محمد إبراهيم الدسوقى

الثواب والعقاب

الإثنين، 07 مارس 2011 07:42 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قاعدة ومنظومة الثواب والعقاب، اختلت وخرجت عن سياقها الطبيعى والمنطقى فى عهد الرئيس السابق حسنى ومبارك، فالثواب الموفور كان جزاء المطيع الحبوب الأليف المنفذ للتعليمات والأوامر والمشارك فى الفساد والإفساد، والعقاب المشٌدد كان من نصيب الشرفاء ومن سولت له نفسه قول كلمة لا للفساد وللظلم وللاستبداد.

هذا الخلل المزرى أخرج أجهزة الدولة عن بكرة أبيها من دائرة الحساب، فالرئاسة لم يكن معلوم نفقاتها وما تقتطعه من ميزانية الدولة، فذاك سر محظور الاقتراب منه والحديث عنه، وكذلك جهاز المخابرات العامة وفى حالته يجوز تفهم عدم البوح بموازنته للعامة، لكنه أيضا بقى بعيدا عن المحاسبة، فلم نسمع أن رئيسه أو قياداته مثلت أمام لجنة برلمانية، لمساءلتهم عن فشلهم فى التعامل مع ملفات دقيقة تخص أمننا القومى، كالسودان، ومياه النيل.

الظاهرة كانت أفدح وأقبح وأكثر وضوحا فى وزارة الداخلية المنوط بها حماية جبهتنا الداخلية، فالوزير السابق حبيب العادلى، بلغ به الغيور والتعالى مبلغه، ولم يكترث يوما طوال 13 عامًا فى منصبه فى الاستجابة لطلبات الإحاطة والاستجوابات المقدمة من نواب مجلس الشعب، مكتفيا بإرسال أحد مساعديه الذى كان ينفى اتهام ضباط الشرطة بتعذيب المواطنين، وتحويل أمناء الشرطة والمخبرين لبلطجية بممارساتهم البغيضة وفرضهم الإتاوات على الضعفاء من أبناء الشعب المصرى، وفى الختام يوجه السادة النواب الشكر لمساعد الوزير على تفضله وتكرمه بالحضور، وتجديد الثقة غير المحدودة فى الشرطة الساهرة على أمن الوطن.

غرور العادلى أعطاه يقينا بأنه فوق القانون، حتى أنه صرح بلا خجل خلال واحد من أحاديثه مع مفيد فوزى، بأن من يخاف عليه عدم الكلام فى التليفون، وذلك ردا على سؤال متعلق بتنصت الشرطة على المكالمات التليفونية.

وانتقل تضخم الذات والاستعلاء للكيان المسمى مباحث أمن الدولة، والذى كان يتصرف كقوة احتلال، حيث انحصرت مهمته فى ترويع الآمنين، واستخدام أحط وأقذر الأساليب عند استجواب المعتقلين البؤساء، ولم يصل إلى علمنا معاقبة عناصره على جرائم قتلهم أناس تحت وطأة التعذيب فى سجونهم العلانية والسرية، ولن أعيد على مسامعك تدخلهم فى كل كبيرة وصغيرة بما فيها موضوع خطبة الجمعة فى بعض المحافظات.

ودللت وقائع فى الأيام الماضية على قدر انحراف مباحث أمن الدولة، ومحاولة أفرعه فى الإسكندرية والسادس من أكتوبر طمس جرائهم بإتلاف وإحراق ما لديهم من مستندات ووثائق، وأقترح أن يدرس الجيش فكرة تسلمه مقرات أمن الدولة والتحفظ على ما بها من ملفات تكشف وتفضح الكثير مما فعلوه بحق هذا الوطن إبان السنوات الثلاثين المنصرمة، وأن تعقد فيما بعد محاكمات خاصة للمسئولين عنها، والعمل على إعادة هيكلتها بما يعيدها لمهمتها الأساسية فى صون الجبهة الداخلية.

ولن يتسع المجال لإيراد النماذج الدالة على اختطاف نظام مبارك لمبدأ الثواب والعقاب الذى لم يعد له وجود يذكر سوى فى المقررات الدراسية بالجامعات والمدارس، ومقالات نفر من المثقفين المعارضين الغيورين على بلادهم، ولذا فإننى أوجه دعوة صادقة لاستعادة هذا المبدأ المسلوب ونحن نؤسس لدولة سيادة القانون والعدل.

ولاستعادته فإن المهمة الثقيلة ستقع على عاتقى وعاتقك كمواطنين يتوجب علينا عدم التقصير فى القيام بمهام وظائفنا، مهما كانت صغيرة، وان نجتهد فى تطويرها وتحديثها، وألا نتستر على مخطئ، وأن نجزى ونعاقب المسئولين والسياسيين وقت الانتخابات، وأن يحرص كل مسئول فى موقعه على مكافأة المجيد المجتهد ومحاسبة المسىء، وأن تكون الكفاءة جواز المرور لشغل المناصب القيادية وعدم التقيد بصغر السن، لأننا سنكرر خطأ العهد المباركى الذى كان يعامل الشباب كعيال لم يبلغوا شاطئ الرشد والصواب بعد.

حرصنا على تأسيس نظام يعلى ويقدر فلسفة الثواب والعقاب يجب ألا تجعلنا نتعجل استصدار أحكام تدين أركان نظام مبارك المحبوسين حاليا الذين يستحق بعضهم عن جدارة الإعدام عقابا لهم على امتهانهم كرامة وطن بتاريخ وحضارة مصر.

وعلينا أن نصبر قليلا حتى تأخذ العدالة مجراها وحتى لا يفلت مجرم من العقاب الواجب، ياجماعة الخير نريدها عدالة ناجزة يفخر بها من سيكتب لهم العيش فى ظل دولة ما بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة