سعد هجرس

إغلاق «الجزيرة».. ليس هو الحل!

الأربعاء، 14 سبتمبر 2011 03:40 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الوطن فى خطر.. هذه حقيقة لا يستطيع أحد الجدال فيها، وهذا الوضع الكارثى الذى وصلت إليه الأمور مسؤوليتنا جميعاً دون استثناء، مع اختلاف الأوزان النسبية لمسؤولية كل طرف بطبيعة الحال.
وبدلاً من الاستمرار فى «تقطيع هدوم» بعضنا البعض تحت جنح الظلام الدامس لهذا العمل السياسى الشامل، والانغماس فى معارك صغيرة وتافهة، المنتصر فيها مهزوم، يتطلب منا الحد الأدنى من الإحساس بالمسؤولية القيام بعملية نقد ذاتى للأخطاء والخطايا التى اقترفها كل طرف خلال الشهور السبعة الماضية، التى أوصلتنا محصلتها النهائية إلى الوضع الراهن.
والمقصود بهذه المراجعة الفكرية والسياسية أن تكون مدخلاً للتوصل إلى توافق وطنى صلب حول خريطة طريق، وبوصلة جديدة تقود خطواتنا إلى أقصر السبل، وأكثرها أمناً، وأقلها تكلفة، للانتقال من هدم أسس الدولة الاستبدادية المترنحة إلى إرساء دعائم دولة الحق والقانون التى هى الهدف النهائى لثورة 25 يناير.
وليست إلا واحداً من الشواهد المتعددة على المأزق الذى وصلت إليه الأمور- تلك الأحداث المؤسفة الأخيرة، ومن بينهما اعتداء البعض على وزارة الداخلية ثم اعتداء البعض الآخر على مديرية أمن الجيزة، فضلاً على محاولات اقتحام مقر السفارة الإسرائيلية، وما تضمنت هذه الأحداث من إحراق لممتلكات عامة، وتجاوز لإحدى أهم مزايا ثورة 25 يناير، ألا وهى «سلميتها».
ومن حق المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يقلق من مثل هذه التطورات السلبية، خاصة أنها يمكن أن تتطور إلى الأسوأ ما لم يتم تدارك الأمر.
لكن هل يتحقق ذلك بإجراءات مثل تلك التى تم اتخاذها مؤخراً، من قبيل إغلاق إحدى القنوات الفضائية «الجزيرة مباشر مصر»، وتفعيل قانون الطوارئ، وتعديل بعض أحكامه.
الخطر الذى يخشى منه المجلس الأعلى للقوات المسلحة حقيقى وليس مصطنعاً، لكن ليس بمثل هذه الإجراءات البيروقراطية تتم مواجهته، فكل هذه الإجراءات ليست مبتكرات جديدة، وإنما هى سياسات ابتدعها نظام حسنى مبارك، ومارسها بصورة فظة، ومع ذلك فإنها لم تتكفل بحمايته من السقوط رغم القبضة الحديدية ومباحث أمن الدولة، وترسانة القمع بجميع أنواعها السياسية والتشريعية والإعلامية والبوليسية.
ومن المؤسف أن يجرى اليوم النبش فى الدفاتر القديمة للنظام السابق ومحاولة إحياء منهجه الذى ثبت إفلاسه وعجزه.
ومن المؤسف أكثر أن يتم إحياء هذه الأدوات التى يعود تاريخ منشئها إلى مصر حسنى مبارك وحبيب العادلى، وأنس الفقى، فى ظل ثورة أطاحت بكل هؤلاء ورفعت شعارات الحرية والعدالة الاجتماعية والتغيير.
هذا «الاستسهال» يعطل أكثر مما يحل، ويخلق تناقضات جديدة أكثر مما يفكك تناقضات قائمة، فليس بالإجراءات البيروقراطية تتم المواجهة فى مثل هذه الأوضاع المعقدة التى يتداخل فيها ما هو سياسى بما هو اقتصادى وما هو اجتماعى وثقافى.
ثم إن الشفافية التى كانت مفتقدة فى ظل نظام حسنى مبارك كان من المفترض أن تكون حاضرة فى أوضاعنا الراهنة، فإذا كانت هناك أصابع خارجية تعبث فى الظلام فإنه يجب الكشف عنها اليوم قبل الغد، والكشف عن العناصر الداخلية المتعاونة معها، والكشف عن الثغرات التى مكنت هذه الأصابع الخارجية من النفاذ بهذه السهولة، والكشف عن التأخر غير المقبول فى تطهير أجهزة الأمن وتغيير قياداتها الفاسدة، وقيام الشرطة «الجديدة» بدورها المنوط بها لحماية الوطن والمواطن من عبث الأصابع الأجنبية وهمجية البلطجية والمتآمرين المحليين. الوطن فى خطر.. ولسنا فى وقت تبادل الاتهامات وإلقاء المسؤولية على عاتق هذا أو ذاك. بل نحتاج إلى لحظة صدق، ونقد ذاتى، ومراجعة نزيهة، ومبادرات عاجلة ومسؤولة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.. قبل فوات الأوان.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة