إسلام بحيرى

إسلام بحيرى يكتب : الإخوان فى العراء

الجمعة، 15 أبريل 2011 11:57 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
احترت كثيرا حين بدأت أفكر فى الكتابة عن الإخوان من أين أبدأ من ثلاثة وثمانين عاما مضت من عمر هذه الجماعة..الجمعية..التجمع- سمها كما شئت - أم أن البداية الملحة يجب أن تكون من اللحظة الراهنة الضاغطة والحرجة التى يتصدر فيها الإخوان المشهد كل المشهد، يحتلون المقدمة ويتصدرون النتيجة..ففى المقدمة يتصدر الإخوان مشهد ثورة 25 يناير كلسان ناطق عنها ولها بعد أن مارسوا الاستيلاء الكامل عليها كعادتهم الأليفة والموروثة فى ادعاء بطولات لم يغمسوا يدا فيها على مدار تسعة عقود مضت أما فى النتيجة فيتصدر الإخوان الواجهة أيضا كأول وأكبر المستفيدين من نتائج ثورة قام بها الشرفاء ليس إلا طلبا للحرية، ولكن هذه الثورة فى المهد والنمو لم يكن لها رأس فانتحل الإخوان سريعا رأسهم ووجههم ليزرعوه عنوة على بدن ليس بدنهم، فاسترق الإخوان نتائج الثورة كقوة مزعومة تستعد لتولى مقاليد الأمور، فقد نشأت الجماعة ونمت فى كل أطوارها على عهود ومواثيق الآباء الأوائل فى مكتب الإرشاد الذين علموهم كيف يفوزوا بالجولة فتعلموا جيدا أن الدين هو الحزب الأهم وأن المتاجرة به فى العمل السياسى هى تجارة لن تبور.

وجه الإخوان على بدن الثورة
يجب أن يعلم الإخوان أن الطريق إلى ميدان التحرير لم يكن مبنيا على صفحة "كلنا خالد سعيد" أو غيرها فقط من الصفحات التى دشنت على الشبكة الاجتماعية، بل الحقيقة أنه طريق شاق ووعر بدأ منذ قرابة العقد فمن معارضة مشروع التوريث إلى نشوء حركة "كفاية" التى كانت تزأر وحدها فى الشارع مرورا بـ "شباب 6 أبريل" و"حركة 9 مارس"، والكثير من الشرفاء والمعارضين الذين كونوا هذا الزخم المتراكم عبر سنوات حين نزلوا إلى الشارع، حين أن كان النظام فى سطوته وجبروته ثم كانت الثمرة فى انتفاضة "25 يناير" التى تبلورت بعدها بدماء الشباب الطاهرة إلى ثورة مكتملة المعالم فى "28 يناير".

ولنا أن نسأل على مر العقد الفائت: أين كان الإخوان المسلمون من كل هذا الزخم الذى كان الوقود والمكون الحقيقى لـ"ثورة 25 يناير"..فقد كان الإخوان خانسين خاضعين إذا شاركوا على استحياء وإذا امتنعوا وهو الغالب الأعم قالوا إن مكتب الإرشاد يعرف مصلحة الجماعة ولم يكن الجميع يعلم حينها أن الإخوان يمارسون اللعبة القديمة فى بيع وشراء العملية الوطنية برمتها من عقد صفقات تحتية مع النظام المخلوع، كان الإخوان على مر هذه السنين يقبلون نعال النظام المنصهر ويجتمعون به بليل ليخرجوا نهارا معلنين عن وطنية مواقف مفصلة على مقاسات أحذية النظام السابق، وقد أكد هذه الصفقات شاطرهم الشاطر خيرت فى لقاءات تليفزيونية معلنا فى انسيابية أن هذه الصفقات التحتية كانت معلومة ومعروفة بين النظام والإخوان وكأنها من طبائع الأمور، وذلك بالطبع قبل فضيحة الاستقالة المسببة للقيادى الإخوانى "هيثم أبو خليل".

وذلك ليس بغريب بل إنه الوجه الحقيقى للإخوان الذين تعلموا من الآباء المؤسسين أن يعارضوا سيف المعز علنا ويقبلون خفية بذهبه، وقد جاءت ثورة "25 يناير" لتؤكد على دأب الإخوان ووطنيتهم المسعرة دوما بثمن بخس فمع بدايات الدعوة للنزول إلى الشارع فى "25 يناير" أكد الإخوان فى تصريحات موثقة ومسجلة أن الجماعة لن تشارك فى هذه التظاهرة - وقت أن كانت ما تزال تظاهرة- ولكن الإخوان وكعادتهم ينتظرون الثمرة حتى تطيب وتلقى إليهم خالصة سائغة، فبعد جمعة الغضب حيت استدارت معالم التظاهر واستحالت إلى ثورة مكتملة، وبعد أن دفع الشباب فى كل محافظات مصر دماءهم وحياتهم من أجل الحرية.. هنا فقط قرر الإخوان القفز على الفريسة وجنى الثمرة وانتحال الشرف -كما عهدوا- فنزلوا للشارع حين دنا إلى مخليتهم حلم الآباء الكهنة منذ عقود بتمكين الإخوان فى الأرض، ولكنهم لم يكتفوا أو يرتضوا بالمشاركة، ولكنهم استحضروا مهاراتهم الأثيرة من الزيف فبدأت الأخبار تتواتر كبالون اختبار أن الإخوان ساعدوا الثورة ثم تحولت المساعدة أن الإخوان شاركوا فيها منذ البداية ثم انتهت إلى متحدثهم الرسمى "العريان" ليقول بملء شدقيه فى برنامج أسبوعى على قناة مصرية، خاصة أن مؤسسى صفحة "كلنا خالد سعيد" هم الإخوان فأحدهم عضو منتظم فى الجماعة والآخر ـ يقصد وائل غنيم ـ كان متعاطفا ولكنه لم ينضم للجماعة, وبالطبع هذا كلام "العريان".

هكذا بسذاجة مألوفة وفجور معهود فى الزيف والادعاء أصبحت الجماعة التى أعلنت عدم مشاركتها على لسان "العريان" أيضا هى مفجرة الثورة وصانعتها، وهذا ليس زيفا فقط باستراق شرف صفحة "كلنا خالد سعيد" التى لا شك كان لها دور مؤثر فى الحشد ولكنه زيف أكبر حين أهدر الإخوان كل هذه السنوات والتضحيات التى تأدت فى النهاية إلى ميدان التحرير هذه السنوات التى كان الإخوان يعقدون مع النظام صفقات التزوير المتاح فى انتخابات مجلس الشعب، ليصدق المخدوعون والبسطاء أن الثورة إخوانية أو على الأقل أنه لولا الجماعة لماتت فى مهدها، وهكذا سلسلة معقدة من الكذب والخداع والزيف والنفاق المتواصل بشكل يصعب تصديقه لا ينقطع من حتى ليجعلك تحتار أى الكذبات هى أكبر من أختها.

ولم يكتف الإخوان بالسطو على الثورة عنوة والاستيلاء عليها اغتصابا، بل أراد القدر أن يفضحهم على أيدى أحد قياداتهم الفاعلة من خلال الاستقالة المدوية للعضو البارز فى الجماعة "هيثم أبو خليل" الذى كانت أسباب استقالته هى فضيحة بكل المقاييس فناهيك عن تأكيده عن صفقات الجماعة الشريفة الوطنية مع النظام فى السنوات الأخيرة حول الانتخابات إلا أن ما سرده حول مقابلة سرية لأعضاء الجماعة فى أوج اشتعال الثورة التى استشهد فيها زهور من شباب وشابات مصر لقاء جمع الإخوان الشرفاء الوطنيين مع النائب حينها "عمر سليمان" لعقد صفقة مع النظام لإجهاض الثورة، وذلك مقابل فتات يعود عليهم من اعتراف بالجماعة والسماح لهم بإنشاء الحزب الذى حلموا به لتسعة عقود.

هؤلاء هم الإخوان الذين يبيعون الدماء لمصلحتهم ولولا اختلاف المصالح لنجحت الصفقة.. هؤلاء هم الإخوان على وجههم الراسبوتينى الحقيقى ثلاثة وثمانون عاما من الإفساد والكذب والخديعة والإيهام والنفاق والمداهنة والخنوع والتسلق والتملق والادعاءات المسروقة والبطولات الزائفة والتاريخ المفتعل والأكل على موائد الجميع والتستر بالدين والوصولية والانتهازية وخيانة العهود والسطو على منجزات الآخرين.

الإخوان بين مرحلتين:
ولذلك فقد وجب أن نوضح أن الإخوان الآن بين مرحلتين هامتين نستطيع أن نفرق بينهم بوضوح الإخوان ما قبل "25 يناير" والإخوان بعدها.

الإخوان قبل "25 يناير":
بالطبع لن نتحدث عن تاريخ طويل ومشوه امتلأت به تسعة عقود من تاريخ مصر والعالم العربى والإسلامى بهذه الجماعة، ولكننا فقط نستلهم دروس الماضى لنقرأ المستقبل فى هذا التوقيت الحاسم من تاريخ مصر والمنطقة.

فلا شك أن تطاول العمر بهذه الجماعة لثلاثة وثمانين عاما لم يكن حصاد فكر رصين أو مبادئ سامية أو تاريخ مشرف -والعياذ بالله- ولكن الإخوان ككل البقع الجرثومية تنمو وتستطيل فى بيئة صالحة تتوافر فيها مزايا محددة لتظل على قيد الحياة، وقد لعبت المصادفات دورا هاما فى بقائهم أحياء دون تعفن طيلة هذه السنوات وذلك لتوافر عاملين لا ثالث لهما، الأول هو المطاردة والتعقب، فهذه المطاردة التى يشكو منها الإخوان فى بكائياتهم ومرثياتهم إنما هى أكبر بيئة غذت ونمًّت وساعدت الإخوان على البقاء وهم يعلمون جيدا أن ذلك هو السبب الأكبر فى استبقاء الحياة فى جماعة كهذه، فبيئة الاضطهاد والمطاردة منذ الأربعينيات حيث كان الإخوان يفجرون ويقتلون ويغتالون وأيضا يلعبون اللعبة ذاتها على كل الموائد من الإنجليز إلى غيرهم، مرورا بعصر يوليو الذى لم يفلح فيه الإخوان فى سرقة ثورة جمال عبد الناصر فقرروا اغتياله وكأنهم يستجدون ويستنفرون عودة عصر المطاردة والتضييق لأنهم أحسوا مع فورة حماس الشعب لثورة يوليو أن الجماعة فى طريق الموت السريرى، وللأسف فقد أهداهم نظام عبد الناصر ما يريدون ليظلوا أحياء يدعون الشهادة والجهاد، وصولا لحقبة السبعينيات الذى أعطى فيها السادات -سامحه الله- يدا للجماعة بعد أن أشار عليه أحدهم بضرب اليسار الماركسى باليمين الإسلامى، فكان أن ضرب السادات دون أن يدرى مصر كلها فى مقتل، وأعاد الحياة للإخوان وأخرجهم من الجحور فما كان منهم إلا أن تلقح رحمهم من الوهابيين السلفيين فأنجبوا ابن الزنا فكانت الجماعات الإسلامية التى فى النهاية قضت على السادات نفسه، وقد كان التزاوج بين الإخوان والوهابيين فى السبعينيات إنما كان عودة لبلد المنشأ التى رعت الفكرة فى أولها بالمال لتكون الجماعة يدا للوهابيين فى مصر قبل منتصف القرن السابق، ولكن التزاوج انفض مع الوهابية بعد ذلك لخلافات لا يتسع المقام لشرحها، ثم وصل الإخوان لعصر مبارك وكانوا قد تعلموا لعبة الديمقراطية التى أعجبتهم بعد الخلاف مع الوهابيين، ولأجل أسلمتها اخترع الإخوان الأدبيات التى تقرن بين الديمقراطية والشورى فى الإسلام وهى كذبة من الإسلاميين لا مجال لمناقشتها الآن فلا علاقة بين الشورى والديمقراطية بحال وعلى هذا ولجت الجماعة إلى عصر مبارك بعد أن أعطاهم هو وأمن دولته نفس الإكسير الذى يحييهم، فقد أعطاهم النظام المخلوع ذات المطاردة والتعقب والتنصت وكل الوسائل التى يسعد بها الإخوان بشدة ويزدادون بها انتفاخا لأنهم ينمون ويتغذون فى هذه البيئة فقط فالإخوان لا يعرفون ولا يمكنهم العمل فى الضوء بل هم لا يعرفون إلا العمل بليل فإذا ما سمح لهم بالعمل تحت الضوء شلت حركتهم وقضوا نحبهم، لذا فهم على مر العصور يسعون إلى استنفار هذه المطاردات لأنها تمثل روح العمل فى هذه الجماعة المريضة وهو ما وضعهم فى أزمة كبيرة بعد ثورة "25 يناير"، كما سنوضح.

أما العامل الثانى الذى مثل البيئة الصالحة لنموهم فهو الجهل، جهل العامة من البسطاء وفطرتهم القريبة دوما من الدين وكان هؤلاء البسطاء والأتباع هو وقود الإخوان على مر العقود، فمن اليسير أن تتقرب للبسطاء بستار الدين الذى تضطهده الدولة مع استعمال أدوات العمل المسرحى والحبكة الدرامية من إعفاء اللحية والمساعدات المالية ورفع الشعارات الدينية البراقة مثل تحكيم شرع الله وإقامة الدين وما إلى ذلك، فتلين الثمرة لهم، وما شعار الإخوان إلا مثال صارخ على هذا فقد كان الإخوان فى بداياتهم ومن لزوم ما يلزم يرفعون شعار السيفين المصاحبين لكلمة "وأعدوا" وهى استلهاما من الآية القرآنية "وَأَعِدُّواْ لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللّه وَعَدُوَّكُمْ" التى يأتى سياقها القرآنى فى الكلام عن عدو الله، فقد كان الظرف التاريخى المدعى حينها أن الإخوان يرفعون شعار "وأعدوا" فى مواجهة المحتل الكافر، ولكن الغريب أن الإخوان ظلوا يرفعون الشعار "وأعدوا" فى وجه كل المخالفين فظل هذان السيفان الغبيان مشهرين فى وجه الجميع ولا نعلم فى الحقيقة لمن يعد الإخوان عدتهم فى كل هذه السنوات إلا لو كنا جميعا من أعداء الله طالما نحن خارجون عن إطار جماعتهم المريضة, وفى هذه البيئة المساعدة من خلال العاملين الأساس مطاردة الإخوان وجهل البسطاء استمرت الجماعة فى الوجود اللا دينى واللا سياسى، فالحقيقة أن الإخوان لم يقدموا تعريفا لهم طوال هذه السنوات فهل هم رجال دين فأين هم العلماء فى مكتب الإرشاد وأين دورهم الدعوى بل إن المرشد العام للجماعة لا يحسن حتى الكلام الصحيح بالعربية الفصحى، أم هل الإخوان رجال سياسة وحكم فأين هى رجالاتهم فى هذا الباع فلم نجد لهم أثرا يذكر..

إذن فالسؤال الذى يلح فى المرحلة الثانية للإخوان ما بعد "25 يناير"، من هم الإخوان وما هو مفهوم الجماعة؟

الإخوان بعد "25 يناير":
بدأ الإخوان عصرا جديدا بعد نجاح ثورة "25 يناير" ولنترك الآن الاستيلاء على الثورة كوضع على الأرض وننظر بروية فى السطو على نتائجها ومكتسباتها، فلم يكن موقفهم من الاستفتاء على التعديلات الدستورية إلا تعبيرا صريحا عن موقفهم حين يكونوا على الساحة وحدهم، فإقصاء الآخر ونفيه وتسفيه رأيه والتعصب لما يريدونه هو أول ما كشف به الإخوان عن وجههم المغاير للرقة والوادعة والديمقراطية وقبول الآخر، هذا بالطبع إلى جانب الاعتقاد الذى بثته الجماعة عن عمد أن الاستفتاء على التعديلات الدستورية استفتاء على قوتهم الحقيقية على الأرض، فلا يعتقد أحد أن الإخوان كانوا يبحثون عن مصلحة مصر فى الصندوق فالإخوان لا يعرفون إلا الإخوان، وكما هى أصول اللعبة فقد أحب الإخوان أن يستعرضوا قوتهم المزعومة فلجأوا إلى دأبهم فى خلط الدين بالسياسة وكان البسطاء كالعادة أيضا هم وقودهم الذى لا ينضب فأصبحت "نعم" و "لا" ليست على التعديلات الدستورية، ولكن "نعم" هى نعم للدين و"لا" هى اعتلاء مصر من العلمانيين والليبراليين وهذه المصطلحات التى يخشاها البسطاء لأنها مصطلحات تعنى فى النهاية عداء للدين، كما صور الإخوان بالتعاون من وكلاء الواهبية فى مصر أصحاب "غزوة الصناديق"، ولم يعِِ الإخوان الفخ الذى انتظرهم فى الصناديق ولم يدركوا أن أيا ما انتهت إليه النتائج هى هزيمة للجماعة على كل الأحوال فـ"نعم" هزمت الإخوان قبل أن تهزمهم "لا"،لم يفهم الإخوان أن تعصبهم واستعلاءهم ما قبل الاستفتاء وإصرارهم على إقصاء الرأى الآخر ولجوءهم للوسائل المعروفة من خلط الدين بكل شىء هى تعرية لهم كنا ننتظرها منذ زمان، نعم وقف الإخوان فى العراء وحدهم مع الصناديق، وقفوا ولم يلحظوا أن سوءة الجماعة تعرت لكل من له عينان.. وكان لهم لما أرادوا من أغلبية "نعم" وكان لنا ما أردنا من سلخ جلد الثعلب وظهوره فى العلن، فقد ظن الإخوان ظنا مكذوبا أن نجاحهم فى الحشد للاستفتاء هو مؤشر على تحقيق حلم الآباء المؤسسين بالحشد لما هو أكبر من الاستفتاء، فقد وقف الإخوان فى العراء حين لم يجدوا حرجا فى اللعب بورقة المادة الثانية عند البسطاء لكى يحشدوا حشدهم فتكون النتيجة ظاهريا لمصلحة الوطن وتكون النتيجة باطنيا لمصلحة ترسيم القوة الخارقة للإخوان لأنهم لا يعرفون إلا مصالح الجماعة لا يعرفون مصلحة مصر، بل لا يعرفون مصر من الأساس وذلك تبعا للمبدأ العظيم الذى أرساه مرشدهم المنتهية صلاحيته "مهدى عاكف" فى حواره مع الصحفى المحترم سعيد شعيب عندما قال جملته الأثيرة التى تعبر عن مبادئ الإخوان "طز فى مصر وأبو مصر واللى فى مصر"، فإذا كان ذلك كلام المرشد الذى يجب الثقة فيه ثقة عمياء واتباعه فى المنشط والمكره –حسب منطوق قسم الانضمام للجماعة- فما حال الأتباع إذن، ولكن المعضلة الأكبر من سطو الإخوان على الثورة وعلى ونتائجها هو الأمل الذى يحدوهم بعد هذا الانتفاش المكذوب أن يتم الاستيلاء على مصر كلها وهى أضغاث أحلام بدأت تداعب رجال الجماعة أقصد أعضاء الجماعة، فماذا لو تخلينا أن الإخوان قفزوا على سدة الحكم فى مصر.

الإخوان حين يمدون أعينهم إلى الكرسى:
بدأ الإخوان، بعد الانتصار "نعم" فى الاستفتاء، حديثا ناعما ودودا عن شعارهم المزيف "مشاركة لا مغالبة" وبدأت ألسنتهم على الشاشات وفى الصحف تتكلم عن ترشحهم على عدد قليل من الانتخابات البرلمانية المنتظرة وأنهم ولله الحمد والمنة لن يفكروا فى الترشح لمنصب الرئاسة "الآن" وكأن القوة المنتفشة وهم قد صورت لهم أن واحدا من الإخوان لو ترشح فباب القصر مفتوح له، ولا أعلم سر هذا الاستعلاء الإخوانى رغم أن الدلائل تحمل لهم فى قادم الأيام ما لن يسعدهم كثيرا، ثم بدأت اللهجة تتغير مع كل تعرية للإخوان فى وسيلة إعلامية أو غيرها فزادت حدة التعالى وغير الإخوان خططهم وقالوا سنترشح على نصف مقاعد المجلس النيابى القادم، ثم أخذتهم السكرة ولما لا؟ لماذا لا نركب على الكرسى فى سبيل إقامة شرع الله، وحينها دشنت تمثيلية استقالة "عبد المنعم أبو الفتوح" ولكنهم بعد استقالة "هيثم أبو خليل" رأوا أن استقالة "أبو الفتوح" ولو كانت مصطنعة إلا أنها ستضربهم فى مقتل، فبدأت الخطة الثانية أن يعلن "أبو الفتوح" كبالون اختبار أنه يفكر فى الترشح للرئاسة مستقلا عن الجماعة، وذلك حتى يحققوا النموذج الإيرانى حين نرى رئيس مصر يقبل يدى مرشده العام أو الأعلى –سيان- وذلك ما بشر به فى تسجيل مصور العائد من بيته اللندنى "كمال الهلباوى" حين أكد أمام المرشد الأعلى للثورة الإيرانية أن الإخوان يرغبون فى تطبيق النموذج الإيرانى فى مصر وأنه يجب-لاحظ كلمة يجب- أن تقوم أنظمة إسلامية على أنقاض الأنظمة التى بادت، وهنا تشتبك الخيوط عند الجماعة ويظهر أن شعار "المشاركة لا المغالبة" هو واحد من ألف كذبة تعاهدوا وتعودوا عليها طيلة تسعة عقود، وهنا تتضح الكذبة الأكبر التى يدعيها الإخوان والمسماة "الدولة المدنية" التى لها تعريف خاص عند الإخوان.

بالطبع فالإخوان لهم قاموس خاص بهم فهم يتناقضون بين يوم وآخر بل بين لحظة وأخرى وبين شخص وآخر، فكل إخوانى له رأى غير أخيه ولكنهم إخوة فى الإخوان، فهذه الجماعة المريضة تربت على اللا مبدأ وهو المبدأ الذى شربوه ووعوه من السدنة الكبار، فالإخوان حين تسألهم ما هو تعريف الجماعة للدولة المدنية أو ما هو دور المرأة فى هذه المجتمع وما معنى تطبيق الشريعة وما معنى المواطنة فى نظر الجماعة وما موقف الجماعة من الفن والرياضة والاختلاط وما هى الديمقراطية فى تعريفهم وكل الصف الطويل من الألغاز، ستجدهم يهيمون ويدورون ويصعدون ويهبطون وتدور أعينهم كالذى يغشى عليه من الموت وفى النهاية لن نجد إجابة واحدة لها معنى محدد عن هذه الأسئلة، جماعة احترفت التضليل والكذب والتقية قرابة تسعين عاما، كل يوم برأى وكل وضع بحال، فالإخوان لا مبادئ لا عقل لا وضوح لا شفافية لا مشروع لا حقيقة لا منهج لا طريق لا طريقة لا اعتقاد لا جماعة لا جمعية لا حزب، الإخوان لا شىء على الإطلاق، ولما تفتأت أذهانهم على لعبة الحزب الهزلى المسمى "الحرية والعدالة" وجدنا نفس التضارب فيخرج مرشدهم البديع ليقول لا نرشح فى الحزب المرأة والقبطى.. فى تمييز واضح وردة عن فكرة المواطنة والحقوق المتساوية وكأنه يؤكد على اسم الحزب، فأى حرية وأى عدالة هذه.. ولكن لا يجب أن نندهش فهذه الحرية والعدالة والمواطنة والحقوق فى قاموس الإخوان فقط، وبعدها أحس الإخوان بحجم الكارثة التى قالها "البديع" فخرج أحدهم كالعادة لينفى ويقول سنراجع الآراء الفقهية من ناحية ترشح المرأة والقبطى، ولن نعقب على ذلك فمكانه فى مقالات قادمة نختلى فيها بفكر الإخوان.

فماذا بعد كل ذلك لو تخيلنا فى ليل بهيم مظلم أو فى نهار أسود حالك أن الإخوان قد صعدوا على كرسى الحكم فماذا نتخيل، سينتهى دور مصر على كل الأصعدة سينتهى هذا البلد ثقافيا وسياسيا واجتماعيا وحربيا وعلميا واقتصاديا ورياضيا وإنسانيا، بل ستنتهى مصر من الأساس فلا فن ولا ثقافة ولا حرية ولا تعليم ولا دستور ولا قانون ولا إبداع، ستقزم مصر الإخوانية وسيكون أكبر انتصار لمصر أن تقفل المحال التجارية ساعة الصلاة، وأن يفرض الزى الشرعى على النساء جبرا، وستدشن ولله الفضل والمنة جماعة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، ولنا كمثال حى فى دولة غزة الحماسية الإخوانية المتحدة المثل والقدوة، فحكومة حماس الغزية التى أقسمت علنا فى مؤتمر عام بقسم الإخوان المسلمين وعلى الولاء والطاعة لهم وتركت الانتماء لفلسطين الأبية، هذه الحكومة الإخوانية تركت الرصاص والعذاب يصب على رؤوس الغزيين صبا ولكنها ولله الحمد استطاعت أن تحقق انتصارات أكبر من الانتصار على العدو الصهيونى، فقد استطاعت أن تفرض الحجاب حتى على البنات فى المرحلة الابتدائية كما استطاعت أن تمنع الأرجيلة "الشيشة" من على أفواه النساء وقررت بعزة واقتدار أن تغلق المحال السافرة التى يحدث فيها الاختلاط المحرم.. هذه هى حماس وهؤلاء هم الإخوان لا مانع أن تحترق الدنيا ولكن شعر النساء وأجسامهم وتعليبهم فى البيت هو أقصى أمانى الإخوة فى الإخوان، وما مصير مصر من ذلك ببعيد.

أما إذا سأل سائل وقال: طالما هناك ديمقراطية فلما لا نحرمهم من الكرسى –إن وصلوا له- بعد أربع سنوات فننتخب غيرهم، ونقول لهم، الديمقراطية لها تعريف خاص عند الإخوان فهى للاستعمال المنفرد كمرة أولى وأخيرة، فمن يعتقد أن الإخوان لو ركبوا على الكرسى سينزلوا مرة أخرى وينصاعوا للصناديق فهو واهم، فساعتها سيعود التزوير من جديد ولكن هذه المرة ليس من أجل الحاكم الإله ولكن من التزوير من أجل الله سيكون حقا، سيزرع الإخوان أبضاعهم فى كل مكان وسنجد المزور على الصندوق من أصحاب اللحى ولو سألته لماذا تزور سيقول لك من أجل أن يظل شرع الله يحكم به فى الأرض ولا يحكمنا العلمانيون والليبراليون الكفار "كما الاعتقاد الذى يشيعه الإخوان"، هكذا هو التماهى والتلازم عند البسطاء بين وجود الإخوان فى الحكم والحكم بالشريعة، ولنقس على صندوق الانتخاب حينها كل مرافق الدلة بلا استثناء، وحينها سترفع كلمات المرشد المنتهى صلاحيته "مهدى عاكف" التى يجب أن نتذكرها جيدا حين قال "الإخوان لو وصلوا للحكم سيضربون المعارضين لهم بالجزمة"، ولما لا وقد خرج علينا "العريان" منذ أيام بلهجته المتعصبة منذرا ومهددا بأنه إذا لم تكف وسائل الإعلام عن مهاجمة الإخوان فإنهم سيتعرضون للمساءلة الجنائية والمساءلة السياسية والمساءلة الشعبية أيضا، نعم هكذا قال "العريان" فهذا حالهم وهم لا يزالوا لا يملكون من مصر شبرا فما الحال لو استقروا على الكرسى.

فلا ..لن يحكم مكتب الإرشاد مصر ولا حتى فى أضغاث أحلامهم، ولن تلبس مصر النقاب، فسيقصى العقلاء فى هذا البلد العظيم وما أكثرهم الإخوان، ولكنه إقصاء من نوع آخر، إقصاء بأن تتوقف المطاردة الأمنية فيجدوا أنفسهم محرومين من العمل بليل الذى لا يعرفون غيره، إقصاء بألا يترك البسطاء فريسة سهلة للإخوان، إقصاء لا يعتمد إلا على كشفهم وتعريتهم.

من أجل ذلك فأنا أبشر المتوجسين من الإخوان..اطمئنوا لن تكون مصر دولة دينية ولن يحكمها الإخوان يوما لأنهم يعيشون ويتغذون على المطاردة لكن ما لم يعهده الإخوان أن تتوقف هذه المطاردة بعد أكثر من ثمانين عاما توقفا سيكشف أنهم ليسوا إلا تجارا يبيعون الدين ويسوقونه كسلعة مطلوبة يستزيدون لها من الراغبين ليصلوا على جسدها للحكم..وخطأ يعتقد الإخوان أن تحقيق حلم الآباء المؤسسين والكنهة الأوائل بحكم مصر قد اقترب وبات على مرمى حجر وأقول لهم ناصحا..أنتم فى طريقكم للزوال لو كنتم تعقلون.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 5

عدد الردود 0

بواسطة:

محمد الشافعي

العقل .............والاحترام!!!!!!!

عدد الردود 0

بواسطة:

م:عصام عيسى

نعم الرأى...

عدد الردود 0

بواسطة:

رضا عبد الله

اسلام هل تسمعتى

عدد الردود 0

بواسطة:

بركات

الأخوان

عدد الردود 0

بواسطة:

ahmed

تسلم ايدك اللى كتبت الكلام ده

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة