صلاح عيسى

ثوار يناير يسيرون على خط مبارك بأستيكة السادات

الأربعاء، 27 يوليو 2011 03:59 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى صباح يوم السبت 4 فبراير 1973، استيقظت من النوم لأجد اسمى الرباعى منشوراً فى صدر كل الصحف اليومية الحكومية، ضمن قائمة تضم الأسماء الرباعية لـ63 آخرين من الصحفيين والكتاب والأدباء- قررت لجنة النظام - فى الاتحاد الاشتراكى العربى، إسقاط العضوية العاملة فى التنظيم عنهم، قال البيان الصادر عن اللجنة إنهم «أخلوا بواجباتهم السياسية عاملين فى التنظيم، وخرجوا عن الخط الوطنى، وحرضوا ضد الوحدة الوطنية، واستغلوا مواقعهم الإعلامية، فى إثارة الجماهير.
قالت المذكرة التفسيرية إن الفصل من العضوية العاملة للتنظيم يترتب عليه إسقاط أى تنظيم نقابى، أو مجلس إدارة أى نقابة، كما يترتب عليه إبعادهم عن أى عمل تكون العضوية العاملة شرطاً لممارسته، مثل الصحافة التى يشترط القانون أن يكون من يعمل بها عضواً عاملاً بالاتحاد.
وكان السبب الحقيقى أن معظم الأسماء التى ضمتها القائمة كانوا يدعمون مطالب الحركة الطلابية النشطة التى كانت تلح آنذاك على حسم قضية تحرير الأرض المحتلة، وإنهاء حالة اللاسلم واللاحرب، وكانوا قد وقعوا على البيان الشهير الذى وقعه توفيق الحكيم ونجيب محفوظ فى هذا الشأن، وأثار نشره فى الصحف اللبنانية غضب الرئيس السادات.
ولم تكن التهم الكاذبة التى حفل بها البيان, أما الذى طيّر برجا من نافوخى، فهو أننى لم أكن فى أى يوم من الأيام عضواً فى الاتحاد الاشتراكى، بل كنت معزولاً سياسياً، لأننى ممن سبق اعتقالهم أكثر من مرة بسبب معارضتهم للنظام.
وبسببب طيران هذا البرج، فقد كان أول ما فعلته فى هذا الصباح الذى فقدت فيه عملى ووظيفتى ومهنتى التى أحبها، ولا أصلح لغيرها، هو أن توجهت إلى أول مكتب بريد، وأرسلت تليغرافا للأمين العام للاتحاد الاشتراكى أيامها يقول: «أحتج على فصلى من الاتحاد الاشتراكى الذى لست عضواً به!»
وبعد هذا التاريخ بخمس سنوات، نجحت المعارضة فى إلغاء القانون الذى كان يشترط موافقة الاتحاد الاشتراكى على العمل بالصحافة، وألغى الاتحاد الاشتراكى نفسه، وأقر حق تشكيل الأحزاب، مثلت أمام المدعى العام الاشتراكى، ضمن مجموعة أخرى ضمت خمسة آخرين من الكتاب، ليحقق معى فى 27 يونيو 1958 بتهمة كتابة مقالات فى الصحف العربية، وصفت بأنها «تسىء إلى سمعة مصر».
وعندما سألت المحقق عن الأساس القانونى للتحقيق معى، قال إن القانون رقم 33 لسنة 1978، بشأن «حماية الجبهة الداخلية والسلام الاجتماعى»، وهو قانون لم يكن قد مضى على صدوره سوى عدة أسابيع، ليواجه حملة المعارضة العنيفة لزيارة السادات للقدس المحتلة، ومفاوضاته مع إسرائيل- يحظر كل دعوة تناهض المبادئ التى قامت عليها ثورة يوليو 1952 ومايو 1971، أو تروج للمذاهب التى ترمى إلى مناهضة النظام الاشتراكى، أو مناهضة الإيمان بالقيم الروحية والدينية.
وحرم القانون كل من يرتكب هذه الجرائم من تولى الوظائف العليا فى الحكومة، أو القطاع العام، أو المؤسسات الصحفية، ومن الترشيح لعضوية المجالس المحلية، ومجالس النقابات، كما حرم من تولوا المناصب الوزارية أو قيادة الأحزاب قبل ثورة 23 يوليو، ومراكز القوى الذين حوكموا بعد ثورة 15 مايو 1971، من الاشتراك فى الأحزاب، ومن مباشرة حقوقهم السياسية، واعتبر ما ينشره أو يذيعه مصرى فى الخارج تجسسا، إذا كان من شأنه المساس بالمصالح القومية للبلاد، أو إفساد الحياة السياسية، وتعريض الوحدة القومية للخطر. وأناط القانون بالمدعى الاشتراكى التحقيق فى جرائم الإفساد السياسى الواردة فى القانون.
وكان من بين الذين انطبق عليهم هذا القانون فؤاد سراج الدين، رئيس حزب الوفد الجديد، وعبدالفتاح حسن، قطب الحزب، وهو ما ردت عليه قيادة الحزب باتخاذ قرار بتجميد نشاطه، ولم يعد إلى الحياة إلا بحكم من محكمة القضاء الإدارى بعد رحيل السادات.
وبعد عامين أصدر السادات قانون «حماية القيم من العيب» الذى ابتكر به بدعة المساءلة السياسية، ونص على معاقبة كل من يخالف نصوصه، التى لا تختلف كثيرا عما ورد فى قانون حماية الوحدة الوطنية، بالحرمان من الترشيح لعضوية المجالس النيابية ومجالس إدارة الشركات والأندية والنقابات، ومن تأسيس الأحزاب السياسية، ومن شغل المواقع الإعلامية والصحفية، دون الإخلال بأية عقوبة أخرى تأديبية أو جنائية.
المضحك فى الأمر أن السادات كان قد قام بثورة 15 مايو ليصحح -كما قال- فساد ثوار يوليو، ولكى يحقق المبدأ السادس الذى لم تحققه الثورة، وهو إقامة حياة ديمقراطية سليمة، فإذا به يصدر قوانين وصفها أحمد بهاء الدين بأنها مكارثية صريحة، سمتها أحزاب المعارضة بـ«القوانين سيئة السمعة»، وظلت تجاهد لإلغائها طوال سنوات من عهد مبارك، على الرغم من أنها لم تطبق فى عهده، إلى أن ألغيت بالفعل، وكان آخرها هو قانون العيب الذى ألغى مع إلغاء المدعى العام الاشتراكى فى التعديلات الدستورية لعام 2007.
أما وقد ارتفعت أصوات ثوار يناير لتطالب بإعادة تفعيل قانون الغدر، وهو الأول فى سلسلة القوانين الاستثنائية، فلا معنى لذلك، إلا أنهم قرروا أن يسيروا على خط مبارك بأستيكة- أو مكارثية- السادات.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

على

حد فاهم حاجة ؟؟

معلش لو حد فهم حاجة يفهمنى ينوبه ثواب

عدد الردود 0

بواسطة:

نصر

السادات خدع الشعب ..اعتقل القيادات الناصرية فى 13 مايو 1971 وأقالهم من الأعلام كله

عدد الردود 0

بواسطة:

د/ ماهر

الى رقم 1

عدد الردود 0

بواسطة:

د/ ماهر

الى رقم 1

عدد الردود 0

بواسطة:

أبو ندى

طب انت يا صلاح يا بن عيسى يا يساري يا متطرف فاهم حاجة

عدد الردود 0

بواسطة:

محمود سعيد

استاذنا الكبير صلاح

عدد الردود 0

بواسطة:

maemae

يكفى هذا

عدد الردود 0

بواسطة:

وليد

إلى الناس إلي عاملة نفسها مش فاهمة

عدد الردود 0

بواسطة:

المصرى الحر

طب وماله

انا صراحه مش فاهم حاجه من المقال .... مين ضرب مين

عدد الردود 0

بواسطة:

طارق سليمان

سعادتك ممكن تقولنا مين الصحفى اليسارى اللى إتمسك هو و زوجته و معهم جركن بنزين و بيحاولوا ي

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة