المشهد السياسى، وانتهى المقربون منه، خاصة دائرة التوريث إلى سجن طره، ونشأت شرعية ثورية جديدة، استمدها الشعب من النزول إلى الشوارع والميادين، كما نشأت شرعية مماثلة للقوات المسلحة، التى عملياً أنهت الثورة قبل أن تكتمل.. وحكمت.

ومنذ الحادى عشر من فبراير، يوم تخلى الرئيس السابق عن صلاحياته، أصبحت مصر مجالاً للصراع بين شرعيتين، الشرعية الثورية التى كانت تعود إلى الميادين، للاحتجاج أو الضغط، أو انتزاع المزيد من مطالبها من المجلس العسكرى الحاكم، وشرعية أخرى استمدها المجلس من وجوده فى الحكم، ومن اطمئنان المصريين لقواتهم المسلحة، ومن أنها لم تكن يوماً طرفاً فى صراعات الداخل السياسى، بل وأكثر كانت ضد مشروع التوريث، وتنتهز الفرصة للقضاء عليه، وهو ما رأته فى حركة الجماهير من 28 يناير فسمحت بها ودعمتها لإسقاط التوريث الذى كانت المؤسسة العسكرية تتحفظ عليه.

منذ 12 فبراير وحتى بدء انتخابات مجلس الشعب، عاشت مصر صراعاً بين شرعية ثورية، لا تحكم سياسياً، وإن كانت تتحكم فى ميدان التحرير، ومؤسسة عسكرية، خرجت من الميدان لكنها تولت الحكم الفعلى للبلاد، وكان طبيعياً بحكم الخلاف الكبير بين الطبيعة الثورية فى الشارع، والطبيعة العسكرية المحافظة، أن يستمر الصدام ويتوسع، ويتجه الاثنان إلى المواطنين، فى محاولة لتعزيز الشرعية الشخصية والقضاء على شرعية المنافس.

راهن العسكريون على أن الشعب المصرى سينحاز إلى الاستقرار بعد الثورة، وهو ما حدث، وراهن الثوريون على عدالة مطالبهم، ومن ثم يستمر بريقها لدى الناس، وهو ما لم يتحقق، لأن المواطنين الذين حلموا بالتغيير إلى الأفضل، لم يقل لهم من وعدهم بالتغيير السريع، أن الفاتورة صعبة وطويلة، وتحتاج صبراً.

قد يدخل المواطنون إلى نفق مظلم، إذا كانوا يرون الضوء فى نهاية النفق، لكن الحالة الثورية النخبوية والرومانسية لم تدرك أن المصريين غير مستعدين للدخول إلى المجهول، ومن ثم عادت الأغلبية سريعاً للبحث عن الاستقرار، فانحازت الأغلبية للمجلس العسكرى، فزادت شرعيته على حساب الشرعية الثورية، رغم ارتكاب المجلس العديد من الأخطاء غير المبررة.. لكن فى الغالب الأعم لا يبدو أن ملايين المواطنين الذين خرجوا يوم 28 يناير فى كل أنحاء مصر يريدون ثورة جديدة بعد عام، وفى الأفضل الأحوال أصبح رهانهم على شرعية ثالثة ولدت من رحم الجماهير، وهى شرعية البرلمان فى مواجهة شرعية الميدان.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 6

عدد الردود 0

بواسطة:

نادر حبيب

أطمئن يا أستاذ محمد

عدد الردود 0

بواسطة:

م.محمد فاروق

شكرا أستاذ أحمد

عدد الردود 0

بواسطة:

يحيي رسلان

الشعب يريد الحفاظ علي اختياره لممثليه في البرلمان

عدد الردود 0

بواسطة:

خالد الشيخ

الشعب يريد ويريد ويريد ويريد ويريد ويريد ويريد

عدد الردود 0

بواسطة:

فتحية ابراهيم عضو الهيئة العليا لغد الثورة

وللاحرار عهد

عدد الردود 0

بواسطة:

اسأل لاحقاً

اللهم من أراد مصر بسوء فأهلكه ومن عاونه

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة