محمد إبراهيم الدسوقى

لم نعد يدا واحدة

الإثنين، 01 أغسطس 2011 09:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بالأمس القريب كنا نتطلع لميدان التحرير بفخر واعتزاز، لأنه كان البوتقة الجامعة والحاضنة لجموع المصريين الذين عكست هتافاتهم وتماسكهم وحدة حقيقية صادقة للصف، فقد أخرجت عملية انصهار المصريين فى الميدان أفضل وأجمل ما فى الشخصية المصرية من مكونات تؤكد أن الغاية للجميع كانت الوطن ولا شىء غير الوطن، والتحليق به لأعلى مكان متاح بين السموات السبع، تتذكرون أن ميدان التحرير وقت الثورة لم يعكر صفوه وانسجامه وتلاحمه دعوات فئوية ولا طائفية ولا محاولات لاستعراض القوة والعضلات المنتفخة بطريقة حلبة المصارعة الحرة. غير أن الواقع المعاش يشى بأن تلك الخصال الراقية النبيلة اضمحلت وتوارت خلف رغبات محمومة تتصف بالأنانية المفرطة للفصائل السياسية والدينية على تكسير وطحن عظام كل المحيطين، ظنا بأن ذلك سيجعله منفردا بالتهام كعكة السلطة والإمساك بقبضة قوية بصولجان الحكم، ونسوا فى غمار تناحرهم وتطاحنهم أن الكعكة محل النزاع ليست موجودة أساسا، وأنهم يركضون خلف السراب.

وآسف أن أقول والحسرة تعتصرنى أننا لم نعد يدا واحدة بتحويلنا ميدان التحرير من رمز لثورة شعب دفع ثمنا غاليا من دماء شبابه وكباره لإتمامها، إلى ساحة كبيرة لممارسة ألعاب القوى، وظللنا نلف وندور حول الميدان متصورين أنه يختزل واقع مصر بكامله فى هذه اللحظة ولم نسع لتوسيع دائرة الرؤية وأن نقتنع بأن الوطن أرحب وأوسع بكثير من التحرير، وأن كل شبر فيه يستحثنا لبذل الجهد والعطاء. وأسارع بإخبارك بتأييدى وتشجيعى لاستكمال الثورة، وتطهير مؤسسات الدولة ووسائل الإعلام من المخربين والفاسدين، وأن يحصل أهالى الشهداء على حقوقهم كاملة غير منقوصة، ومع حق التظاهر السلمى والاعتصام، ولكن اسمحوا لى بالتساؤل: عما حققناه من خلف الاعتصامات والمشاحنات خلال الأشهر الستة الماضية؟

لم نجن سوى صفر كبير، ورجاء لا تخبرنى بقصة تلكؤ وتباطؤ المجلس العسكرى فى محاسبة الرئيس المخلوع حسنى مبارك وأركان نظامه، وأن الضغط لازم وضرورى عليه، وحدثنى عن ما فعلناه نحن لكى نحافظ على تماسك الجبهة الوطنية والعبور بالبلاد إلى منطقة آمنة مستقرة. الليبراليون والعلمانيون ومن يدور فى فلكهم يكتفون بتسخين الساحة والضرب فى كل الاتجاهات عبر الفضائيات والصحف، وهمهم الأكبر أن يثبتوا أنهم التيار الغالب، وحاولوا القيام بعرض مصغر لقوتهم بمسيرتهم لوزارة الدفاع، وهو ما لم يعجب الجماعات الإسلامية التى خرج أنصارها عن بكرة أبيهم الجمعة الماضية لا بغرض إعلاء كلمة الوحدة الوطنية ليس بين المسلمين والمسيحيين، بل بين المصريين عموما، وإنما للمطالبة بتطبيق الشريعة الإسلامية، وكأن الأمر قد استتب واستقر وأنجزنا كل أمالنا وأحلامنا ولا ينقصنا الا تطبيق الشريعة الإسلامية.

الجماعات السلفية ومعها الإخوان المسلمين غفلا عن أنه قبل مطالبتهم بتحكيم شرع الله، وهو أمر لا خلاف عليه، عن أن التوقيت غير مناسب للحديث عنه، وأنه يشترط للكلام عنه استرداد الوطن الذى ضاع منا وأن يتعافى جسده المثخن بجروح 30 عاما عجافا، فمصر يا سادة مبعثرة وأهالها استحلوا الفوضى وعبثية التصرف والتعدى على كل ما تصل إليه أيديهم من أراض ومرافق ولم تسلم أرصفة الشوارع منهم، فى وقت يتهدد فيه الخطر سيناء المستباحة أمام مجموعات تود إشعالها والسيطرة عليها. إن كان المنتسبون للتيار الدينى والليبرالى قلبهم حقا على البلد لم لا نراهم يوجهون قوتهم المعتصمة والمتظاهرة فى ميدان التحرير وبقية ميادين الجمهورية صوب سيناء لحماتيها من يد العابثين الأشرار، سواء كانوا من أهلها أو من الفلسطينيين والإسرائيليين، وهل سوف نتنظر إلى أن تقع الواقعة وتضع ونحن نتفرج عليها، وحجتنا أننا انشغلنا باعتصام التحرير. استحلف الجميع بالله العلى القدير أن يراعوا صالح بلادنا، وتأجيل أطماعنا الشخصية، لحين عودة مصر إلينا كاملة.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

مصري مش فاهم حاجة

مقال رائع

مقال رائع

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة