محمد حمدى

جاسوس إيرانى فى مصر

الإثنين، 30 مايو 2011 12:21 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم أندهش كثيرا من خبر القبض على دبلوماسى إيرانى فى مصر بتهمة التخابر لصالح بلاده، والإضرار بالأمن القومى المصرى، فالعلاقات بين البلدين لم ترتق بعد إلى علاقات طبيعية، أو صداقة حميمة، علما بأنه فى عالم الاستخبارات السرى والغامض يجوز التجسس على الأصدقاء، والأعداء معا.

وبغض النظر عما قيل فى البيان الرسمى الصادر من جهات التحقيق حول أن الدبلوماسى الإيرانى حاول جمع معلومات عسكرية وسياسية واقتصادية عن مصر، فإن الأهم من ذلك هو استعلامه عن القوى السياسية الناشئة فى مصر بعد الثورة، والعمل على إقامة علاقات مع بعضها، وتمويلها، فى محاولة لبناء طابور خامس إيرانى فى مصر، وهذا أخطر ما فى هذه القضية.

إيران بلد إسلامى، وهى قوة كبيرة فى أسيا، تشكل مع السعودية وتركيا ومصر، أهم مراكز الثقل والنفوذ فى الشرق الأوسط، لذلك فإنه من المهم أن تلتقى هذا الدول الأربع على أرضية مشتركة لصالح شعوب المنطقة، ولوضع حد للقضايا العالقة والمصيرية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، لكن مشكلتنا الأبرز مع إيران أنها لا تتحرك من منطلق التعاون، وإنما بهدف بناء إمبراطورية فارسية صفوية تفرض قوتها وأجندتها ومصالحها العليا على باقى بلدان وشعوب المنطقة.

وفى منطقة الخليج العربى يبرز هذا الدور الإيرانى بشكل كبير، عن طريق الارتباط بجماعات محلية، ونشر المذهب الشيعى، ومن ثم بناء قواعد ترتبط معها بمصالح مذهبية ومالية وسياسية، يمكن لطهران استغلال هذه العناصر حينما تريد، لتكدير حالة السلم الأهلى فى البلدان التى تخترقها بهذه الطريقة، وهى حاولت ذلك فى مصر، وما كشفته التحقيقات مع الدبلوماسى الإيرانى المتهم بالتجسس تكشف أن طهران لا تزال تتبنى نفس الاستراتيجية التى تكشفت فى بلدان عربية وأفريقية عدة.

وبالطبع هذا لا يمنع إقامة علاقات دبلوماسية بين مصر وإيران، لكن القائمين على أمر الدبلوماسية المصرية يجب أن يكونوا على دراية بالمخططات الإيرانية فى المنطقة، والهدف النهائى منها، وهو بناء إمبراطورية فارسية تسيطر على المنطقة، وتستخدم قضاياها كورقة ضغط فى صراعها الدبلوماسى المحتدم مع الغرب، لذلك كانت تصريحات وزير الخارجية نبيل العربى عن فتح صفحة جديدة فى العلاقات مع إيران، فى غير توقيتها، وبدت وكأنها تطبيعا مجانيا، غير مبنى على قواعد أو مصالح مشتركة، ودون تحييد المطامع الإيرانية.

نعم.. يجب أن تفتح مصر ذراعيها للجميع، وتعيد بناء علاقاتها الخارجية، وتنطلق من أولويات تعيد رسم الدوائر الحيوية، لتبدأ من الدائرتين الأفريقية والعربية، ثم تتوسع بعد ذلك لتشمل الدائرة الإسلامية، ثم الدائرة المتوسطية وهكذا.. لأن تقييم الدور الحقيقى لأى دول فى العالم، ينبع من علاقاتها فى محيطها وقدرتها على التأثير فيه.

ومع الإيمان بأن إيران دولة مهمة فى المنطقة، لكنها ليست أكثر أهمية لنا من دول الخليج، وعند بناء أى علاقة دبلوماسية جديدة، أو إصلاح أخرى اهترأت ينبغى وزن الأمور على ميزان واضح من المكاسب والخسائر، فهكذا هى السياسة، لا تقوم على العواطف، ولا تستند على تصريحات تخاطب الجماهير، أو بكلام غير مدروس، يثير مشاكل أكثر مما يفيد.

mhamdy12@yahoo.com








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة