دعوا الحكومة تعمل

لا يمكن لأحد الادعاء بمعرفة كاملة بمن اختارهم عصام شرف فى تشكيلته الحكومية الجديدة، وإذا أخذنا كل وزير على حدة، فسيكون له إيجابياته، وسلبياته، وسنجد من يوافقون على اختياره، ومن يعترضون، والمشكلة الحقيقية أننا نتعامل مع هذه الحكومة، وفقا للأشخاص وبالقطعة، وليس حسب ما يفترض أن تقوم به، وخطة الحكومة فى هذه المرحلة.

وربما تسبب المجلس الأعلى للقوات المسلحة وعصام شرف فى هذا الالتباس، لأن رئيس المجلس العسكرى المشير محمد حسين طنطاوى لم يصدر خطاب تكليف الحكومة، يحدد فيه المهام الملقاة على عاتقها، والواجب منها تنفيذه حتى انتهاء الانتخابات البرلمانية المقبلة وتشكيل حكومة جديدة تعبر عن الأغلبية البرلمانية القادمة.. بنفس القدر الذى لم يخرج فيه رئيس الحكومة لا عند تكليفه الأول، ولا عند تكليفه الثانى، ببيان يوضح فيه خطة عمل الحكومة التى ينوى تشكيلها.

ولأن الأهداف العامة والخطط التى ستسير عليها الحكومة غير واضحة، ولأنه ليس لدينا برلمان، وبالتالى لن يذهب رئيس أى حكومة بعد تشكيلها إلى مجلس الشعب ليلقى بياناًًً بما سيفعله، تحول تشكيل الحكومة من حديث فى السياسة، والخطط والبرامج، إلى كلام عن الأشخاص، وهل الوزير المرشح قادر على إدارة وزارته أم لا؟

وللأسف أيضا، أصبح من حق 50 موظفاًًً فى المجلس الأعلى للآثار رفض وقبول وزير الدولة لشئون الآثار، لمجرد أنهم ذهبوا وتظاهروا أمام ديوان رئيس الحكومة، واستجاب شرف لضغوط الموظفين، دون أن يتحرى أو يسأل نفسه هل هذا التحرك له ما يؤيده.. أم أنها ثورة كبار الموظفين الخائفين على نفوذهم وامتيازاتهم؟.

فى كل الأحوال أدت الحكومة اليمين القانونية أمام المشير، وحسب موقع "اليوم السابع"، فإن رئيس المجلس العسكرى الحاكم الذى يدير شئون البلاد كلّف الحكومة الجديدة بـ18 مهمة عاجلة، وهذا أشبه بخطاب التكليف الذى يفترض أن يوجه لرئيس الحكومة قبل المشاورات، وليس بعدها، وبالتالى بدأت الحكومة عملها فعلاً من اليوم، وستستمر معنا حتى نهاية شهر ديسمبر المقبل، أى حوالى خمسة أشهر، وكل ما يأمله البعض، وأنا منهم، هو أن نترك هذه الحكومة التى ولدت ولادة عسيرة تعمل حتى انتهاء الفترة الانتقالية، صحيح أن لديها الكثير من الملفات العاجلة والصعبة، مثل استعادة الأمن، والمحافظة على الوضع الاقتصادى كما هو، ومنعه من الانهيار أكثر، لكن الأهم أنها الحكومة التى ستدير الانتخابات، وتكون مسئولة عنها حتى تسلم البلاد إلى حكومة منتخبة من الشعب عبر البرلمان، فدعوا الحكومة تعمل.. دعوها تمر.. ولنحاسبها بعد انتهاء الفترة الانتقالية، وليس كل يوم، ولا كل جمعة فى ميدان التحرير.