مشنقة لكل مواطن

قرأت بتمعن القائمة التى أعدها النائب السابق الدكتور جمال زهران لنحو 750 ألف شخص، يعتبرهم من فلول النظام السابق، ويطالب بعزلهم من وظائفهم، وحرمانهم بالطبع من الترشح فى الانتخابات البرلمانية وعزلهم سياسيا، وما كتبه الدكتور زهران اجتهاد ووجهة نظر، تستحق القراءة والمناقشة الموضوعية، وإن كان لى عليها العديد من التحفظات، لا تقلل من احترامى لشخص كاتبها وآرائه.

وأعتقد أنه إذا قررنا محاسبة كل من أفسد الحياة فى مصر على الأصعدة السياسية والاجتماعية والتعليمة والوظيفية وغيرها، فعلينا أن نعزل كل مواطن مصرى.. وربما وصلنا إلى قائمة تضم خمسين مليونا على الأقل.

فكل مواطن لم يذهب للإدلاء بصوته فى الانتخابات العامة، وترك الفرصة سهلة وسانحة لتزوير الانتخابات أفسد الحياة السياسية عن عمد، لأنه تنازل عن أبسط حقوقه السياسية.

وكل موظف صغير أو كبير فتح درج مكتبه وعطل مصالح المواطنين، ورهن أداء مهام عمله بالحصول على رشوة، فاسد وأفسد الحياة فى هذا الوطن.

وكل مواطن دفع رشوة حتى ينجز مصلحة شخصية، ولم يتمسك بالقانون، وبالحصول على حقه بالطرق القانونية والشرعية أفسد الوطن، وأفسد نفسه.. وأفسد غيره.

وكل مدرس امتنع عن تدريس منهجه للتلاميذ فى الفصل، ومنحهم ما يستحقونه مجانا، بمقابل فى دروس خصوصية، أفسد التعليم وأفسد الوطن، وأفسد أجيالا حينما نقل إليهم رسالة أنك لا تستطيع الحصول على حقوقك المشروعة إلا بالمال فقط. والأمثلة أكثر من أن تعد أو تحصى على فساد المواطنين والمسئولين.

كلنا فاسدون.. وكلنا لصوص.. ولا يجوز التفرقة بين فساد كبير .. وفساد صغير.. ولا يمكن تقسيم الفساد إلى درجات.. وإذا أردنا الحساب وأصررنا عليه فلا بد أن نحاسب الجميع، أو أن نشكل لجنة للمصالحة والحقيقة.. تعاقب كبار المسئولين فقط، فى الجرائم التى لا يجوز فيها التصالح، ولا تسقط بالتقادم مثل قتل المتظاهرين والتعذيب، أما ما عداها من فساد مالى وسياسى، فيمكن الصفح عنه بإعادة ما نهب من أموال.. وبالاعتراف والتوبة.. وإلا فلنعلق مشنقة لكل مواطن.