محمد إبراهيم الدسوقى

قضاة الشارع وقضاة المنصة

الثلاثاء، 19 يوليو 2011 10:26 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لدينا الآن نوعان من القضاة، الأول من قضوا سنوات يدرسون القانون وأصوله فى الجامعة قبل التحاقهم بسلك القضاء، وهؤلاء يصدرون أحكامهم وفقا لبراهين ومعايير يحدد على أساسها المتهم من البرئ، وعند نظره ملف القضية فإن المتهم فيها برئ إلى أن يثبت العكس، وما قد تراه وأراه أنا قرائن إدانة لا يتطرق إليها الشك، ربما يعتبرها القاضى دلائل براءة.

النوع الثانى من القضاة، هم من يملأون دنيانا صخبا وصراخا وعويلا، ويعقدون محاكمات على الأرصفة، ينهونها بإصدار أحكام إعدام بحق أشخاص كانوا حتى يوم قريب يعتلون كراسى السلطة.

لا يكتفى هذا النوع، الذى سوف أصفه بقضاة الشارع، بادعاء فهم وهضم القوانين ومسالكها ودروبها، وإنما يوجهون مدافع غضبهم واعتراضهم على قضاة حكموا ضمائرهم اليقظة، لدى نظرهم فى ما عرض عليهم من قضايا تخص بعض أركان نظام مبارك، للفصل فى صحة ما وجه إليهم من اتهامات بالفساد واستغلال مناصبهم لتكوين ثروات طائلة بطرق غير مشروعة، فكل منا ـ ولا استثنى أحدا ـ أصبح قاضيا وفقيها دستوريا، ويعطيك انطباعا بأنه يفهم فى القانون، ويقدر على مناظرة أشد القضاة ووكلاء النيابة بأسا وخبرة، وأن المتهم الماثل أمامهم مجرم عتيد مكانه الطبيعى خلف القضبان.

يظن هؤلاء ـ قضاة الشارع ـ أن عدم رضاهم عن الحكم ضد هذا المسئول أو ذاك يمنحهم رخصة وعصمة لإظهار مشاعرهم الغاضبة بتحطيم قاعات المحاكم وسيارات المواطنين، الذين يصادف أن يقودهم حظهم غير السعيد للتواجد فى نفس المكان لحظة إطلاقهم العنان لشحنات الغضب والتدمير.

وأكمل الجملة بتأكيد تأييدى توقيع أقصى عقوبة على رؤوس الفساد والمفسدين والقتلة فى العهد السابق، وبأن بعضهم يستحق القتل، جزاء ما فعله من آثام أضاعت مستقبل مصر وشعبها، لكن ما أرجوه وأبحث عنه، هو أن نفتح عقولنا ومداركنا كلها لحقيقة قاسية نحتاج أن نصارح أنفسنا بها، وأن نجيب على السؤال الدقيق التالى:

هل نريد قضاء عادلا شفافا نزيها غير خاضع لضغط وترهيب وتخويف من السلطة الحاكمة سواء كانت رئيسا أو حكومة، أم نريده مرتعشا يضبط بوصلته على ما يأمله ويحدده الشارع وقضاته؟

بدون تردد فإننا نطمح لأن يكون قضاؤنا مستقلا عن أى جهة تأثير بما فيها الجماهير الغفيرة المكتظ بهم ميدان التحرير وأخوته من الميادين فى باقى محافظاتنا، ونعيد ونكرر واقع أن مطالبتنا بذلك لا يجب ترجمته على أنه دعوة مبطنة للتفريط فى حقوق الشهداء والمصابين فى ثورة الخامس والعشرين من يناير، لكنه رجاء لاحترام أحكام القضاء مع إدراكى أن كثيرين يؤمنون بأن مبارك تسبب فى إفساد العديد من القضاة وتقزيم صلاحيات القضاء، ويدعون لتطهير هذا القطاع الحيوى ـ القضاء ـ من مخلفات وأثار فساد الرئيس المخلوع، غير أن الاعتراف بما سلف لا يعنى أن الفيروس أهلك القطاع بكافة جوانبه وأطرافه، وأن فساد نفر من أهله يلوث الأسرة كلها بالخزى والعار أبد الآبدين، فمن أفراده الكثير من الشرفاء الذين لم يخونوا أمانتهم وقسمهم بالحكم بالعدل، ولا أرى من مغزى خلف حملة التشكيك والشك فى القضاء سوى محاولة خبيثة لتفخيخ الوطن داخليا، وأذكركم ونفسى بأن ذات القضاء أصدر عددا من الأحكام المخالفة لرغبات آل مبارك وحاشيته، ومن واجبنا الوطنى ألا نصم القضاة جميعا بالتبعية والاستهانة بمشاعر أسر ضحايا الثورة باستصدارهم أحكاما لا تلق قبولا ورضا من الشارع الذى يرد عليها بإعلان أحكامه المفصلة على مقاس أهله وعشيرته غير الراضين.

واختم بأن القضاء واستقلاله يعد ركنا أساسيا فى بناء دولة مؤسسات حقيقية لا تتأثر ولا تنهار باختفاء شخص ما فى موقع المسئولية مهما كانت عبقريته وجبروته، وسنضمن أنه سيقف حجر عثرة يردع نزوات الحاكم ويتصدى بشجاعة لمشاريع التوريث على إطلاقها وفى كل المجالات.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 8

عدد الردود 0

بواسطة:

مصري

كلمة حق

بارك اللة في كاتب المقال

عدد الردود 0

بواسطة:

ياسر المصرى

كلام رائع

عدد الردود 0

بواسطة:

مواطن مصرى

مواطن مصرى

عدد الردود 0

بواسطة:

lpl]

هذه هى الحقيقة

عدد الردود 0

بواسطة:

Mido

رجل واااعى بحق !!

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب مصدر السلطات

فى مصر كلا النوعين يحكم بالريموت كنترول

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب مصدر السلطات

فى مصر كلا النوعين يحكم بالريموت كنترول

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب مصدر السلطات

فى مصر كلا النوعين يحكم بالريموت كنترول

بدون

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة