سعد هجرس

سابق.. ومخلوع بالثلاثة

الأربعاء، 15 يونيو 2011 05:00 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من حق (المواطن) طارق المهدى أن يسبغ ما يشاء من ألقاب على حسنى مبارك، بما فى ذلك الألقاب الإيجابية التى تضع مبارك فى صفوف الملائكة.

لكن ليس من حق (اللواء) طارق المهدى القائم بتسيير أعمال اتحاد الإذاعة والتليفزيون أن يفرض آراءه الشخصية على القنوات التليفزيونية المصرية، الحكومية والخاصة، وأن يصدر لها أمراً بأن تصفه بأنه (الرئيس السابق)، وهذا الأمر مصحوب بـ(فرمان) آخر يحظر استخدام (الرئيس المخلوع).

سيادة اللواء طارق المهدى نسى أو تناسى حقيقة بسيطة، هى أن مبارك لم يقدم استقالته من منصب الرئاسة، بل إنه تمسك بالكرسى ثلاثين عاماً متصلة. وقال على الملأ إنه لن يترك هذا الكرسى حتى آخر نبض فى عروقه، وعرف المصريون جميعا أنهم لن يتحرروا من حكم مبارك حتى بعد آخر نبض، لأن إجراءات توريث الحكم تم ترتيبها بعناية وتسخير كل أجهزة الدولة لتنفيذها وتذليل كل العقبات التى تجابهها مهما كانت، ومهما تكلفت سياسيا واقتصاديا وإنسانيا.

وما حدث يوم 25يناير واستمر بعدها على مدار ثمانية عشر يوماً لم يكن اقتراعاً سلمياً وديموقراطيا لتحديد شخص الرئيس الذى سيخلف مبارك، بل كان ثورة على هذا الحاكم المستبد الذى دأب على تزوير إرادة الأمة، والذى أدت سياساته إلى إفقار الغالبية العظمى من المصريين وحرمانهم من حقوقهم الأساسية فى التعليم والعلاج وغيرها من حقوق الإنسان.
وبعد أن فشلت كل المساعى والنداءات لم يعد هناك مناص من الثورة التى أجبرت مبارك على الإذعان ومغادرة قصر العروبة بعد إجباره على التنحى.

وهذا يعنى ببساطة أنه لم يتنازل عن السلطة بل تمت تنحيته، ولهذا لا يمكن وصفه سوى بأنه الرئيس المخلوع، وإذا كان اللواء طارق المهدى ينزعج من ذلك فهذا حقه، لكن الذى ليس من حقه هو أن يفرض رأيه الشخصى علينا وعلى التاريخ.

وإذا كان اللواء طارق المهدى يفعل ذلك من باب الحرص على مقام الرئاسة، فإنه كان من الأولى لمبارك أن يحافظ على هيبة المكانة التى تبوأها.

وكان بمقدور مبارك أن يفعل ذلك أولاً، وأن يفى بوعده الذى قطعه على نفسه علنا وعلى رؤوس الأشهاد عندما تولى منصب الرئاسة، وتعهد يومها بألا يجلس على كرسى الرئاسة أكثر من دورة واحدة، لكنه لم يفعل سوى العكس على طول الخط!
وكان بمقدوره أن يفعل ذلك ثانياً بأن يحارب الفساد وأن يحافظ على مقدرات البلد، لكنه فعل العكس وترك الحبل على الغارب للفاسدين والمفسدين وأهدر المليارات من مقدرات المصريين. فلماذا نحافظ على مشاعر رئيس أهان المصريين بهذا الشكل، ولماذا يحاول اللواء المهدى أن يخص مبارك بهذه المعاملة الخاصة، ويحاول أن يفرض علينا إطلاق صبغة معينة عليه، فهو ليس رئيس مصر الوحيد كما نعلم، بل سبقه فى رئاسة مصر -بعد الملكية- ثلاثة رؤساء هم محمد نجيب وعبدالناصر والسادات، وكل واحد من هؤلاء له دور مهم جداً فى تاريخ هذا البلد بصرف النظر عن سلبياته.

فلماذا يصر اللواء المهدى على أن نطلق على مبارك لقب (الرئيس السابق)، ولا يضع هذا الشرط على أى من الرؤساء السابقين؟!

هل على رأس مبارك ريشة؟ وهل سجل إنجازاته أهم من سابقيه؟!
الأخطر من حقيقة أن تعليمات السيد اللواء المهدى ليست منطقية، أنها غير مقبولة من حيث إنها تحاول فرض توجهات على الإعلام المصرى كنا نعتقد أنه قد فات زمانها.
لا يا سيدى.. نحن لم نرفض وصاية أنس الفقى وأمثاله لنستبدلها بوصايتك أو وصاية غيرك. وأنت شخصياً لم تكن لتجلس فى هذا الكرسى الذى تجلس عليه الآن، لتقول من فوقه هذا الكلام لو أن المصريين لم (يخلعوا) مبارك وأنس الفقى وباقى زعانف نظامه المترنح. وبالتالى فإن الشىء الوحيد المقبول منك -مع كامل الاحترام لك- هو أن تكون معبرا عن أولئك الذين أجلسوك مكان أنس الفقى، وهؤلاء لم يقولوا لك إن مراعاة مشاعر مبارك هى مهمتك أو مهمة غيرك. وهؤلاء لم يقولوا لك إن إخفاء معالم (موقعة الجمل) هى مهمتك أو مهمة غيرك.

فقد ولىّ ذلك الزمان الذى كان يمكن فيه (التعتيم) على الحقيقة أو (تجميلها) بعبارات رخوة من قبيل (النكسة) و(تحريك الأسعار) و(الرئيس المخلوع).
علما بأن خطورة الموقف لا تتعلق بالوصف اللازم لحسنى مبارك، وإنما تتعلق بموضوعات أكثر أهمية، يتم التعامل معها بنفس (المنطق)، ويحاول البعض إرغامنا على ابتلاعها.. بالذوق.. أو.. بالذوق!!








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة