أكرم القصاص - علا الشافعي

الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية: الدولة المدنية هى التى تتوافق مع الشريعة الإسلامية .. والإسلام لم يعرف الدولة الدينية

الجمعة، 29 أبريل 2011 12:14 ص
الدكتور على جمعة مفتى الجمهورية: الدولة المدنية هى التى تتوافق مع الشريعة الإسلامية .. والإسلام لم يعرف الدولة الدينية حاولت الاتصال بالحاكم لأطالبه بوقف العنف والقتل أثناء الثورة لكنه لم يكن موجوداً
حوار: لؤى على - تصوير : عصام الشامى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄◄ أرفض إلغاء المادة الثانية من الدستور لأنها مادة فوق دستورية وتضمن حقوق جميع المصريين
◄◄ لا مانع من الصلاة فى المساجد التى بها أضرحة.. والذين يستدلون بابن تيمية فقط أمرهم مضحك
◄◄ لم ألتفت إلى تسريبات أمن الدولة ضدى لأنى أديت دورى بما يرضى الله

أكد الدكتور على جمعة، مفتى الديار المصرية، رفضه لإلغاء المادة الثانية من الدستور، كما أكد جمعة أن الإسلام لا يعرف الدولة الدينية، قائلا: «إن الدولة المدنية هى التى تتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وهى النموذج المثالى للدولة المصرية».

وقال المفتى إن هناك محاولات لاختطاف ثورة 25 يناير، لكن ليس هذا نقيصة فى التغيير، ولكن السؤال هل تنجح؟ مؤكدا أن ذلك كله يرجع إلى إرادة الشعب.

وفيما يلى نص الحوار:

◄◄ ما رأى فضيلتك فى الأحداث التى أعقبت الثورة وسقوط رموز النظام؟
- دائما فى حياتى كلها أتخذ مركز النقطة التى أعيش فيها وأنظر إلى المستقبل، والمستقبل مبنى عندى على الأمل الفسيح والعمل الصحيح، وهذا العنوان يمثل خطتى دائما فيما سأفعل غدا، وهذا البناء ينبغى أن يكون حرا وأن يكون مبنيا على العدل وعلى الرؤية المستقبلية لبناء مصر حتى تشارك فى الحضارة العالمية، فلابد من دخول البحث العلمى، فهو المدخل الوحيد لمشاركة الحضارة، وينبغى علينا فى الفترة القادمة أن نهتم بإزالة الأمية وبكسر الدائرة المفرغة للجهل والفقر والمرض، وبإنشاء ثقافة سائدة للبحث العلمى، وكل ذلك يتأتى بالتعليم الصحيح، والتعليم منظومة مركبة من التعليم والتدريب والتربية.

◄◄هل تواجه ثورة 25 يناير محاولات اختطاف من بعض التيارات التى كانت غير ظاهرة طوال السنوات الماضية؟
- نعم، هناك محاولات لاختطاف الثورة، لكن ليس هذا نقيصة فى التغيير، فهى محاولات، ولكن السؤال هل تنجح؟ فكل ذلك يرجع إلى إرادة الشعب، فطبيعة الحراك السياسى والاجتماعى فى كل العالم وبعد كل التغيرات والثورات هكذا، فهذه سنة الله فى كونه ويجب على الشعب أن يحافظ على مكتسباته.

◄◄ ذكرت أن السلفية تهدم مصر.. كيف؟
- درسنا فى الأزهر أن الخير كل الخير فى اتباع من سلف والشر كل الشر فى ابتداع من خلف، فدائما فى الأزهر نرى أن السلف هى فترة زمنية رائقة عاشها المسلمون وكتبوا سطورا من نور فى بناء الحضارة الإسلامية وفى تطبيق الديانة فى الواقع، إنما الذى يحدث الآن أنا أسميه التيارات المتشددة النصوصية، والتيارات المتشددة النصوصية تختلف عن منهج الأزهر، فهى تريد أن تقف عند ظاهر النص دون استعانة بالفقهاء وبمنهج الفقهاء وطريقة تفكيرهم، والأزهر على استعداد أن يعلم الكافة إذا أرادوا التعليم، والباب مفتوح من أجل أن نعلم المنهج الصحيح المتكامل بالعلوم المتكاثرة.

◄◄ هل سندفع ضريبة الديمقراطية بعد الثورة بظهور تلك الجماعات الدينية وسيطرتها على الشارع؟
- تلك التيارات موجودة دائما، القضية كلها هى الحراك، والحراك يحتاج إلى صبر وإلى تجاوز.

◄◄ السلفيون يقولون إن ابن تيمية يقول إنه لا يجتمع مسجد وقبر. ويحرمون الصلاة فى المساجد التى بها أضرحة، فما حكم الدين فى الصلاة بمساجد بها أضرحة؟
- هذا ضد إجماع المسلمين، لأن القبر النبوى موجود فى المسجد، وملايين المسلمين عبر القرون يذهبون ويصلون فى المسجد النبوى وصلاتهم صحيحة، ومن طنجة إلى جاكرتا ومن غانا إلى فرغانة نرى أن المساجد بجوار القبور، والإمام البيضاوى وهو أسبق من ابن تيمية بقرنين يقول إن من أقرب القربات بناء المساجد عند أضرحة الصالحين، وهذا مؤسس على الكتاب والسنة، ففى الكتاب قال تعالى: «قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا» صدق الله العظيم، وفى السنة فيما أخرجه موسى بن عقبة بسند صحيح أن أبا بصير عندما مات فى سيف البحر دفنوه وبنوا عليه مسجدا، وهذا فى حياة النبى ولم ينكر عليهم، أما الحديث الذى رواه البخارى، وهو صحيح، والذى فيه «اتخذوا قبور أوليائهم أو صالحيهم مساجد»، فالمسجد هنا معناه موطن السجود، أى أنهم عبدوا من فى الأرض، فلما رأى النبى المشركين يعبدون أسلافهم أمر بإزالة القبور التى يعبد من فيها أو تكون بداية لذلك، ولكن حمى الله أمة الإسلام من ذلك، فهؤلاء الناس لا يعرفون شيئا، فكلما تكلمنا معهم ليتركوا الأمة بحالها استدلوا بابن تيمية، فقط وهذا كلام مضحك.

◄◄ ما هو رأيك فى الصوفية والمتصوفين؟
- الصوفية الحقيقية شىء، وتصورات الناس عنها شىء آخر، فالصوفية التى يعرفها ويفهمها ويعيشها ملايين الناس هى التى نشرت الإسلام فى شرق آسيا وغربها وأدخلت الإسلام وسماحته، وهناك أكثر من 90 طريقة صوفية يربى فيها المشايخ مريديهم على مرتبة الإحسان، أى أنهم يربونهم على عبادة الله كأنهم يرونه فإن لم يكونوا يرونه فهو يراهم، ولكن هذه المعانى لا تروق للبعض.

◄◄ هل للخلافات بين السنة والشيعة أصل دينى؟
- لم تكن الخلافات بين السنة والشيعة دينية على الإطلاق، وإنما هى خلافات سياسية، فالشيعة والسنة متعايشان مع بعضهما فى سلام منذ قديم الأزل، سواء فى إيران أو فى العراق أو فى السعودية أو غيرها، فالخلافات الأخيرة سياسية نتيجة للتوتر السياسى فى المنطقة.

◄◄ ما مفهوم الدولة بالنسبة لفضيلة المفتى؟ وما هو النموذج المثالى للدولة فى مصر عقب ثورة يناير؟
- هناك ثلاثة أنواع من الدول، أولها الدولة الدينية، وهى التى تعنى أن يكون الحاكم نائبا عن الله، كأنه موحى إليه من الله، والإسلام لا يعرف الدولة الدينية، والدولة الثانية هى الدولة العلمانية، وهى التي تشترط فى دساتيرها إبعاد الدين عن كل شىء، والإسلام يرفض هاتين الدولتين، أما الدولة الثالثة فهى الدولة المدنية التى تتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية، وهى النموذج المثالى للدولة المصرية، ولم يكن هذا أمرًا حديثًا بل كان منذ قرن ونصف فى عهد الخديوى إسماعيل، وفي هذا النموذج تكون الدولة دولة دستور ومؤسسات، وبها مجلس شعب وقوانين.

◄◄ هل كان لفضيلتكم موقف آخر تجاه ما يحدث من قمع للثوار؟
- نعم، فأنا قد حاولت الاتصال بالحاكم كثيرًا، لكنه فى الحقيقة لم يكن موجودًا، حتى نقول له أوقف هذا السيل من العنف والقتل والدمار، ولم أجد أية قناة توصلنى إلى الهدف العملى، وكانت الطرق كلها مسدودة والآذان كلها صماء، وكانت هناك حالة من التوتر ومن الانغلاق غير القابل لأى اتصال، وقتها سألت نفسى ماذا على أن أفعله؟ أترك الأمور تتدهور أم أمنع الدم، ساعتها توجهت إلى الشباب فى الثلاثين من يناير عبر أحد البرامج التليفزيونية مخاطبًا إياهم بأن يدخلوا فى جوارى أنا وشيخ الأزهر ووجهاء الأمة جميعًا، وذلك حماية لهم من القتل والاعتقال.

◄◄ ما رأيكم فى ثورة 25 يناير التى طالبت بالقضاء على الفساد ورسم مرحلة جديدة من تاريخ مصر العظيم؟
- دار الإفتاء المصرية سُئلت عن حكم المظاهرات السلمية منذ خمس سنوات، وكانت إجابة الدار أن المظاهرة السلمية جائزة ومباحة، لأنها نوع من أنواع الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ونوع من تغيير الفساد، والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى الإسلام له مساحة مهمة وله تأكيد مهم، وقد يكون سببها ناتجا عن ضياع المبادئ العليا كالعدالة والمساواة، أو عدم التوزيع الاجتماعى المعتبر والمحترم، وهى أيضا نوع من أنواع جماعات الضغط السياسى التى تضغط على الإدارة إذا ما رأت فيها انحرافًا أو اعوجاجًا.

◄◄ كانت هناك أحداث خطيرة سماها البعض بالثورة المضادة، لعل من أهمها تسريبات وثائق أمن الدولة وما تناقلته وسائل الإعلام، ما موقفكم من هذه التسريبات التى طال البعض منها شخصكم؟
- لا ألتفت إلى هذا الكلام على الإطلاق ما دمت أديت دورى بما يرضى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ولذا فأنا أتصدق كل صباح بعرضى على من يتهمنى، وأدعو الله ألا يجعل الدنيا فى قلبى ويجعلها فى يدى ولا أفرح بالموجود وأحزن على المفقود، فأنا منذ 37 عامًا لا ألتفت لشىء من الأشياء التى تنتقدنى.

◄◄ البعض يرى أن موقف المؤسسة الدينية من الثورة جاء متأخرًا؟
- صدر بيان من مجمع البحوث الإسلامية دعا فيه إلى القضاء على الفساد ولم يلتفت إليه أحد، وأعتقد أن الإعلام لعب دورًا كبيرًا فى ذلك، أما القضية الثانية فهى السياسة الحزبية أو ما يسمى بالحراك السياسى والاجتماعى، فالمؤسسة الدينية تحاول ألاَّ تكون طرفًا فيها، لأنها طوال عمرها حَكم بين الأطراف، ولذلك فهى بعيدة عن أن تكون منحازة إلى طرف من الأطراف، المؤسسة تتكلم عن المبادئ العامة، أو المبادئ العليا، قد يكون هناك خلط فى بعض المفاهيم بين دور المؤسسة الدينية من الناحية الدينية والدعوية وبين مفهوم النضال، فبعض الناس يريدون من المؤسسة الدينية أن تقوم بدور النضال وينزل شيوخها وقياداتها إلى الشارع ويهتفون ويرفعون اللافتات، وهذا لا يليق بمكانتهم ودورهم الدعوى، فما يحدث فى اعتقادى سببه هذا الفهم، ولذلك يجب أن نغير هذا الاعتقاد، وأيضًا على الناس أن يتفهموا أن وظيفتى كقاض ولست مناضلا ولا ثائرا وسأظل قاضيا، لأن المفتى هو إحدى صور القضاء، لذا فنحن نقول للجميع اتركوا هذه المؤسسة ولا تزجوا بها فى الصراع والنزاع والحراك السياسى والحراك الاجتماعى.

◄◄ ما رأيكم فى الجدل المثار حول المادة الثانية من الدستور والمطالبة بإلغائها؟
- لا أرى جدلا حول المادة الثانية من الدستور كما هو مشاع فى هذه الأيام، لكننا نرفض إلغاءها، لأنها تسمى مادة «فوق دستورية»، بمعنى أنها جاءت فى جميع الدساتير التى مرت بها مصر بدءا من دستور 1923 وحتى دستور 1971، ومعنى أن نلغيها أننا سنلغى مجموعة ضخمة من القوانين، التى بدورها ستؤثر على علاقات ومكانة مصر الخارجية، لذلك نحن نعتبرها مادة «كينونة» لا يمكن إلغاؤها على الإطلاق، ونرى أن القلق من هذه المادة قلق «متوهم»، فى الوقت الذى لا نرى فيه أية فتنة من عدم إلغائها بل على العكس هذه المادة تضمن حقوق جميع المصريين رغم اختلاف عقائدهم ومعتقداتهم، لذا فأنا أدعو إلى المواطنة، والمواطنة معناها إعطاء الحقوق والواجبات لكل المواطنين بدون تفرقة.

◄◄ ما هو المنهج الذى تسيرون عليه فى الإفتاء هل يكون المصدر عندكم هو التراث والعصور القديمة؟ أم أن هناك تحديثا فى هذا المنهج؟ وما مصدر هذا التحديث؟
- منهجنا فى الإفتاء  هو أننا ملتزمون بالمصادر الإسلامية والتى تتمثل فى القرآن والسنة، بالإضافة إلى النتاج الفكرى الفقهى لعلماء المسلمين عبر القرون وتفهمنا لها من خلال علم أصول الفقه واللغة العربية وإجماع الأمة والعمل على تحقيق المقاصد الشرعية، وهذا يجعلنا ننظر إلى هذه المصادر بعين، وإلى الواقع بعين أخرى، فنحن نزاوج بين التراث والمعاصرة أو بين هويتنا الإسلامية وبين مصالحنا وحياتنا العصرية، فنحن نتعامل مع واقع مركب، وهذا التركيب من عوامل مختلفة، عالم الأشياء وله منهج للإدراك وهو المنهج العلمى والعلم التجريبى، ثم عالم الأشخاص والأفكار والنظم والأحداث، وكل مثل هذا له منهج فى التحليل  وفى الاستفادة  وفى التعامل معه، لأن إدراك الواقع منذ 100 عام مضت كان ميسرا ولم تكن الدنيا  بهذا الحراك السريع الذى نحن فيه، لذلك أصبح عندنا دوائر متعددة يجب أن نحدث التوازن فيما بينها، أولها دائرة الخبر ثم دائرة العمل المتصل بحياة الناس ومصالحهم، ثم علاقتنا  بأنفسنا ومع الآخر بالنظم التى ينبغى أن تشيع فينا حتى ننهى الظلم ونقر العدل وحتى نقاوم البطالة، ونهتم بشؤوننا الاجتماعية وبشؤون حياتنا فى الآداب والفنون والبحث العلمى، وغرضنا من كل ذلك هو بيان صحيح الدين لأولادنا ومن هم معنا وأن ننقل صحيح هذا الدين بصورة لافتة للنظر لمن بعدنا وأن نصحح صورة الإسلام والمسلمين بمشارق الأرض ومغاربها عند الآخر، وننقل صحيح الدين لغير المسلمين فى مختلف دول العالم، والأمر الثالث هو القضاء على بذور الشر التى تنبت هنا أو هناك، وينتج منها من مشرب التشدد وسحب الماضى على الحاضر من أنواع التطرف، ويتطور هذا النوع من التطرف إلى نوع من أنواع الإرهاب، ولهذا يجب علينا أن تكون غايتنا جميعا هى محاصرة هذه الأمور والقضاء عليها بالفكر والتربية وبالإعلام والتعامل السوى مع هذه الأفكار المتشددة.
والفكر المتطرف له خصائص وظواهر، من هذه الخصائص أنه فكر ينكر التفسير وينكر المقاصد والمآلات والمصالح، أى أنه يريد أن يحول فهمه للنص إلى دين، والفكر المتطرف يتميز بالتشدد، وهذا موجود فى البشر لكن عندما يطبع عليه الطابع الدينى يتحول إلى عنف، والعنف يتحول إلى صدام والصدام يتحول إلى فرض رأى بهذا العنف فيكون إرهابا.
أما القضية الأخرى فإن الفكر المتطرف من خصائصه سحب الماضى على الحاضر، فهو يريد ألاّ يدرك الواقع لأن الواقع مرفوض عنده، وثانيا يريد إرغام هذا الواقع بقناعته الشخصية الماضوية، ومن هنا يأتى الصدام.

◄◄ هل فقدت المؤسسة الدينية مصداقيتها بين الناس الآن؟
- الإحصائيات لا تكذب ففى عام 1950 كان لدينا 12 معهدًا أزهريًا والآن أصبحت 8 آلاف معهد وكان لدينا ثلاث كليات أصبحت الآن 73 كلية، وفى تلك السنوات كان عدد طلاب المعاهد الأزهرية والجامعة لا يزيد على 15 ألف طالب، الآن بالمعاهد مليون ونصف مليون طالب، وبالجامعة ما يقرب من نصف مليون إلى مليونى دارس أزهرى، وكان عدد السكان عام 1950 «17 مليون نسمة» واليوم 75 مليون نسمة.. فلو قسمنا هذه الأشياء على عدد السكان كان المفروض أن تحدث الزيادة بالضرب فى خمسة، لكن ما حدث أن ضربت فى مائة فأصبح الـ20 ألفا مليونين، إذن فالعلماء يقومون بواجبهم والشعب يتصل بالعلماء اتصالا قويا فلا يوجد معهد منها بنى على نفقة الدولة.. كله من المجهودات الذاتية.

◄◄ فى ظل تعدد جهات الفتوى وما يحدث فى الفضائيات من سيل فتاوى هل اهتزت دار الإفتاء؟
- دار الإفتاء المصرية مؤسسة راسخة أنشئت عام 1895 وتولى الإفتاء فيها عبر القرون خيرة العلماء، ولها طريق واضح محدد فيما يتعلق بمصادرها وطرق البحث وشروطه، كما أنها صاحبة عقلية علمية عبر هذه الفترة وما قبلها، لها جذور فى التاريخ ولها خبرة إدراك الواقع، لذا فدار الإفتاء المصرية لا يمكن أن تهتز لاتباعها منهجا وسطيا ولأنها مؤسسة لديها قدرة على إدراك مصالح الناس فى مقاصد الشرع.
وهؤلاء غير المتخصصين أحدثوا فوضى فى الخطاب الدينى وليست فى الفتاوى الحقيقية فأنت تشاهد برنامجا يتحدث عن الدين وإذا بك أمام متشدد وتحول المحطة لتجد متسيباً وتحولها لتجد وسطا، وتحولها لتجد من يحصر الدين فى الروحانيات، وتحول لتجد من يحصر الدين فى السياسة وهكذا، فالناس  تحيرت وتبلبلت من اختلاف الأداء فى الخطاب الدينى فسمينا هذه الحالة فى أدبياتنا فوضى الفتاوى.

◄◄ وما الذى يصنع فوضى الفتاوى؟
- فوضى الفتاوى تحدث عندما نسمى الإجابة عن أى سؤال بأنها فتوى، مثلا عندما يسألنى أحد عمن كان مع الرسول  صلى الله عليه وسلم فى الغار فهذه ليست فتوى، وقس الأمر على ذلك والناس تسميها فتوى ونحن وراءهم نسميها كذلك، ومن هنا نؤكد أن الفتوى أمر يتعلق بالعمل، والتفريق بين المسائل والقضايا وبين الرأى والفتوى، وإجابة السؤال أمر مهم جدا.

◄◄ هل هناك خطط مستقبلية لدار الإفتاء المصرية بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير؟
- نحن نسعى فى الفترة القادمة إلى إعادة دار الإفتاء المصرية إلى الشارع من خلال ثلاثة أهداف.. هى العلم الصحيح والدعوة الصحيحة والعبادة الصحيحة، بمعنى أن تكون مصر النموذج على المنهج الوسطى، وألا تنتشر فيها الأفكار التى تقدم التدمير على التعمير، والتى تقدم المساجد على الساجد، فنحن نريد تقديم الساجد على المساجد، ونريد تقديم الوعى قبل السعى، ونريد تقديم البناء والتعمير قبل التدمير، إذن فهذه الثلاثة: العلم الصحيح، والعبادة الصحيحة، والدعوة الصحيحة هى التى ستكون برنامجنا للاتصال مع الجماهير، لنقل المنهج الوسطى المصرى، الذى هو نموذج يحتاج إليه العالم كله الآن.

◄◄ ما هى الرسالة التى تريد أن توجهها للشعب المصرى الآن فى هذه المرحلة؟
- ليست رسالة واحدة، وإنما هى مجموعة رسائل هى: ضرورة الانتقال من المواقف إلى الأدوار والمهام الجسام، والحوار الوطنى أهم آليات المرحلة، التعليم مشروع مصر القومى الأول، وقاطرة سائر المشروعات القومية، والبحث العلمى ضرورة حياة ومستقبل، ولا تقدم بغير بحث علمى، ودعم الاقتصاد والاستثمار هو واجب الوقت، وهى رسالة إلى رجال الأعمال وأصحاب الأموال والأفكار فى مصر والأمة والعالم، والتركيز فى الفترة القادمة على قضايا الوطن الجسام، العمل المدنى هو مجال المجتمع الخيّر، تتكافل فيه الجهود، وتتوزع فيه المهام فى قضايا أطفال الشوارع والعنوسة والعشوائيات والتدريب المهنى والتأهيل للعمل وإعانة الفقراء ورعاية المواهب وكسر دوائر الفقر والجهل ومحو الأمية، والمرض، والتواصل مع العالم، عطاء لا أخذاً فقط، وتعاوناً لا تبعية، ومنها الاستفادة من خبرات وكفاءات أبنائنا المهاجرين خارج الوطن وتهيئة المناخ لهم ليعودوا ويفيدوا بلدهم، منظومة القيم هى الإطار الذى يجب أن يحكم تفاعلات المرحلة، والمؤسسة الدينية المصرية صمام أمان دينى وفكرى ومحور حركة فى الداخل والخارج، وأهمية الدور العالمى لها فى قارات العالم. الإعلام مسؤولية وطنية ومنبر حرية لتكوين رأى عام قوى، لا ميدان صراع وتشتيت، مبادرة المصالحة مع الشرطة.




















مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة