سعد هجرس

هل كانت الانتخابات.. «مؤامرة»؟!

الأربعاء، 11 يناير 2012 03:41 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قرأت العناوين المثيرة ولم أهتم بقراءة المتن، وقلت لنفسى إن التزوير الذى يتحدث عنه التقرير الصحفى لانتخابات مجلس الشعب - التى شهد لها الجميع بأنها الأكثر نزاهة منذ أكثر من ثلاثين عاماً - لن يخرج عن ثلاثة احتمالات:
الاحتمال الأول: أن الزميل الذى كتب هذه القصة الخبرية المثيرة يبحث عن «فرقعة» فى ظل هذا المناخ الصحفى والإعلامى الذى اختلط فيه الحابل بالنابل وضاعت فيه أصول المهنة.
الاحتمال الثانى: أن مرشحاً لم يوفق فى هذه الانتخابات يبحث عن تبرير لهزيمته.

الاحتمال الثالث: أنه حتى بفرض صحة المعلومات التى يستند إليها هذا التقرير الصحفى فإنها - على الأرجح - تتعلق بدائرة انتخابية واحدة، وأن التجاوزات الواردة فيها على صحتها لا تغير من النتائج النهائية.

ونسيت الموضوع إلى أن قابلت الدكتور إبراهيم مصطفى كامل وعرفت أنه هو الذى فجر القضية، وكانت هذه هى بداية مراجعتى لموقفى المتسرع، لأن الدكتور إبراهيم مصطفى كامل ليس من الأشخاص الذين يمكن أن يدخل كلامهم من الأذن اليمنى ليخرج من اليسرى بسرعة الضوء، فالرجل قيمة وطنية وليس «محدث انتخابات» بل نعلم أنه دخل معارك طاحنة ضد كمال الشاذلى - رحمه الله - عندما كانت إشارة من يده كفيلة بتوجيه الهيئة البرلمانية للحرب الوطنى غير المأسوف عليه إلى حيث يشاء، كما كانت له صولات وجولات ضد أحمد عز الذى ورث مكان كمال الشاذلى «وإن لم يرث مكانته أو دهاءه».

ثم إن إبراهيم مصطفى كامل ليس من النوع الذى يلقى الكلام على عواهنه، وهو فى هذه القضية يمتلك أسلحة كثيرة أهمها على الإطلاق أسطوانة مدمجة CD لم يعثر عليها فى الطريق العام وإنما تسلمها من مديرية الأمن عليها بيانات الناخبين، وبتحليل محتوى هذا «السى دى» اكتشف أن أسماء الناخبين الرباعية والخماسية، وفى بعض الأحيان السداسية، واردة غير مقترنة برقم بطاقاتهم القومية ولا بعناوينهم وأنها مكررة بحد أدنى مرتين وحد أقصى بلغ 32 مرة، كما تبين أن هذه الأسماء مكنت أشخاصاً من الانتخاب فى دوائر مختلفة داخل دوائرهم ودوائر أخرى من نفس المحافظة وخارجها فى محافظات المنوفية والغربية والدقهلية، الأمر الذى يبدو أنه تواصل على صعيد الجمهورية، حيث تبين أرقام الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء بتاريخ أول يوليو 2011 أن عدد المواطنين المتمتعين بحق الانتخاب لا يتخطى 40 مليون ناخب، بينما توضح الأرقام الصادرة عن اللجنة العليا للانتخابات أن إجمالى الناخبين يقارب 52 مليونا، أى بزيادة 12 مليون ناخب وهذا لا يمكن أن يحدث إلا بتدخل بشرى فى قاعدة بيانات الناخبين بهدف تزويرها.

والحقيقة التى تنطق بها كشوف الناخبين - بنص تعبير الدعوى المقامة من الدكتور إبرهيم كامل وآخرين- «أننا أمام جريمة تزوير إلكترونية خطيرة فى محررات رسمية، هى كشوف الانتخابات التى جرت عليها انتخابات مجلس الشعب وستجرى عليها قريبا انتخابات مجلس الشورى والانتخابات الرئاسية.. وأنه إمعانا فى ستر الجريمة النكراء سلمت إلى المرشحين نسخة من كشوف الناخبين غير مقترنة بالرقم القومى وبدون العنوان الأصلى للناخب حتى لا يكشف التزوير.

وحيث إن تكرار الأسماء لمئات الآلاف من المصريين، من مرتين إلى اثنتين وثلاثين مرة، مفادها أن تكرار أصواتهم يرجع كفة المرشح أو الحزب الذى يتم تصويت الأسماء المقررة لصالحه.. ومعنى ذلك أن الانتخابات ليست تعبيراً صادقاً عن إرادة جموع الناخبين.. ما يعنى تسليم مصير شعب قوامه 86 مليون مصرى لتنظيم معين على غير إرادة الشعب.

ويطالب الدكتور إبراهيم مصطفى كامل بناء على ذلك ببطلان نتيجة هذه الانتخابات تأسيساً على أن «القرار الصادر بدعوة الناخبين إلى الانتخاب فى الجولات الثلاث على مستوى الجمهورية قرار صدر معدوماً، إذ إن قاعدة بيانات الناخبين بالجمهورية مزورة تزويراً بطريق الاصطناع، مما يعدم هذه القاعدة ويعدم معها القرار الصادر بدعوة الناخبين إلى الانتخابات.

الكلام إذن على أعلى درجة من الخطورة، وإذا صح فإنه لا يؤدى فقط إلى الطعن ببطلان هذه الانتخابات، وإنما يؤدى أيضا إلى طرح تساؤلات خطيرة تستوجب إجابات قاطعة وحاسمة ومحاسبة بدون لف أو دوران.

فمن الذى قام بهذا التزوير الإلكترونى «الموجّه»، وما هى الجهات التى حدث فيها هذا التزوير، وما هى الكيفية التى تم بها التنسيق بين هذه الجهات على هذه الصورة الجهنمية والشيطانية؟
وعلى سبيل المثال فإن التلاعب الإلكترونى فى قاعدة البيانات لم يكن لينفع وحده بل إنه استلزم تلاعباً آخر فى إدارة السجل المدنى لاستخراج بطاقات رقم قومى «مزورة» للأسماء المكررة، وليس هذا على مستوى لجنة أو دائرة انتخابية واحدة أو اثنتين أو ثلاث وإنما على مستوى أوسع يشمل مئات الآلاف من الأصوات، بل ملايين الأصوات فى حقيقة الأمر.
وهل يمكن أن تتم مثل هذه «الجريمة المنظمة» على مستوى موظفين بيروقراط فاسدين فى مستويات وظيفية دنيا؟ أم أن اللعبة أكبر من هذا بكثير وتصل إلى حد التواطؤ والتآمر بين رؤوس كبيرة تستهدف دفع البلاد إلى دهاليز وسراديب مقصودة ومحسوبة؟!
الكلام خطير.. ولا يجوز الصمت عنه.. فهل من مجيب؟!








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة