سعد هجرس

الحكومة المعدلة تحت عيون مجلس أعلى للثورة

الأربعاء، 20 يوليو 2011 02:21 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
رغم أن الدكتور عصام شرف حمل حقيبة وزارية لفترة قصيرة فى عهد الرئيس المخلوع حسنى مبارك، فإن منهج تفكير النظام السابق قد استحوذ عليه تماماً، وهو الأمر الذى نجد بصماته واضحة فى التعديل الوزارى الأخير.. فقد كان مبارك يتلكأ طويلاً قبل أن يقدم على إجراء أى تغيير فى أى من حكوماته، حتى بعد أن يكون سوء الأداء الحكومى قد أصبح مستفزاً للبشر والحجر.

وبعد خراب مالطة.. تتسرب أخبار وشائعات عن اعتزام سيد قصر العروبة إصلاح «الحال المايل» والقيام بتغيير شامل.. وتظل هذه الشائعات والتوقعات تتناثر وتتفاعل أسابيع وشهورا، ومع تزايد إيقاعها يتزايد ارتفاع سقف توقعات المصريين.. وبعد نفاد صبر الناس يتمخض الجبل ليلد فأراً.. ويفاجأ المصريون بتعديل تافه أشبه بلعبة الكراسى الموسيقية.
هذا الأسلوب بحذافيره، يتم اتباعه بعد 25 يناير، فالغالبية العظمى من المصريين قد عبرت بأشكال شتى عن عدم رضاها عن أداء حكومة الدكتور عصام شرف التى فشلت فى تحقيق الحد الأدنى من المطالب الملحة للجماهير والأهداف المعلنة للثورة.

ومع ذلك تمسك المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالدكتور عصام شرف وحكومته،
وبعد أن تزايد السخط الشعبى تناثرت الشائعات عن تغيير الحكومة، وعن تقديم الدكتور شرف استقالته أكثر من مرة.. واستمرت التسريبات عن التغيير الكبير المنتظر، ثم فوجئ الجميع بتكليف الدكتور عصام شرف نفسه بتشكيل الحكومة الجديدة.. ولم تكن هذه هى المفاجأة الوحيدة بل تبعتها مفاجأة أخرى هى أنه لم يحدث «تغيير» بل مجرد «تعديل». وهذا أول التفاف على مطالب الثوار بتغيير شامل وناجز.. الالتفاف الثانى هو أن هذا «التعديل» الهزيل لم يتكفل بتطهير الحكومة من رموز النظام القديم، بل اكتفى بالاستغناء عن خدمات بعضهم، فى حين أبقى على بعضهم الآخر متذرعاً بأن هؤلاء يعكفون على ملفات حساسة لا يوجد من يصلح للتعامل معها بكفاءة!!

والأسوأ.. أن بعض القادمين الجدد جاءوا من أمانة سياسات الحزب الوطنى المنحل أيضاً، فى إصرار عجيب على عدم فك الارتباط بالنظام القديم المترنح وإصرار أعجب على تحدى رغبة الثوار!

وبعد هذا التحايل نجد أموراً أخرى لافتة للنظر فى هذا «التعديل» تستحق أن نتوقف أمامها من أهمها استبعاد المرأة المصرية، باستثناء السفيرة فايزة أبو النجا الموجودة أصلا فى حكومات ما قبل وما بعد 25 يناير!!

وهذا إقصاء يبعث على الاستغراب، خاصة فى ظل الدور العظيم الذى لعبته المرأة المصرية فى الثورة، وجاءت التعديلات الوزارية الأخيرة لـ«تعاقبها» على هذا الدور النضالى بالتهميش والتجاهل!!

ولا يعنى هذا أن التعديل الوزارى كله سلبيات، فهناك بالقطع إيجابيات لا يمكن إنكارها أو تجاهلها، حيث تضمن التعديل انضمام شخصيات عظيمة الشأن إلى الحكومة «الجديدة»، كالدكتور حازم الببلاوى على سبيل المثال لا الحصر.

لكن المشكلة أننا إزاء حكومة لم يصل إلى علمنا خطاب تكليف لها، وإذا كان هناك خطاب تكليف– وهو الأرجح – فإن أحداً لم يهتم بإطلاعنا عليه. والمشكلة الأكبر هى الجهة المنوط بها مراقبة تنفيذ ما جاء فى خطاب التكليف المشار إليه، فنحن نعرف أن هذه الجهة فى الظروف العادية، فى البلدان الديمقراطية، هى البرلمان، ونحن ليس لدينا مجلس شعب أو مجلس شورى الآن.

فمن الذى سيراقب أداء الحكومة؟!

مفهوم بالطبع أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يمتلك هذه الصلاحيات بحكم الإعلان الدستورى، لكن ذلك لا يحل المشكلة، حيث تبقى الثورة والثوار خارج الصورة، ولهذا نقترح على ائتلافات الثورة والأحزاب السياسية، القديمة والجديدة، أن تتوافق على آلية لتشكيل «مجلس أعلى للثورة» يضطلع بهذه المهمة الضرورية– ضمن مهام أخرى- كأحد الضمانات المطلوبة للتقريب بين حكومة الدكتور عصام شرف– على علاّتها- وبين أهداف الثورة.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة