محمد حمدى

أخطر 18 يوماً عاشتها مصر

السبت، 12 فبراير 2011 12:30 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عاشت مصر 18 يوماً لم تعشها من قبل، انتهت فى السادسة وبضع دقائق من مساء الجمعة 11 فبراير، ببيان قصير تلا فيه نائب رئيس الجمهورية بيانًا قصيراً أعلن فيه ترك الرئيس حسنى مبارك منصب الرئاسة وتكليف المجلس العسكرى الأعلى بإدارة شئون البلاد.

قبل المشهد الختامى أحداث وتفاصيل لم يتم تسجيلها بعد، وأعتقد أنها تحتاج من لديه معلومات أن يكتبها حتى تكتمل الصورة، سواء عما دار فى الشارع، أو فى أروقة السلطة منذ الثلاثاء 25 يناير حتى الجمعة 11 فبراير، وهى أهم فترة فى تاريخ مصر الحديث.

صباح الثلاثاء 25 فبراير لم يتوقع أحد من السياسيين المصريين أن هذا اليوم يحمل بداية التغيير، فى وزراة الداخلية كان هناك اعتقاد أن اليوم سيشهد تظاهرات تتجه إلى ميدان التحرير تتكون من عدة آلاف، يمكن السيطرة عليها واحتواؤها، لذلك صدرت التعليمات الأمنية بتكوين دروع بشرية من قوات الأمن ومكافحة الشغب، تكون مهمتها حصار المتظاهرين فى مكان محدود داخل ميدان التحرير، ومنع اقترابهم من شارع قصر العينى ومجلس الشعب مهما كانت الأسباب.

وحسب المشاهدات التى شاهدتها والشهادات التى استمعت إليها لم تستخدم الشرطة فى ميدان التحرير وشارع قصر العينى سوى المياه، والغازات المسيلة للدموع، حتى الثالثة عصراً، بينما بدأت فى الرابعة عصراً فى ضرب التظاهرين واعتقالهم، حيث وضعت عدة سيارات لتجميع المعتقلين أمام وزارة التموين فى شارع قصر العينى، بينما وصل من فى ميدان التحرير إلى نحو عشرة آلاف شخص أو يزيدون.

فى الرابعة عصراً صدرت تعليمات من وزارة الداخلية بإغلاق ميدان التحرير على من فيه من المتظاهرين، واستخدام كل الطرق المشروعة وغير المشروعة لتفريقهم من الميدان حتى لا تتحول المظاهرة إلى اعتصام، وهو ما حدث فى نحو الواحدة صباحاً.

دعا شباب 25 إبريل فى الساعات الأولى من الأربعاء إلى استمرار التظاهرات اليومية والعودة فى النهار إلى ميدان التحرير، بينما صدرت دعوة فى ساعات الصباح الأولى من بعض الشباب لتحويل الجمعة التالية إلى يوم تظاهرات تخرج من جميع مساجد مصر.

يوما الأربعاء والخميس ظلت بعض التظاهرات المتفرقة أمام نقابتى المحامين والصحفيين، وفى شارع الجلاء، وكانت التعليمات الأمنية هى تفريق هذه التظاهرات ومنعها من النزول إلى الشارع.

وشهد مساء الخميس عمليات اعتقال لناشطين من كافة التيارات، من بينهم العشرات من قيادات جماعة الإخوان المسلمين، ووضعت الخطة الأمنية على أساس، تفريق المتظاهرين من أمام المساجد التى رأى الأمن أنها ستشهد تحركات أو تظاهرات عقب الصلاة، لكن أحداً داخل الجهاز الأمنى أو السلطة الحاكمة لم يتوقع أن الناس سيخرجون من جميع المساجد فى وقت واحد.

لم تنجح أجهزة الأمن فى تصور ما سيحدث يوم الجمعة 28 إبريل، وكان التصور الأمنى قائماً على تظاهرات محدودة تخرج من بعض المساجد يجرى تفريقها فوراً، لذلك أمضى وزير الداخلية نهار الجمعة فى قصره فى منتجع الخمائل بالسادس من أكتوبر، افتتح مسجداً جديداً وعاد عقب الصلاة إلى قصره، وظل به حتى السادسة مساءً، وعندها أدرك أن الشارع يوشك أن يسقط النظام فى هذا اليوم.

خرج العادلى من منزله فى السادسة مساء الجمعة وتوجه إلى وزارة الداخلية، وبينما كان يدخل من باب الوزارة كانت الشرطة قد تبخرت، بعد أن خاضت معارك شرسة منذ الواحدة ظهراً فى جميع شوارع مصر، وظل فى مبنى الوزارة الذى حاصره المتظاهرون، وتدخل الجيش وتم إخراج العادلى فى السابعة من مساء السبت، وهو يرتدى ترينج سوت داخل مصفحة عسكرية نقلته إلى المخابرات العسكرية، حيث بدأت التحقيق معه.

كان المشهد طوال يوم الجمعة يبدو كحرب أهلية بين الشرطة والمواطنين، الذين دحروا قوات الأمن رغم استخدامها الرصاص الحى، ونقل المشهد إلى الرئيس، وعقد اجتماعاً مع المشير حسين طنطاوى وتم الاتفاق على تنفيذ خطة الطوارئ العسكرية الموضوعة لحفظ الأمن، فأمر بنزول الحرس الجمهورى لحماية المنشآت الحيوية حسب الخطة الموضوعة مع إعلان حالة الطوارئ فى البلاد، قبل أن تنزل قوات الجيش بتشكيلات أخرى فى اليوم التالى.

وخرج الرئيس فى ساعة متأخرة ليعلن إقالة الحكومة، حيث نصحه مستشاروه بأن هذا الإجراء مع فرض حظر التجول كفيل بتهدئة الناس، وتوالت التظاهرات والإجراءات الحكومية من تعيين نائب للرئيس، وتشكيل حكومة جديدة، حتى وصلنا إلى مساء الثلاثاء الأول من فبراير، حينما تلى الرئيس بيانه الثانى للشعب ولقى تعاطفاً كبيراً من الناس، وظل الرئيس جالسا فى منزله لمدة أربع ساعات يتابع محطات التليفزيون المختلفة، ويستمع إلى مداخلات المواطنين، لم يتوقف خلالها عن البكاء.

ظهر الأربعاء وبينما كانت الدفة تتجه ناحية الرئيس، كانت قيادات داخل الحزب الحاكم تحشد عدد من البلطجية والمأجورين من نزلة السمان والجيزة والمدبح وعابدين، وغيرها لاحتلال ميدان التحرير وإخراج من فيه من المحتجين.

عادت الأوضاع إلى نقطة الصفر مرة أخرى، وقرر الرئيس التخلى عن مستشاريه القدامى ولجأ إلى وجوه جديدة من أبرزهم حسام بدراوى، وقرر مبارك إقالة هيئة مكتب الوطنى وتعيين بدراوى أميناً عاماً، وجرى هذا الاختيار لأنه يعرف عدداً كبيراً من الشباب الموجود فى ميدان التحرير بحكم عملهم معه فى عدد من الجمعيات الأهلية والحقوقية التى أسسها وترأسها.

أخرج حسام بدراوى وائل غنيم من السجن، وتم فتح قناة تفاوض بين الرئاسة والشباب عبر بدراوى الذى اقترح حلا وسطا يقضى بطلب الرئيس تعديل ست مواد فى الدستور، ونقل صلاحياته إلى نائب الرئيس، وسفر الرئيس إلى شرم الشيخ ليخرج من الصورة، فى مرحلة انتقالية يديرها عمر سيمان ولا يترشح للرئاسة بعدها.. بينما تم الاتفاق بين الرئيس والمشير طنطاوى على بدء اجتماع مفتوح للمجلس الأعلى للقوات المسلحة لمتابعة التطورات، باعتبار أن هذه هى الخطوة الأخيرة التى سيقدمها مبارك.

صباح الجمعة خرجت التظاهرات فى كل مكان وحاصرت القصور الرئاسية فى القاهرة والإسكندرية، ومبنى الإذاعة والتليفزيون، فأبلغ الرئيس المشير ورئيس الأركان بقراره التخلى عن السلطة ونقلها للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، اتجهت طائرتى هليوكوبتر إلى مقر الرئاسة، ونقلت الرئيس وحرمه إلى مطار ألماظة حيث استقل طائرة إلى شرم الشيخ، وسارع حسام بدراوى إلى قناة الحياة ليعلن استقالته من الحزب الوطنى، بينما توجه عمر سليمان والمتحدث باسم القوات المسلحة لتسجيل بيانى تخلى الرئيس عن السلطة، وإعلان الجيش تولى أمور المرحلة الانتقالية.

هكذا انتهت أخطر 18 يوماً فى حياة مصر لكن القادم ربما يحتاج إلى الكثير من التحليل للإجابة على السؤال المهم ماذا بعد مبارك؟









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة