د.لميس جابر

بيت الكويت والسياحة ورحلة شجن

الثلاثاء، 28 يونيو 2011 03:38 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى أواخر الشهر الماضى، جاء إلى مصر وفد من دولة الكويت برعاية مجلس أمناء «بيت الكويت الوطنى«.. فى مبادرة أخوية لتشجيع وتنشيط السياحة فى مصر، وأيضاً لدعوة رجال الأعمال والمال والاقتصاد للمشاركة فى دعم الاقتصاد المصرى، وللدراما والفن المصرى، وقد جاء ليناشد كل دول مجلس التعاون الخليجى الوقوف مع مصر فى الإنتاج والشراء والتوزيع..

و«بيت الكويت» هذا هو بيت للأعمال الوطنية، وهو متحف وبانوراما لحرب تحرير الكويت، وبه جناح كبير للقوات المسلحة المصرية، وتفاصيل لما قامت به وقدمته للمشاركة فى تحرير الكويت.. جاء «هذا» الوفد برئاسة رجل عربى يحمل بين ضلوعه قلبين.. أحدهما كويتى والآخر مصرى.. جاء ليقول: جئنا لرد الجميل.. وجاء الوفد ليقول إن مصر آمنة، ولا تستمعوا للشائعات المغرضة التى تخيف السائح حتى لا يذهب إلى مصر، جاء «يوسف العميرى» ليعلن لأبناء الخليج أنه فى مصر، وفى ميدان التحرير، وفى شوارع مصر، وهى دعوة لكل أبناء الخليج والأمة العربية لكسر حاجز الخوف من المجىء إلى مصر.. جاء ليقول إن مصر منارة ودرع الأمة العربية، وإن قوة مصر من قوة العرب.. وكانت مبادرة صادقة جداً ومؤثرة جداً، جعلتنا نسرع بتلبية الدعوة للسفر لرد الزيارة، ورد الشعور الرائع بالود والامتنان.. سافرنا من أجل استكمال الحركة لتنشيط السياحة، ولإثبات وإعلان ما قاله الإخوة المحبون من قبل.. «إن مصر بلد آمن» ولا ينقصه إلا السياح..

وسافرنا وقد سبقنا سيادة وزير السياحة منير فخرى عبدالنور.. هذا الرجل الوطنى شديد الوطنية، وسليل عائلة مغرقة فى التاريخ الوطنى، ومنذ تولى وزارة السياحة وهو لا يكل ولا يمل، ويذهب ويسافر ويروح ويجىء بشكل متواصل، حتى ينقذ ما يمكن إنقاذه، ويدفع العجلة بكل قوته حتى تدور ولو ببطء.. وفى المطار الجديد «الثالث» وفى طريقنا إلى الطائرة انقبض قلبى.. فقد رأيت لأول مرة منذ أنشأ «الفريق شفيق» هذا الصرح، الطائرات واقفة فى صفوف.. طابور ساكن سكون الكساد المخيف.. صالات المطار خاوية، ذلك الخواء الذى ينشط مشاعر الاكتئاب واليأس.

فى مطار الكويت سرنا.. وهى المرة الأولى التى أسافر فيها إلى خارج مصر بعد 25 يناير.. وأنا كنت عادة عندما أغادر مصر، أتوقف تماماً عن أى نقد لرئيس الدولة، ولا أحب إلقاء النكات السياسية، ولو تجرأ أحد وأهان رئيساً من رؤساء مصر فتكون الطامة الكبرى، وممكن أن ينقلب الموقف إلى مشاجرة مؤسفة.. هذه المرة أصابنى إحساس غريب وأنا أنظر محدقة فى وجوه أهل الكويت، ورغم أننى أعلم أنهم محبون لمصر والمصريين جداً، إلا أننى شعرت بأننى أحمل إهانة رئيس أمتى المصرية فوق رأسى.. وطغى هذا الشعور على الفخر والزهو بثورة الشباب، هذا الرجل الراقد فى حجرة فى مستشفى شرم الشيخ، كان كبير الزعماء والملوك العرب لمدة ثلاثين عاماً، كان يمثل الشعب المصرى كله.. يمثلنى ويمثل كل من يقرأ هذه الكلمات، وكل من يسب ويلعن، ويتهم ويهين، يمثلنا بين كل رؤساء دول العالم.. وفى كل المحافل والمؤتمرات الدولية.. وبعيداً عن الأداء السياسى والنجاح والإخفاق والحساب هذا الرجل كان رمزاً لمصر.

همس البعض بعد الترحيب الشديد وفى تردد «لم نكن نحب أن يحدث ما يحدث لمبارك»، وقال شاب مصرى يعمل بالفندق وبصوت عال «لقد أضاع مصر».. قلت له: «لا تتعود أن تسب بلدك وتنعتها بالضياع، ولا أن تسب رئيسك السابق أو الحالى وأنت خارج حدود الوطن، حاول أن تحمل معك أى مشاعر بالفخر والاعتزاز لعلها تحميك من أمراض الغربة وبرودة البعاد».

شاركنا هناك بحماس شديد فى حوارات ومؤتمر صحفى، لندفع فيه الشائعات المرعبة التى يؤكدها إعلامنا المصرى المرئى والمقروء والتى يرددها باستمرار للأسف الشديد، وأدى تلطيخ كل رؤساء مصر السابقين إلى دعاية مكثفة للملك فاروق والملكية وعصرها.. تصوروا؟ ومن فعل ذلك بنا ؟ ومن يقدر على هذا سوانا!!

فى العودة كان الزحام رهيبا، فهو موسم العودة للمصريين العائدين وعلى وجوههم الفرحة والشوق إلى الوطن.. ولكن للأسف الخدمة فى مصر للطيران تنحدر.. الطعام سيئ ويد المقعد طلعت فى يدى.. وتشاجرت زميلة لنا فى المطار بسبب عدم نظافة الحمامات وأخذت تصرخ: «حرام عليكم عاوزين سياحة إزاى؟!.. همست لنفسى.. وهل من المعقول أن يخرج كل جمعة عشرات الأشخاص ليقفوا أمام مستشفى شرم الشيخ ليسبوا ويلعنوا ويطالبوا برحيل مبارك من شرم الشيخ، حتى تعود السياحة للمدينة مرة أخرى؟ وهل يمنع وجود مبارك فى المستشفى مجىء السياح إلى شرم الشيخ؟.. والصحافة ما تصدق وتعلن فى صدر الصفحات الأولى، أن الآلاف يطالبون برحيل مبارك، وآخر جمعة صرخوا.. إن الحرب تقوم حول المستشفى، وطلقات الرصاص تدوى فى الفضاء..

وهكذا تنشط السياحة ويتدفق السائحون أفواجاً.. تصوروا الناس فى الكويت يضعون مصر فى أعلى المراتب ويحاولون دعم سياحتها، ونحن نهبط بها إلى أسفل السافلين، ونغلق أبواب السياحة بالضبة والمفتاح..








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

مي

انجزني فأوجزتي

عدد الردود 0

بواسطة:

ولاء محمد

انت تقولي ما في قلبي وعقلي

عدد الردود 0

بواسطة:

ايهاب البدري

الانهيار

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد

الرئيس محمد حسنى مبارك محظوظ

عدد الردود 0

بواسطة:

محمود

لا يا سيدة لميس

عدد الردود 0

بواسطة:

ahmed

فوضه 25

عدد الردود 0

بواسطة:

باسنت

كالعاده

كالعاده ممتاذه من بيت اصيل مصريه بمعنى الكلمه

عدد الردود 0

بواسطة:

shahenda

الحقيقة

عدد الردود 0

بواسطة:

مصرى مغترب

اين كان الكوايته أثناء حرب الخليج ؟؟ فى شارع الهرم وجامعة الدول

عدد الردود 0

بواسطة:

ايهاب

انسانه جميله ومحترمه

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة