محمد حمدى

الجمعة العظيمة

السبت، 21 مايو 2011 12:18 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تخرج إبراهيم شعيب من كلية الآثار عام 1985، بدأ مثل أى شاب مصرى الحياة، من تحت السلم، وليس من أول درجاته، أدرك استحالة تحقيق أحلامه سريعا، فإما أن يصبح موظفا بهيئة الآثار، يعيش على راتبه الحكومى، فيفقد كل الفرص فى مستقبل أفضل، أو أن يتخذ قرارا صعبا وهو الهجرة إلى خارج مصر.

سافر إبراهيم إلى النمسا عام 1987، وبدأ أيضا من أول السلم، وخلال سنوات قليلة امتلك عمله الخاص، وبعد سنوات أقل جمع ما لا يكفى لكى يتحول إلى رجل أعمال يدير مشروعاته الخاصة فى النمسا، لكنه حبه لمصر جعله يقرر استثمار ما جناه فى بلده، فهو بذلك يخلق فرص عمل لأبناء وطنه، ربما تجنب بعضهم المشقة التى عاناها فى مقتبل حياته، إضافة إلى ربط أبنائه الذين ولدوا فى النمسا بأرض أجدادهم فى مصر.

عاد إبراهيم شعيب إلى القاهرة ناجحا وليس كما تركها، قرر افتتاح مصنع للمشروبات الغازية، وبعد سنوات من العمل المضنى، وخسارة الكثير من الأموال، أدرك أنه لا يمكنه البقاء فى السوق بسبب احتكار أكبر شركتين أمريكتين لسوق المشروبات الغذائية ليس فى مصر وحدها، وإنما فى معظم أنحاء العالم فقرر توجيه مسار عمله فى اتجاه الفنادق الكبرى، خاصة فى سيناء والبحر والأحمر، واكتفى بتوريد ما ينتجه إلى الفنادق فقط، لكنه حافظ على طاقة مصنعه الإنتاجية، وعلى زياراته المتكررة لمصر.

قبل نحو أسبوعين جاء شعيب إلى مصر الجديدة بعد الثورة مملوء بالتفاؤل، فمصر تغيرت ببعد الثورة، ويمكنه العمل من جديد فى السوق والنجاة من فخ الاحتكارات، ذهب إلى الغردقة لتحصيل مستحقات مالية لدى عدد من فنادقها، لكنه لم يجمع ولا مليم واحد، فقطاع السياحة فى مصر تقريبا فى حالة انهيار، وهذا المنتجع الذى كان يعج بالسائحين وهواة الغوص من كل أنحاء العالم أظلمت أنواره، وأغلقت بيوت العاملين فى هذا القطاع، الذين يعملون باليومية تقريبا.

أقام إبراهيم فى الغردقة عشرة أيام كان هو النزيل الوحيد فى الفندق، ورغم أن البحر الأحمر من أكثر المحافظات أمنا فى مصر، فهى لم تشهد مظاهرات عنيفة، ولم تتعرض أقسام الشرطة فيها للهجوم والحرق والتدمير، فإنها مثل أى مكان فى مصر، أصبحت تفتقد للأمن، كما لم يعد أهلها يقبلون على العمل كما كانوا.

عاد شعيب إلى النمسا، واتصل بى عبر الهاتف وصوته يقطر حزنا، ليس لأنه لم يستطع جمع أمواله المستحقة لدى فنادق المدينة، وإنما لأن المصريين كما رآهم توقفوا عن العمل، قال: اكتب مقالا تدعو فيه إلى مظاهرة مليونية فى ميدان التحرير بعنوان جمعة العمل.

هذه هى الجمعة العظيمة التى تحتاجها مصر الآن، ليست جمعة الثورة الثانية، ولا جمعة شكر المجلس الأعلى للقوات المسلحة، وليست جمعة رفض العفو عن مبارك، وإنما جمعة عظيمة للوطن، وللمستقبل، ولأبنائنا، الذين أصبح مستقبلهم فى حياة أفضل مهدد فى وطنهم.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة