محمد إبراهيم الدسوقى

هكذا خاطب نجيب محفوظ ثورة 25 يناير

الجمعة، 10 يونيو 2011 10:22 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
أدبينا العبقرى الراحل نجيب محفوظ، لم يدر بخلده أنه سيترك رسالة ذات مغزى عميق لثوار الخامس والعشرين من يناير قبل 21 عاما من ثورة المصريين على الظلم والفساد والقمع، ألمح إمارات وعلامات التعجب وقد كست وجهك، لكن اصبر قليلا، لتعرف أصل الحكاية وتطورها.

ففى عام 1990 قرر الكاتب الفذ رجاء النقاش، تأليف كتاب عن مشوار نجيب محفوظ الفائز بجائزة نوبل فى الأدب، ورحب محفوظ بالفكرة، والتقى على مدار عام بكامله مع النقاش لتزويده بما يبغى من معلومات وإجابات على تساؤلاته واستفساراته التى شملت جوانب كثيرة، لا تخص فقط حياته الشخصية والأدبية، بل أيضا ـ وهذا هو الأهم ـ أفكاره السياسية التى كان يحجم عن الإفصاح عنها، بما فيها وجهة نظره فى رؤساء مصر الأربعة بعد الثورة: محمد نجيب وجمال عبد الناصر وأنور السادات وحسنى مبارك.

واستوقفتنى عبارات دالة حملت استشرافا للمستقبل، وما نتابعه فى أيامنا تلك من تطورات ومنعطفات تلت ثورة الخامس والعشرين من يناير، ومن بين ما قاله نجيب محفوظ فى هذا السياق: "من خلال قراءاتى فى التاريخ، خاصة تاريخ الثورات الكبرى، وجدت أن هناك قاعدة مشتركة تنطبق علينا جميعا، وقد أشارت إلى ذلك فى رواية "ثرثرة فوق النيل"، وهى أن الثورة يدبرها الدهاة، وينفذها الشجعان، ويفوز بها الجبناء".

تمعن معى الجملة الأخيرة، بعدها سوف تشعر وكأن الرجل يحدثنا عن وقائع 2011، فالثورة أعدها ومهد التربة لها جموع غفيرة من الشرفاء الذين دفعوا ثمنا غاليا لمواقفهم من النظام السابق، فمنهم من اعتقل، ومنهم من ضرب وترك فى الصحراء، ومنهم من سجن، بعدها خرج الشجعان من الصغار والكبار والمسلمين والمسيحيين إلى شوارع القاهرة والإسكندرية والسويس، ثم اعتصموا فى ميدان التحرير، إلى أن خلع حسنى مبارك بشق الأنفس، وما أن بدأ الشجعان الذين ضحوا وعانوا فى التقاط أنفسهم، طلبا لاستراحة محارب، حتى خرج سارقو الفرح يريدون حصد الثمار الطيبة، بزعم أنهم كانوا من أشعل جذوة الثورة المجيدة فى نفوس المصريين.

وحاول بعضهم إلباس ثورة الخامس والعشرين من يناير ثوبه إمعانا فى التدليس وسوء القصد، فذاك صبغها بصبغة الإخوان المسلمين، ومقابله آخر لونها بلون السلفيين، وهذا صبغها بصبغة اليسار وهلم جرا.

وفى موضع آخر يقول محفوظ: "لا أبالغ عندما أقول أن مصر لا تحتاج الآن إلى زعيم من أمثال عبد الناصر أو سعد زغلول، لأن وجود مثل هذا الزعيم فى الظروف الراهنة يربك الأمور، ويعطل الديمقراطية، ذلك أن حب الناس له سوف يجعلهم يتغاضون عن أخطائه، حتى ولو كان من هذه الأخطاء فرض أسلوب الرأى الواحد، ووضع المعارضين فى السجون، إن مصر بحاجة إلى حاكم وطنى مستنير، لديه إجابة علمية واضحة عن هذا السؤال" ما هو دور مصر فى هذا النظام العالمى الجديد؟".

بهذه العبارة الموجزة البليغة شخص لنا نجيب محفوظ حالتنا الراهنة، فكلنا فى حيرة من أمره، حينما نفكر فى من يصلح لقيادة مصر فى السنوات المقبلة؟ ولم بالتشخيص الدقيق، بل إنه قدم لنا الحل الأوفق لمعضلتنا، بأن تشغل الرئاسة شخصية وطنية حصيفة لديها القدر الكافى من الاستنارة، ويتوافر فى ذهن القادم فى علم الغيب رؤية علمية وعملية لإخراجنا من مشكلاتنا، نحن لسنا فى حاجة للقائد والزعيم الملهم وصاحب الضربة الجوية والذى ينتظره قادة العالم للاستماع إليه، ولنظرته الثاقبة النافذة لتسوية الأزمات العالمية والمحلية بالمرة، إننا نحتاج لإنسان طبيعى يحب حقا وصدقا هذا الوطن، وراغب فى العمل لأجله، وليس لأجل الجاه والسلطان، ومنافع وثروات السلطة، ولا نملك سوى تحية نجيب محفوظ والدعاء له بالرحمة على رؤيته الاستشرافية لحالنا الآنى.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 4

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد الحجر

مأساه ورا مأساه

عدد الردود 0

بواسطة:

هناء

ورحم الله كاتبنا العظيم

تحية للتعليق رقم1

عدد الردود 0

بواسطة:

ابو العيس

كلام فاضي

عدد الردود 0

بواسطة:

مصراوي

ارحمونا

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة