محمد حمدى

الخونة والعملاء فى مصر

الأحد، 06 فبراير 2011 12:34 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ الجمعة 28 يناير وحتى الآن، تبدو أكثر كلمتين يستخدمهما المصريون، بعد الثورة، هما الخونة والعملاء، فداخل ميدان التحرير يوم الأربعاء الأسود كان المحتجون يطلقون على الواقفين خارج الميدان وصف الخونة، أما المحتجون على المحتجين والذين يقفون خارج الميدان أو فى ميدان مصطفى محمود فكانوا ينادون الآخرين ويطلقون عليهم وصف العملاء.

وبعيدا عن الميدان تسود نظرية لدى الكثيريين أن ما جرى فى مصر طيلة 12 يوما هو نتاج مؤامرة شاركت فيها أطراف متعددة بداية من أمريكا وانتهاء بإيران وإسرائيل وحركة حماس وحزب الله فى إيران، حتى تحول كل أجنبى فى مصر إلى مشتبه به، وضالع فى المؤامرة، وتعرض الكثير من الصحفيين العرب والأجانب لاعتداءات عنيفة بدعوى أنهم مشاركون فى مؤامرة كبرى يتعرض لها الوطن.

وإذا كانت مشكلة مصر الحقيقية هى غياب الديمقراطية، فإن أعظم مشاكلها التعليم الفاشل الذى يغيب العقول، ويجعل المواطنين فريسة سهلة لكل من يريد أن يحشو أدمغتهم بما يريد، سواء كان بالحديث عن الخونة والعملاء.. والمؤامرة، وغيرها من الأوصاف التى تنم عن ضيق أفق، وغياب الثقافة الحقيقية لدى الناس.

من كانوا فى ميدان التحرير وحتى الآن ليسوا عملاء ولا خونة، فهم مواطنون لهم مطالب مشروعة، وحتى الحركات السياسية التى دخلت على الخط بعد ذلك لها مطالب سياسية تسعى لتحقيقها سواء كانت ضيقة تهدف لتحقيق أجندة خاصة للحركة، أو تتسع لتخدم الوطن ككل.

وفى المقابل أيضا فإن من حافظوا على ولائهم للنظام الحالى ليسوا بالضرورة عملاء للنظام، أومستفيدين منه، فبعض من كانوا مع حركة 25 أبريل رأوا أن ما تحقق من مطالبهم حتى الآن يمثل الحد الأدنى، لذلك توقفوا بدافع الحفاظ على بلدهم، ومن أجل عودة الاستقرار.

أما من تحدثوا ولا يزالون عن مؤامرة دولية تحاك ضد مصر فأعتقد أن عليهم معرفة حقيقة مهمة، وهى أن ما حدث فى البلد من فراغ ناتج فى الأساس عن الغياب الأمنى الذى بدأ بعد الخامسة من مساء الجمعة 28 يناير، فأنا لا أصدق ولا أعتقد أن مصر تعرضت لمؤامرة دولية متعددة الأطراف لإسقاطها، لأن مؤشرات هذه المؤامرة لم تكن بادية، كما أن معظم ما قيل عن أجانب وأموال واختراقات هى أقوال مرسلة لم يثبتها أحد.
مصر عاشت فراغا كبيرا وسقطت فى أحداثها كل السلطات باستثناء المؤسسة العسكرية، وحين يحدث هذا الفراغ فى أى مكان فى العالم ينشط اللصوص والبلطجية وقطاع الطرق، وتحدث عمليات سلب ونهب كبيرة، وتتحرك أجهزة المخابرات فى دول أخرى لتنفذ أجنداتها أو لتحمى مصالحها.. وهذا ما حدث 5 فى مصر، ومن قبل فى غيرها فى مثل هذه الظروف.

مصر ليست شعبا من الخونة والعملاء، وعلينا أن نتوقف بشكل كامل عن استخدام هذه المصطلحات، وإذا كنا نسعى لإصلاح سياسى ودستورى واجتماعى واقتصادى، وغيرها فإن الأكثر إلحاحا أن نبدأ إصلاحا ثقافيا واسعا يعيد الثقة بين كل فئات الشعب المصرى.. بدون تفرقة.. وبدون تخوين، أو اتهامات بالعمالة، وأن نبدأ من الآن تعليم الناس ثقافة الاختلاف، فليس كل من نختلف معه فى الرأى خائنا أو عميلا، بل صاحب رأى يجب أن نحترمه حتى ولو اختلفنا معه.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة