مجلة "موند": الدول الناشئة حديثاً تهدد مكانة أوروبا الاقتصادية

الأربعاء، 25 مايو 2011 01:05 ص
مجلة "موند": الدول الناشئة حديثاً تهدد مكانة أوروبا الاقتصادية صورة ارشيفية
إعداد إيناس الشيخ

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
شهدت العشرون سنة الماضية صعوداً هائلاً للدول التى تعرف اليوم باسم الدول الناشئة حديثاً، التى استطاعت فى فترة وجيزة أن تحذو حذو أقوى الدول الناشئة فى العالم، كالصين والهند والبرازيل، وتقف جنباً إلى جنب مع الدول التى سبقتها بسنوات، الأمر الذى أثار دهشة العالم فى ظل ما شهدته الفترة الأخيرة من كوارث اقتصادية متلاحقة، كان لها آثار سلبية جسيمة على استقرار الاقتصاد العالمى، وهو ما تناولته بوضوح مجلة "موند" الفرنسية، الصادرة عن وزارة الخارجية الفرنسية.

نشرت المجلة مجموعة من المقالات حول الدول الناشئة حديثاً ودورها المتنامى فيما يتعلق بالمسئوليات والتحديات التى يواجهها العالم اليوم، فى ظل التغيرات الكاسحة التى يشهدها مناخ الاقتصاد العالمى، وتناولت باستفاضة أهم التجارب الفريدة لهذه الدول التى استطاعت أن تصبو بطموح إلى القمة، بالرغم من تداعيات الأزمة العالمية التى كان لها بالغ التأثير فى كافة دول العالم.

ركزت المقالات على إندونيسيا، وكوريا الجنوبية، وتايلاند والأرجنتين، ودول البحر المتوسط، كتجارب حية للقوى الناشئة حديثاً، لتوجيه الأنظار إلى المكانة التى وصلت إليها هذه الدول، كدول صاعدة جنباً إلى جنب مع الصين والهند والبرازيل، وقد جاء التطور الذى أحرزته دليلاً واضحاً على التكامل الناجح لها داخل نطاق العولمة، ولم يغب عنصر الحظ عن تجربة هذه الدول، الأمر الذى ظهر واضحاً فى ارتفاع أسعار السلع مع المساحة الصغيرة التى تتمتع بها على خلاف الدول السابقة لها، وهو ما فتح أمامها الطريق واسعاً من أجل الوصول إلى القمة.

أثارت قضية الدول الناشئة حديثاً اهتمام الكثير من القوى الكبرى فى العالم، وهو ما جعلها محل النقاش فى الكثير من المحافل الدولية التى جاء من ضمنها مجموعتا العشرين والثمانى، وفى ظل هذه الاهتمام، حرصت العديد من الشخصيات المؤثرة فى هذا المجال على إظهار كامل الاحترام والتقدير إلى الطريقة التى تمكنت بها هذه الدول من وضع أقدامها على بوابة العالمية، وتوضيح أهم نقاط القوة والضعف التى واجهتها.

وجاء من ضمنهم جان بيار السفير الفرنسى فى الأرجنتين، فيليب زيلير السفير الفرنسى فى إندونيسيا، وجاك هانتزينجر، رئيس المبادرة الثقافية بين أوروبا ودول المتوسط، وشرحت هذه المقالات السبب الرئيسى وراء تقدم هذه الدول، هو التكامل بينها، على الرغم من اختلافاتها الجذرية، بالإضافة إلى ما شهدته من نمو قوى فى العقد الماضى، وكيف استطاعت أن تستشعر بقوة مزايا التعددية وقواعد ومعايير التطور العالمى.

تناول الأمين العام لوزارة الخارجية الفرنسية "بيار سلال"، فى مقدمة المجلة، أهمية النظر إلى دور أوروبا القادم فى تولى المسئوليات فى ظل هذا الصعود غير المسبوق للدول الناشئة، وكيف تجلت نتائج فقدان التأثير للنموذج المتكامل الذى تجسد فى كيان الاتحاد الأوروبى، فى الخلل الاقتصادى، نظراً إلى المشكلات الراهنة والأداء الاقتصادى الباهت للاتحاد الأوروبى فى الفترة الأخيرة، بالإضافة إلى البدائل التى طرحها التنوع فى استراتيجيات القوى على مستوى العالم.

ورأى "بيار سلال" أن هذا الخلل من شأنه أن يدفع أوروبا إلى تصعيد جهودها فى المجالات الاقتصادية على وجه الخصوص، مع احترام تطور المبادئ والأفكار الجديدة، وابتكار أشكال جديدة لإدارة السياسة العامة، بالإضافة إلى مواصلة المبادرات التى تهدف إلى تشجيع التطور، ولهذه الأسباب أوضح "سلال" الخطى التى يجب أن تحذوها مجموعة العشرين فى اتجاه تكامل العلاقات داخل أوروبا.

أما فيما يتعلق بالفترة التى ترأست فيها فرنسا مجموعة الثمانية، ومجموعة العشرين، تناولت مقدمة المجلة تلخيصاً لأهم الأحداث التى شهدتها المجموعتين فى ظل فترة رئاسة فرنسا، وأهم الأولويات التى تناولتها هذه الفترة، ومن هنا جاءت أهمية الرجوع إلى مفهوم مجموعة الثمانى ومجموعة العشرين، حيث يعد هذا المفهوم شديد الصلة بما تناولته المجلة فيما يتعلق بشأن الدول الناشئة، ويظهر ذلك فى جدول الأعمال الخاص بالمجموعتين فى ظل رئاسة فرنسا بداية من الثانى عشر من نوفمبر عام 2010 فى أعقاب قمة "سول" إلى الاَن.

وشرحت المجلة مفهوم مجموعة العشرين، التى تأسست عام 1999 بسبب الأزمات المالية التى شهدتها التسعينيات، وهى عبارة عن منتدى عالمى للتعاون الاقتصادى، ويضم هذا المنتدى دول العالم المتقدمة، بالإضافة إلى القوى الناشئة اللذين يمثلان ثلثى دول العالم التى تمثل 85% من إجمالى الثروة العالمية.

وتضمنت فترة رئاسة فرنسا لمجموعة العشرين مجموعة من الأولويات كان من أهمها، إعادة تشكيل نظام النقد العالمى ومكافحة تقلب أسعارالسلع، بالإضافة إلى تدعيم العمالة وتقوية البعد الاجتماعى للعولمة، كما استهدفت المجموعة مكافحة الفساد وتعميق التطور عن طريق تعزيز طرق التمويل المبتكرة، وتناولت أيضاً مجموعة من القمم واللقاءات والندوات بين الدول الأعضاء، والتى تم إدراجها فى جدول أعمال المجموعة على مدار العام الماضى، مركزةً على هذه الأهداف، كأهداف أساسية، على سبيل المثال القمم التى تناولت التمويل والتى اختص بها وزراء المالية من كافة الدول الأعضاء، والزراعة والتى اختص بها وزراء الزراعة، كما اهتمت بمجال العمل والتوظيف من أجل تنشيط مجال التوظيف، خاصة الشباب ولوضع مبادئ مشتركة للحماية الاجتماعية على المستوى العالمى.

أما فيما يتعلق بمجموعة الثمانى، أو مجموعة الدول الصناعية الثمانى وتضم هذه المجموعة الدول الصناعية الكبرى فى العالم، ويمثل مجموع اقتصاد هذه الدول 65% من اقتصاد العالم، فهى عبارة عن مجموعة من الاقتصاديات المتقدمة التى تهدف إلى تقديم إرشادات وتوجيهات سياسية، وقد تأسست هذه المجموعة بمبادرة فرنسية عام 1975 بهدف مواجهة التداعيات التى نتجت عن أزمة البترول الأولى، وعملت فرنسا خلال فترة رئاستها لهذه المجموعة على التركيز على المصالح المشتركة للدول المتقدمة اقتصادياً فيما يتعلق بالإنترنت ومجال "النمو الأخضر"، بالإضافة إلى التحديات التى تواجه السلام والأمن العالمى، والشراكة المنعقدة بين مجموعة الثمانى مع أفريقيا.

كما تناولت المجلة مجموعة من القمم والمؤتمرات التى عقدتها المجموعة فيما يتعلق بالشئون الخارجية، والتى ترأسها عدد من وزراء خارجية الدول الأعضاء من أجل وضع إطار محدد للمستقبل، وإطلاق مبادرات من شأنها تجميع دول مجموعة الثمانى جنباً إلى جنب مع دول المتوسط وشمال أفريقيا، بالإضافة إلى مجموعة من المؤتمرات التى تناولت قضية الاتجار فى المواد المخدرة بمختلف أشكالها، عبر دول الأطلسى وضمت هذه القمم الدول الأكثر تأثراً بهذه المشكلة، وهى دول الأطلسى وأمريكا اللاتينية ودول أفريقيا ودول أوروبا، واستهدفت الاجتماعات تقوية التعاون الدولى من أجل مكافحة الجذور الجديدة للاتجار فى المواد المخدرة بين أمريكا اللاتينية وأوروبا.

وقد أدى احتشاد جهود المجموعتين والتنسيق فى تولى المسئوليات بينهما تحت ريادة فرنسا، إلى الكشف عن غموض الموقف العالمى الراهن، بالإضافة إلى التأكيد على المستوى الحقيقى لتوزيع القوى بين ممثلى الاقتصاد العالمى، الأمر الذى دفع إلى تطوير ردود الفعل الجماعية حول القضايا التى تهدد أمن واستقرار الجميع.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة