كريم عبد السلام

حديث جانبى مع ضابط شرطة

الإثنين، 09 مايو 2011 12:05 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كان المنظر غريباً إلى درجة العبثية، عدد من أهالى المحتجزين اقتحموا قسم شرطة بمنطقة شعبية قرية من النيل، وأطلقوا جميع المتهمين عنوة، ليخرجوا من الحجز مبتسمين على مهلهم وكأنهم يتنزهون فى حديقة وهم يتضاحكون ويتبادلون القفشات ويشيرون لرجال الشرطة الذين وقفوا خارج البوابات.. "مع السلامة .. باى .. باى".

المحتجزون الهاربون كلهم مسجلون خطر جرائم بلطجة وسرقة ومخدرات، يتلكأون فى هروبهم إمعاناً فى إهانة رجال الشرطة، الذين وقفوا مكتوفى الأيدى من المفاجأة وانقلاب الأحوال، بينما أهاليهم تكيل السباب "للداخلية" من أكبر كبير إلى أصغر عسكرى وهم يرددون الشعار أحمد السقا الشهير "من النهاردة مفيش حكومة .. إحنا الحكومة" وعندما زاد الأمر عن حده خرج عدد من رجال وشباب المنطقة لحماية القسم وإبعاد المتهمين "الهاربين"!

الطريف والمؤلم فى الأمر أن شباب ورجال المنطقة الذين هبوا لنجدة قسم الشرطة ورجاله من اقتحام "المسجلين" انصرفوا بعد هدوء الأوضاع، ولم يبق سوى بعض البلطجية الذين أرادوا مجاملة رجال القسم على طريقة تقديم السبت انتظاراً للأحد والاثنين، "النهارده أنا بره لكن بكرة ممكن أكون جوه الحجز، يبقى لى جميل على الأمين أو ضابط النوبتجية"، ووقف أحد البلطجية يرتدى شورت وفانلة داخلية ويمسك بيده جنزيراً ويميل على أحد الضباط حديثى التخرج.. "إحنا اللى بنحميكوا أهه .. خليكوا فاكرين" والضابط الشاب صامت لا يجيب، أكاد ألمح الدموع فى عينية والغصة فى حلقة.

سألته، كيف تقبلون بهذا الوضع؟ هل تقبل على نفسك وأنت رجل قانون قبل كل شيئ أن يحميك بلطجى؟ وكيف تتعامل معه عندما يرتكب مخالفة وهو حتماً سيفعل؟

رد على الضابط الشاب قائلاً، وهل تتصور أننا نقبل بهذا الوضع، نحن مرغمون، نحن أيدينا مكبلة، لدينا أوامر صريحة بمنع التعامل مع المواطنين بالقوة مهما حدث، سألته ماذا تعنى بمنع التعامل بالقوة، وهل المواطنون سواء المسجلون خطر والمتهمون فى جرائم مثل المواطنين الذين يدخلون القسم لقضاء مصلحة أو تخليص مهمة؟

أوضح الضابط الشاب: لا أقصد التعامل مع المواطنين العاديين، فهؤلاء نعاملهم بكل احترام والشهادات على ذلك كثيرة، لكنى أقصد التعامل الأمنى مع المتهمين والبلطجية عند مخالفتهم القانون، ممنوع علينا إطلاق النار تحت أى ظرف، مع أن بعض المتهمين وأهاليهم يكونون مسلحين وأحياناًبأسلحة نارية وقد يبادرون هم بإطلاق النار علينا، وليس أمامنا كما ترى إلا أن نترك لهم الموقع وأن نتنحى جانباً؟

وأضاف الضابط الشاب، لأننا الآن فى مرمى النار، والجميع يريدون ذبحنا وأولهم أنتم الصحفيون وكأن بيننا "تار بايت" لذلك نختار عدم التعامل خوفاً من أن نتعرض للمحاكمة، فأن تتم محاكمتنا على هروب المساجين بتهمة الإهمال، وكبيرها التسريح من الخدمة، أهون ألف مرة من محاكمتنا جنائياً بتهمة إطلاق النار على هؤلاء الهاربين وساعتها قد يحولهم الرأى العام إلى شهداء، فلماذا أضع نفسى تحت تهديد المحاكمة الجنائية ودخول السجن!

كلام هذا الضابط الشاب يحمل منطقاً، لكنه نتيجة لسياسة خاطئة وضعتها القيادات العليا فى الوزارة، بأيد مرتعشة، تخشى أن توضع فى خانة العادلى ورجاله، لكن النتيجة كما نرى جميعاً، زيادة الانفلات الأمنى والاجتراء على القانون ورجاله بين قطاعات واسعة من المجتمع، حتى وصلت إلى ظاهرة اقتحام أقسام الشرطة بالسلاح لتهريب المتهمين وأصحاب السوابق والمسجلين خطر!

يا سيادة اللواء منصور العيسوى، أضع كلام هذا الضابط الشاب أمامك لتعيد نظر فى سياسات وزارتك التى ينقصها الحسم دون اعتداء والحزم دون خلط بين الصالح والطالح!

يا معالى وزير الداخلية، اسمح لضباطك وجنودك أن يعودوا كما كانوا رجالاً للشرطة مسئولين عن تنفيذ القانون والحفاظ على الأمن، قبل أن ينجرف المجتمع إلى الفوضى!








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة