سعد هجرس

الجماعة السرية التى تحكم مصر

الأربعاء، 07 ديسمبر 2011 04:30 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
للعمل العام ضريبة.. ومن يرشح نفسه لأكبر منصب فى البلاد، وهو منصب رئيس الجمهورية يجب أن يكون مستعداً لتلقى الانتقادات ليس فقط لسياساته وبرامجه، وإنما أيضاً لسلوكه الشخصى إذا كانت هذه الحياة الخاصة تؤثر على الأداء السياسى، ولدينا حتى الآن عدد لا بأس به من المرشحين المحتملين للرئاسة، ومن البديهى أن تدور ماكينة النقد والتقييم لكل واحد من هؤلاء والتفتيش فى ماضيه وتاريخه.
وليس الدكتور محمد البرادعى استثناء من ذلك، لكن اللافت للنظر أن هذا الرجل استأثر بـ«معاملة خاصة» جداً منذ أعلن اعتزامه خوض غمار سباق الرئاسة، بل حتى قبل إعلانه عن ذلك رسمياً، فقد بدأت حملة ضارية لتشويهه وتلطيخ سمعته فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، وانحدرت هذه الحملة - كما نتذكر - إلى مستويات هابطة وبالغة الانحطاط، خاصة فى الإعلام الحكومى والصحافة القومية. وكان هذا «طبيعيا» فى ظل نظام يرتكز على تحالف الاستبداد والفساد ويستميت للبقاء فى السلطة بأى شكل بل «توريث» هذه السلطة للأبناء والأحفاد!
واستقبل البرادعى هذه الحملة الظالمة، والجهولة، بصبر يُحسد عليه، وواصل النضال ضد نظام مبارك فى أقسى الظروف وأحلك الأوقات، وسواء اتفق البعض أم اختلف البعض الآخر مع توجهاته ورؤاه واستراتيجياته وبرامجه السياسية، فإنه لا يستطيع أحد إنكار إسهامه الكبير فى إشعال شرارة ثورة 25 يناير، ثم فى الدفاع عنها وعن أهدافها فى مواجهة محاولات الاختطاف والاغتيال، بيد أن المثير للاستغراب أن حملة تشويه الرجل استمرت بعد الثورة كما كانت قبلها.
والأكثر إثارة للعجب أن من يشاركون فيها ليسوا هم فقط «فلول» إعلام نظام حسنى مبارك، وإنما انضم إليهم خليط عجيب يضم «الشامى» و»المغربى». ولذلك رأينا أن هذه الحملة هى الشىء الوحيد الذى جمع السلفيين وبعض الشخصيات التى تتشدق بتوجهها «العلمانى». هؤلاء اختلفوا فى كل شىء - أو هكذا يبدو على السطح - لكنهم اتفقوا على شىء واحد هو الهجوم على البرادعى، وهذا حق مشروع للجميع. لكن علام تركز الهجوم؟
إذا تغاضينا عن سخافات شخصية كثيرة، سنجد أن الحلقة الجديدة من حملة الهجوم على البرادعى - والتى لا نظن أنها ستكون الأخيرة - تركزت على الطعن فى وطنيته و«تخوينه»، استنادا إلى مشاركته فى مجلس أمناء «مجموعة الأزمات الدولية». فإذا سألتهم: كيف يكون الاقتراب من هذه «المجموعة» معادلاً للخيانة الوطنية؟ أجابوك بثقة مطلقة: إنها مجموعة صهيونية يقودها صهاينة أبناء صهاينة.
وما عليك بعد هذا «التكييف القانونى» سوى السمع والطاعة، وأن تبصم على شهادة إسقاط الوطنية والجنسية المصرية عن البرادعى.
لكن أى شاب يعرف مبادئ استخدام الكمبيوتر يستطيع أن يطلب معلومات على شبكة الإنترنت عن هذه المجموعة فتأتيه الإجابة الصادمة بأنها منظمة دولية غير حكومية تأسست عام 1995 بعد مذبحة رواندا بهدف التنبؤ بالصراعات والنزاعات الدولية المحتملة، ووضع التوصيات القائمة على الأبحاث والدراسات لمنع نشوب أى صراعات جديدة. ويتولى فريق من الباحثين والمتخصصين مهمة إعداد تقارير سنوية تقدم لمجلس الأمناء، الذى يضم لفيفا من الشخصيات العالمية، ومن بينهم عدد من الشخصيات العربية المعروفة مثل عدنان أبو عودة من الأردن والأخضر الإبراهيمى من الجزائر والبرادعى من مصر. وتمويل هذه المنظمة يأتى من التبرعات غير المشروطة، والموازنة الخاصة بها معلنة للكافة على الموقع الإلكترونى الخاص بها، وفور إعلان البرادعى عن ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة استقال من مجلس أمنائها نظراً لأن اللائحة المنظمة لها ترفض الجمع بين السياسة والعمل المجتمعى.
فهل يمثل الاشتراك فى عمل مثل هذه المنظمة خيانة وطنية؟!
الواضح أننا إزاء عملية «تشهير» متعمدة، تتجاوز حدود النقد المباح والمشروع، وإزاء شكل من أشكال الدعاية السلبية السوداء التى تستهدف الاغتيال المعنوى لشخص يحظى باحترام الدوائر العالمية وحصل على جائزة نوبل وأدار واحدة من أكبر المنظمات الدولية باقتدار.. والأهم بالنسبة لنا أنه ساهم فى إيقاد شعلة الثورة المصرية، وها هى محاولة تشويه سمعته تسير بالتوازى مع محاولات اغتيال الثورة.. فهل هى مجرد صدفة؟!








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة