محمد حمدى

مصر من الديكتاتورية.. إلى الديكتاتورية!

السبت، 05 مارس 2011 12:25 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل الخامس والعشرين من يناير كانت مصر نموذجا للدولة الفاشلة، يحكمها حزب واحد، وتتزاوج فيه السلطة والثروة، مع استشراء كبير للفساد، وغياب أى افق سياسى للتغيير، حتى أن التغيير الوحيد الذى كان مطروحا على الساحة، تمثل فى توريث الحكم لنجل الرئبيس السابق.

ومع ذلك استطاع المعارضون، ومن يقفون فى المنطقة الوسطى بين الحكومة والمعارضة، التعبير عن أرائهم بحرية، حتى ولو لم تنجح تلك المعارضة فى التحول من الحالة الكلامية إلى الفعل المؤثر على أرض الواقع، ويخطئ من يظن أن هذه المساحة من الحرية فى التعبير فى الصحف والمواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية لم تثمر.

صحيح أن خروج الشباب إلى الشوارع فى 25 يناير كان مبادرة شبابية، لكن الصحيح أيضا أن كل فئات الشعب التى نزلت إلى الشوارع الجمعة 28 أبريل، كانت تقرأ وتسمع وتشاهد وتشارك، بأشكال متعددة، منها الوقفات الاتجاجية والتظاهرات الفئوية والعمالية، وحتى الاتصالات الهاتفية بالفضائيات للمشاركة فى برامج لم تتوقف منذ سنوات عن مناقشة موضوعات تبدأ من حرية التعبير، حتى التعليق على ملفات الفساد التى نشرتها الصحف وناقشها البرلمان، وفتحت ملفاتها على الفضائيات.

مصر لم تكن جثة هامدة، وكل مواطن ساهم فى جعلها تنبض بالحيوية، ورغم سيطرة حزب واحد، ومحاولته مصادرة الشرعية عبر تزوير الانتخابات لكن مصر الحقيقية ظلت حية ومشاركة وفاعلة، حتى انفجرت فى لحظة فغيرت النظام، ولم يعد الفساد مادة للحديث، وإنما ذهب الفاسدون إلى النيابة العامة والقضاء ليقتص الشعب من كل من أفسد سياسيا وماليا واجتماعيا فى هذا الوطن.
انتهى عصر، وبدأ عصر جديد، كنا نأمل أن يتخلص من كل سلبيات ما مضى، ويتعلم من الدروس البائدة، لكن للأسف سقطنا فى نفس الفخ، وأصبح كل من يختلف فى الرأى مع "الثوار" خائن ، وكل من يدعو إلى منح الحكومة فرصة للعمل من بقايا النظام البائد، وكل من يحذر من أن الدولة فى طريقها للانهيار ما لم نبدأ جميعا العمل من الأمس وليس اليوم عميل.
أى بلد فى العالم يتغير بجهود كل أبنائه، وليس بطغيان جماعة على الأخرى، والديمقراطية لم تكن فى أى يوم من الأيام هى حكم الأغلبية، بقدر ما هى الاستماع إلى الأقلية، والتعامل معها على أنها جزء من النسيج الوطنى، وحين لا تفعل ذلك تسقط ديكتاتورية.. لتنشأ ديكتاتورية أخرى.










مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة