محمد بركة

الخيار يشكو المصريين

الخميس، 01 سبتمبر 2011 04:48 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عشت طوال عمرى مهذباً، صامتاً، التحف بأوراق خضراء عريضة تحت سماء الله الواسعة، أفخر بانتسابى إلى العائلة «القرعية» العريقة التى تضرب بجذورها فى أعماق التاريخ، جدى الأكبر كان موطنه الأصلى الهند، لذلك أفضل غالباً الأجواء الحارة، لكن ما يحز فى نفسى ويؤلم مشاعرى هو أن علاقتى بالبشر تبدو مثل قصة حب من طرف واحد، فقد منحتهم من خلال قشرى وإنزيماتى علاجاً طبيعياً لمشاكل الجلد، كما أساعدهم فى علاج بعض اضطرابات الرئة والمعدة والصدر، فضلاً عن أننى علاج فعال للنقرس والتهاب المفاصل والدودة الشريطية، فماذا فعلوا هم فى المقابل؟ وكيف ردوا لى الجميل؟ فى منطقة متخلفة من العالم، حبلى بالصراعات والدماء، تدعى الشرق الأوسط، اجتمع بعض القادة وهم يرتدون البدلة الأنيقة المستوردة والغترة والدشداشة والعقال وقالوا فى قمتهم الشهيرة: إن السلام هو أفضل «خيار» إستراتيجى نتبناه فى تعاملنا مع العدو الذى صار صديقاً، والذئب الذى أصبح حملاً وديعاً!

والأمر لم يكن ليعنينى فى شىء، فليفعلوا ما يحلو لهم، ولكن ما ذنبى أنا حتى أصبح متورطاً فى هذا الصراع، وأمسى هدفاً لتعليقات المعارضين الساخرة وهم يتساءلون: أى «خيار» هذا الذى يجمع عليه العرب؟ إنه بلا شك خيار مخلل.

وإذا ما تركت الشرق الأوسط وذهبت إلى أوروبا وجدنا رعباً كامل الأوصاف عاشه الغرب بسبب «الخيار الإسبانى» الذى قيل ظلماً وبهتاناً إنه السبب فى نشر بكتيريا الإيكولاى قبل أن تنكشف الحقائق وتشيل ألمانيا الليلة.

إن شجرة عائلتنا تمتد حلقاتها إلى ألف عام قبل الميلاد، وكنا طعاماً معروفاً على مائدة الإغريق والرومان، وفى إنجلترا عشقنا الإنجليز، لاسيما فى زمن الملك إدوارد الثالث، وتعرضنا لفترات طويلة من الإهمال والنسيان، حتى عاد العالم لزراعتنا بشكل منتظم فى أواسط القرن السابع عشر، وطوال هذا التاريخ الموثق، لم نتعرض لهذا الكم من السخرية والتلميحات السخيفة، وإلا ماذا تسمى هذا التعبير الفج الذى يتداوله شعب أُجّل قدماءه وأحترم جدوده هو الشعب المصرى حيث يقول: احترم نفسك يا أخ.. وإلا هسمّعك من المنقى خيار!

وصحيح أن قيمتى الغذائية قليلة حيث إن %96 من مكونانى عبارة عن ماء والباقى خليط من فيتامين A ،C إلا أننى منشط جيد للكبد وخافض للحرارة وملين للإمساك، ومدر للبول ومهدئ للأعصاب وعلاج للمزاج السيئ، أنا – وأعوذ بالله من كلمة أنا – وباختصار شديد: صيدلية فى بيوتكم، واسألوا البنات والسيدات عن بركاتى وآياتى فى نعومة البشرة، فهن اللواتى يضعننى فى الحليب ويمسحن بى وجوههن بواسطة قطعة قطن يومياً، وأحياناً يقمن بغليى بالماء، ويخترعن منى «ماسكات» عالمية ليست لسواد عيونى أو «خضار» قوامى، ولكننى لأننى أحتوى على عناصر مهمة – مثل الكبريت – تحافظ على نضارة الجلد، كما احتوى على سكريات الـ Clucides التى تغذى عضلات الوجه، فهل يكون جزائى بعد كل ذلك أن أصبح «تيمة» مكررة على الصفحات الرئيسية فى المواقع الإباحية؟ أن أتحول – على آخر الزمن – إلى علامة تجارية غير مسجلة فى عالم الجنس الإلكترونى وأصبح إحدى العلامات المميزة فى المواقع إياها؟.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

ع/ط

برافو

تحياتي للكاتب المبدع الأستاذ/محمد بركة

عدد الردود 0

بواسطة:

علي قنديل

عاشوا

عاشت مصر بخيارها الاصيل العريق ههه !!!

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة