قطب العربى

هيكل والقرضاوى والخمينى

الأحد، 20 فبراير 2011 07:13 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم يستطع الأستاذ محمد حسنين هيكل فى أول إطلالة له على التليفزيون المصرى مع محمود سعد أن يخفى تحيزاته الفكرية والسياسية، حين تحدث عن مشهد إمامة الدكتور يوسف القرضاوى لصلاة جمعة النصر فى ميدان التحرير إذ شبه هذا المشهد بمشهد عودة الخمينى إلى إيران عقب نجاح ثورتها عام 1979، ورغم أن مشهد عودة الخمينى إلى إيران كان أهم مشاهد الثورة الإيرانية بالنسبة للإيرانيين وغيرهم ممن فرحوا لتلك الثورة فى حينها، إلا أن هيكل قدم المقارنة بطريقة سلبية مدعيا أن هذا المشهد (وأقصد مشهد القرضاوى فى التحرير) يعد مشهدا مزعجا للخارج، ويعد تجسيدا لمحاولة قفز الإخوان على الثورة، ولم يكتف هيكل بمشهد القرضاوى للتدليل على هذا القفز لكنه جاء بمشاهد أخرى مثل وضع المنصة وتحكم أحد نواب الإخوان فيها قاصدا الدكتور محمد البلتاجى.

تحدث هيكل بلغة الخصم السياسى رغم أنه أثنى على القرضاوى وخطبته، وأكد حق الإخوان فى البروز، ويبدو أن الأستاذ هيكل، مع تقديم حسن الظن، وقع فريسة النقل غير الأمين لما يدور فى الميدان سواء عبر وسائل الإعلام أو عبر بعض أصدقائه المنحازين فكريا أيضا، استكثر الأستاذ أن يذهب ولو مرة واحدة إلى ميدان التحرير لمعايشة الثوار، ومشاهدة الوضع على الطبيعة ولو لدقائق أو ساعات، وهو الذى كان ينتظره الكثيرون وعلى رأسهم أصدقائى الناصريين الذين كانوا يبدون متلهفين لطلة هيكل على الميدان ولو فى ساعات الفجر حيث يخف الزحام، قد يقول قائل إن الأستاذ لم يستطع الذهاب إلى التحرير بسبب شيخوخته، ونرد على ذلك بأننا شاهدنا فى الميدان من هم أكبر سنا وأضعف صحة منه، لقد كنت أقف كثيرا فى الميدان إلى جوار الأستاذ الكبير والناصرى المخضرم عبد العظيم مناف لفترات طويلة حتى وقت متأخر من الليل أتعلم منه وأستلهم منه روح المثابرة، وأجمع له الشباب حتى يأخذوا منه القدوة فى النضال، وهو الذى كان يستحيى من ذلك، مرجعا الفضل لهؤلاء الشباب، ربما كان الأستاذ مناف سبعينى العمر أى أصغر من هيكل، حسنا، فماذا إذن عن الشيخ حافظ سلامة قائد المقاومة فى السويس فى حرب 1973، وهو رمز الثورة الحالية فى السويس وهو تسعينى العمر، لم تكن هناك حجة أو مبرر للأستاذ هيكل أن يتأبى على الحضور إلى ميدان التحرير، وليس من حقه إذن أن يحكم على ما جرى ويجرى فى الميدان وهو متكئ على أريكته أمام شاشات التلفزة.

لو حضر الأستاذ إلى الميدان لعرف منذ اليوم الأول حجم وحقيقة الدور الإخوانى فى الثورة، وهو الدور الذى حرص الإخوان على إخفائه بهدف توفير شرط أساسى لنجاح الثورة، حتى لا يتمكن النظام من القضاء عليها متحالفا مع القوى الكبرى بزعم أنها ثورة إخوانية، لقد أنكر الإخوان ذواتهم، وذابوا فى بقية الشعب الثائر، ولم يرفعوا أى شعار يدل على هويتهم، وكانوا هم الذين يتصدون لأى هتاف ذو صبغة إسلامية، وحتى الهتاف الذى رصده الأستاذ هيكل يوم الجمعة الماضى عقب الصلاة وكان عبارة عن تكبيرات العيد، باعتبار أن الناس تعيش فى عيد، هذا الهتاف تصدى له الإخوان أنفسهم وخرج البلتاجى- الذى انتقد هيكل ظهوره- ليهتف تحيا مصر، وليوحد الناس مرة أخرى على هتافات جامعة، وهذا يحسب للإخوان لا عليهم، وهو أمر يستحقون عليه التحية والتقدير، وقد فعل ذلك المنصفون، وسمعت بنفسى فى الميدان إشادات بالغة بأداء الإخوان من أصدقاء ناصريين ويساريين وعلمانيين.

لو أن الأستاذ هيكل ذهب لدقائق إلى ميدان التحرير لعلم أن هذه الإذاعة التى توجس منها كانت موجودة منذ بداية الثورة، أنشأها شباب الإخوان، ولكنهم فتحوها لكل المصريين سواء من الرموز السياسية المختلفة، أو من شباب الثورة، أو حتى شيوخها، ولم يقصروها يوما على أنفسهم، وهذا ما فعلته أيضا الإذاعات الأخرى التى أطلقتها بعض التيارات السياسية والشبابية، ولو أن الأستاذ هيكل حضر إلى الميدان لعرف أن الدكتور البلتاجى يقف هذا الموقف منذ بداية الثورة بشهادة الجميع، وهو صاحب الحركة الدائمة على مدار 24 ساعة، وصاحب الهتافات الجامعة المعبرة عن مطالب كل الثوار.

وبالعودة إلى موضوع القرضاوى الذى زعم الأستاذ هيكل أنه لم يشارك فى الثورة، ولم يكن من رموزها، وكان أحرى به أن يبتعد عن مسرحها، أقول له إنه هو الذى لم يتابع جيدا تطورات الموقف حتى عبر شاشات التلفزة التى كان يرابط أمامها، وأسأل الأستاذ ألم تشاهد صرخات القرضاوى مستنفرا الشعب لنجدة إخوانه وأبنائه فى التحرير حين هجم عليهم بلطجية النظام بخيلهم وجمالهم وحميرهم، وهى المعركة التى أدعوه أن يسأل أصدقاءه ومحبيه عمن تصدوا لها وردوها خاسرة؟، وهذا بطبيعة الحال لم يكن الدور الوحيد للقرضاوى بل إنه كان فى طليعة من مهدوا لهذه الثورة بكتاباته وتصريحاته، وبرنامجه الشهير "الشريعة والحياة"، وهو الذى ظل محفزا للثوار فى خطبه المنبرية منذ اندلاع الشرارة الأولى لهذه الثورة، وكيف لا وهو من أكثر الذين اكتووا بنار النظام الهالك.

أعرف أن الإخوان لا يريدون من أحد أن يكتب مفاخرا بدورهم، وأعرف أنهم ربما كانوا أكثر سعادة بمن كتب منكرا لدورهم، لأن هدفهم الأساسى هو نجاح الثورة، ولكن ليس من حق هؤلاء المنكرين أن يتمادوا، ويصدقوا أنفسهم حتى النهاية بدواع خبيثة هى حرمان الإخوان من جنى ثمرة مشاركتهم فى الثورة.









مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة