محمد إبراهيم الدسوقى

الوجوه الخمسة لمواجهات العباسية

الأربعاء، 27 يوليو 2011 09:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
إن بحثت عن عنوان عريض يختزل ما وقع من مواجهات واشتباكات فى العباسية، فلن تعثر على أفضل من: "كيف تجهض ثورة عظيمة خلال يومين؟" لقد كانت معركة العباسية بروفة مصغرة لما ينتظر مصر من مخاطر ومآسى وفواجع، إذا ترك الحبل على الغارب للساعين لدفعها نحو الانزلاق للفوضى المدمرة، وأن يستحكم العداء والبغض بين جموع المصريين والجيش فى لحظة فارقة سيترتب على نتائجها شكل وهيئة مستقبل الوطن.

ومن واجبنا النظر فى مجريات وأحداث "موقعة الجمل الثانية" لاستخلاص الدروس والعبر قبل أن يداهمنا الوقت المتاح لتصحيح المسار والمحافظة على روح ثورة الخامس والعشرين من يناير، لكى تظل نقية غير ملوثة بأخطائنا الفردية والجماعية، والتى عرفت سبيلها للزيادة فى الآونة الأخيرة.

انطلاقا من ذلك، فإن حرب شوارع العباسية كشفت عن خمسة وجوه يجب الانتباه إليها والخروج من أسرها سريعا، لأنها تلغم الطرق المؤدية لتأسيس نظام محترم كبديل لنظام حسنى مبارك، الذى لم يورثنا سوى الخزى والعار والفساد وتراجع هيبتنا وموضعنا بين البلدان المتقدمة، أول هذه الوجوه أننا فى خطر داهم يتحمل مسئوليته الثوار والمجلس العسكرى معا، فالثوار على تنوع توجهاتهم وانتماءاتهم السياسية والدينية لا يقبلون إلا بسياسة التنفيذ الفورى لمطالبهم التى يتصف معظمها بالعدل والمشروعية، ويطغى الاندفاع على تصرفاتهم وخططهم.

فالذين نظموا المسيرة السليمة لمعتصمى ميدان التحرير لمقر المجلس العسكرى، لإبلاغه برسالة تتضمن جملة طلبات، عرفوا أن هناك من يدبر لاعتراضهم والاشتباك معهم، وهو ما حدث مساء الجمعة الماضية، بالتالى كان يستحسن تأجيل مسيرة السبت المنصرم، تجنبا لاحتكاكات ومصادمات ستخلف العديد من المصابين وربما القتلى وستكون ذريعة لشيوع الفوضى. ثم ما الفائدة التى ستعود على القوى الثورية بمناوشة المجلس العسكرى فى هذا التوقيت؟ أن كان على إبلاغه بمطالبهم توجد وسائل كثيرة لإيصالها إليه بخلاف المسيرات.

بخصوص المجلس العسكرى، فإنه يأبى حتى لحظتنا تلك التخلى عن عادة التباطؤ فى الاستجابة لمتطلبات الثورة، وتركيزه فى الأيام الفائتة على نبرة التخوين لبعض الجماعات المشاركة فى الثورة، وكنت آمل أنه عندما اتهم حركة 6 إبريل بتلقى تمويل وتدريب أجنبى أن يقدم أدالة تثبت اتهامه وليس الاكتفاء بالإشارة بأصابعه نحو الحركة.

الوجه الثانى: أن أجهزة القمع الأمنية لمبارك ما تزال تنبض بالحياة والنشاط وتبعث بعملائها للاندساس وسط المسيرات والمظاهرات لتسخين الأجواء والحض على التعارك، فليس كل من تصدوا لمسيرتى الجمعة والسبت الماضين من أهالى العباسة، إذ ذكر شهود عيان أن بلطجية من خارج المنطقة احتشدوا فى الشوارع الجانبية لمطاردة المشاركين فيها، ولا أعتقد أن البلطجية خرجوا من تلقاء أنفسهم فلابد أنهم تحركوا بناء على تعليمات وصلتهم نظير الحصول على مقابل مادى بطبيعة الحال.

ودعونى أصارحكم بأن رد فعل حكومة عصام شرف على معارك العباسية كان دون المستوى المقبول، فرئيس الوزراء اكتفى بكتابة كلمتين على موقعه على الفيس بوك، وبهذا يكون قد أرضى ضميره وفعل أقصى ما فى جهده، بالنسبة لوزير داخليته اللواء منصور عيسوى فإنه فضل إراحة أعصابه بحضور حفل عشاء بفندق خمس نجوم على نيل القاهرة.

الوجه الثالث: أن نفوس الثوار لم تبرأ بعد من شحنات الغضب المتراكمة داخلها وتعميها عن تقديم صالح الوطن على مصالحهم ومواقفهم. هذا الكلام أعلم يقينا أنه سيغضب الكثيرين، لكنه الحقيقة، وأزيد عليه بأن المتحولين وكذبى الزفة ثبتوا أقدامهم داخل عدم تنظيمات وائتلافات تتحدث باسم الثورة، وأغلب هؤلاء كانوا يتعاملون مع جهاز مباحث أمن الدولة الذى دربهم على تدمير الحركات والجماعات المناوئة للنظام من الداخل، أليس غريبا أخذ قرار بالدعوة لمسيرة استجابة لشائعة لم يحاول احد التأكد من صحتها، مثلما وقع أخيرا، عندما قيل إن الجيش استخدم العنف ضد المتظاهرين فى الإسكندرية والسويس.

الوجه الرابع: أن الثورة فى حاجة لاستراحة وليس لتجميد كما قد يتبادر للبعض، هذه الاستراحة هدفها إعطاء فسحة من الوقت للعمل ولاختبار نوايا الحكومة والمجلس العسكرى، مع الحفاظ على اليقظة والحذر، وشخصيا اعترض على اختزال رمزية الثورة فى الاعتصام بالميادين العامة، رغم أهميته، فمن يؤمن حقا بالثورة عليه العمل وباجتهاد، حتى تصل الثورة لكل ربوع مصر، وأحيلكم إلى تصريح مهم للمستشار هشام البسطويسى، قال فيه: "إن الثورة عليها أن تأخذ نفس مرتاح لاستكمال مكوناتها".

الوجه الخامس: أن استمرار التجاذب بين ائتلافات الثورة والمجلس العسكرى ستدخلنا نفق العجز عن تحقيق الأهداف، فالثورة لها أهداف مهمة وسامية إلى جانب محاكمة الرئيس المخلوع وحاشيته واسترداد أموالنا المنهوبة، وإن حصرنا جل همنا فى اتجاه واحد فإن مسيرة بناء مصر الجديدة سوف تتعطل وتنزلق السيارة للخلف وليس للإمام كما نأمل ونرجو، ولنحافظ على مصرنا الغالية من عبث العابثين على كل الجبهات.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 8

عدد الردود 0

بواسطة:

mo3az

مصر اسلامية وليست علمانية ولن نرضى بمبادىء فوق دستورية ونريد محاكمات علنية ولن نقبل بالمهل

عدد الردود 0

بواسطة:

الهام

الوجه السادس

عدد الردود 0

بواسطة:

ابو مازن

موقعه جمل تانيه ايه

عدد الردود 0

بواسطة:

ragia

اعترفوا بالغلط بقى وبلاش استفزاز

عدد الردود 0

بواسطة:

ragia

اعترفوا بالغلط بقى وبلاش استفزاز

عدد الردود 0

بواسطة:

درش

سيبوهم في حالهم

عدد الردود 0

بواسطة:

ابوحاتم

الثائر الحق

عدد الردود 0

بواسطة:

مصراوي

لازم

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة