محمد إبراهيم الدسوقى

قياداتنا الدينية بين الجد والهزل

الإثنين، 28 مارس 2011 07:06 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ما هو الدور المتعين والواجب على العلماء والمشايخ والقساوسة القيام به فى اللحظات الفارقة والفاصلة فى تاريخ الأمم والشعوب؟ الجواب: الاجتهاد بأقصى طاقاتهم لتحصين وتمتين جهاز المناعة الوطنى، لحين اجتياز الفترة العصيبة الدقيقة، ما بين غروب شمس نظام وشروق شمس آخر، فخلال هذه الفترة يصبح جسد الوطن عرضة لهجمات لا تتوقف من فيروسات آتية من كل حدب وصوب، بغرض إضعافه والإجهاز عليه وشل حركته على المقاومة.

وبدلا من أن تنشغل قياداتنا الدينية بهذا الدور المحورى، رأيناها تهدر مجهوداتها ووقتها فى الجرى خلف جمع مكاسب فئوية محدودة القيمة، فالتيار السلفى وجد فى نجاح ثورة الخامس والعشرين من يناير فرصة لا تعوض لاستعراض قوته، بعد كمون طال أمده، لكن رموزه استغلت ظهورها المتكرر فى وسائل الإعلام وعلى منابر مساجد بشكل لم تكن تحلم به يوما زمن الرئيس السابق، وذلك لإطلاق رسائل تؤكد الحضور القوى على الساحة ـ وهو ما يجوز قبوله من زاوية أنها قوة مهمة بين قوى المجتمع ـ لتعويض ما فاتها، وأن توجه عجلة المستقبل فى اتجاه يروج لأفكار وتطلعات السلفيين.

إن رموز التيار السلفى خلطت الأوراق بصورة أفزعت الجميع، وألبستهم ثياب الخوف من الآتى، أية ذلك ما صرح به الشيخ محمد حسين يعقوب عن "غزوة الصناديق"، ثم تبريره لفعلته بأنها كانت "هزارا" فرضه النشوة التى أحدثها فوز التصويت بـ "نعم" على التعديلات الدستورية التى لم تكن لها صلة قريبة أو بعيدة بالدين، وأسأل الشيخ يعقوب أن يصارحنا بمدى اقتناعه بحكاية الهزار تلك؟
وبعد ذلك خرج الشيخ محمد حسان، بتصريح أكد فيه رفض تولى مسيحى أو سيدة سدة الرئاسة فى مصر، ولا أدرى ما هو الداعى لهذا الكلام فى هذا التوقيت؟ ومن قال إن مسيحيا سوف يتولى منصب الرئيس فى بلد تدين الأغلبية العظمى فيه بالإسلام؟ فالقضية محسومة ولا يلزمها زيادة تأكيد، كما لم تعلن سيدة طموحها فى نقل محل إقامتها للقصر الرئاسى.
إذا وضعت هذا وذاك إلى جانب الاحتفاء الإعلامى غير المبرر بعبود وطارق الزمر عقب إطلاق سراحهما، والتخبط البادى فى أروقة جماعة "الإخوان المسلمين" بإعلانها تارة أنها لن تتنافس على المقعد الرئاسى، واكتفائها بالمنافسة على 35 % من مقاعد مجلس الشعب، وأنها سوف تشكل حزبا غير خاضع لتوجيهات وتعليمات مكتب الإرشاد، ثم قول بعض قياداتها: "إن الجماعة ستكون مسيطرة عليه"، إن الإمعان والتدقيق فى هذه المواقف، تجعلك لا تملك سوى الخروج بنتيجة واحدة، هى أن كل جهة لا تبحث إلا عن مصلحتها الذاتية، وبالشكل الذى يقسم البلاد إلى شيع متحاربة فى زمن تحتاج فيه للوقوف صفا واحدا، وإن صارحتهم بهذا سيقولون إن الإسلام مستهدف، مع إن شيوخنا الأجلاء يعلمون علم اليقين أن الأمر أبعد ما يكون عن قصة استهداف الدين الحنيف.

كما أن الذاتية والمصالح الفئوية طغت على قيادات مسيحية عدة، استغلت الظروف الراهنة لجنى مكتسبات أرى أن توقيتها غير ملائم، رغم علمها بوجود أصابع ليست خفية تعمل بهمة ونشاط لتسميم الأجواء بين المسلمين والأقباط.

وبدون مواربة فان الغيظ يتملكنى، حينما أشاهد بعض قيادات أقباط المهجر يتحدثون فى الفضائيات عما لحق بالمسيحيين فى مصر من ظلم واضطهاد، ويغيب عن ذهنهم أن المسلمين كانوا فى نفس القارب، وقاسوا مما قاساه الأقباط، وليخبرنى أحدكم ما لزوم عودة المظاهرات القبطية أمام ماسبيرو؟

سيقال إنها تجسيد للتخوف من قصص إقامة الحد على مسيحى فى قنا فى ظروف لم نفهم أبعادها وحقائقها بعد، وعن نفسى أعلن استنكارى التام لهذا التصرف، لكنه يأتى ضمن حالة التشتت والركض وراء المكاسب الفئوية باسم الدين.

يا سادة إن قياداتنا الدينية الإسلامية والمسيحية مدعوة لوقفة صادقة مع الذات، وأن تجعل همها الأوحد إيقاف هذا البلد على قدميه، وإلا سنندم فى وقت لا ينفع الندم.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 1

عدد الردود 0

بواسطة:

اسامه عبد الرسول

الرد على افتراءات مدعى العلم ببواطن الامور

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة