محمد إبراهيم الدسوقى

الإمارة الإسلامية

الثلاثاء، 06 ديسمبر 2011 09:59 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لم تتوقف نوبات وموجات العويل والصراخ والتحذير، منذ الإعلان عن المؤشرات الأولية للمرحلة الأولى من الانتخابات البرلمانية، والتى تفوق فيها التيار الإسلامى على بقية منافسيه من العلمانيين والليبراليين واليساريين وغيرهم. وبدا من ردود أفعال المنافسين وقطاعات عديدة فى المجتمع المصرى أننا نقف على أعتاب إمارة إسلامية فى مصر تتشكل ملامحها ومعالمها الغليظة تباعا، وأن شرا مستطيرا بانتظارنا، إذا تمكنت الجماعات الدينية من الفوز بغالبية مقاعد مجلس الشعب المقبل المنوط به كتابة دستور جديد للبلاد يتناسب والحدث الجلل الذى شهدته، حينما أسقطت ثورة 25 يناير نظام حسنى مبارك.

وتعجبت من إعراب الكثيرين عن دهشتهم من تصويت الناخبين بكثافة لمرشحى الإخوان المسلمين والسلفيين، لأن هؤلاء تهربوا من الاعتراف بأن القوى والأحزاب الوليدة بعد الثورة تخلت باختيار قادتها عن وحدة الصف، سعيا خلف منافع شخصية أحدثت فجوة عميقة بينهم وبين عامة الناس الذين عابوا عليهم نفاقهم وتملقهم الثورة على طريقة الحرامية الراغبين فى سرقة كنوز الياقوت والمرجان والذهب المخبأة فى مغارة على بابا. كما تعجبت من تجاهلهم حقيقة أننا اتفقنا منذ البداية على الاحتكام لآليات الديمقراطية، ممثلة فى صندوق الانتخاب، وأنه على الكل الإقرار بما يتمخض عنه، حتى لو كان على غير الهوى. فمصر اجتازت بشجاعة اختبار الديمقراطية أو لنقل الأمتار الأولى فى مشوارها الطويل على دربها، وأن هاجسنا يجب أن يكون فى بقاء الديمقراطية كاختبار نستعد له بكل قوتنا للحصول على درجة أعلى فيها، وليس كمحنة أو فخ نسعى للخروج منه بشتى السبل الممكنة، لأنها تأتى بما لا نشتهى ونخشاه.

وإن كنا جميعا منشغلين فى لحظتنا تلك برسم سيناريوهات قاتمة لحال مصر وشعبها، إذا سيطر الإسلاميون على السلطة، ويتحدث بعض المنتسبين للطبقة المثقفة عن تفكيرهم فى الهجرة، هربا من سياط القائمين على الإمارة الإسلامية المتوقع أن تحرم الفنون وألوانا كثيرة من الثقافة، وأن تفرض قيودا على الحريات الشخصية، فإننى من المؤمنين بأن النصيب الأكبر من الخوف لن يكون من نصيبنا، بل من نصيب الفائزين من الإسلاميين المطالبين بطمأنة المواطنين، وإثبات حسن نياتهم.

ألمح فى عينيك تساؤلا منطقيا عن الأسباب الواقعية المفترض أن تشعر المسئولين فى حزبى العدالة والحرية والنور بالخوف الشديد؟

وردى على السؤال سيكون من خلال النواحى الآتية:
أولا: إنهم كانوا يعلنون فى اللقاءات العامة وفى الفضائيات اقتناعهم وإيمانهم بمبادئ الديمقراطية، وبما أن الديمقراطية كانت كريمة وسخية معهم، يتعين عليهم ألا يحولوها إلى سوءات بالحجر على أفكار ومعتقدات الآخرين، فالديمقراطية مرادفة فى أبسط معانيها للتنوع فى الرؤى والتوجهات، فالفرصة أمامهم للتدليل على صدقهم، وأنهم حقا يبغون صالح الوطن والعباد وليس احتكار الحق والباطل، وأن رؤيتهم هى الصائبة على طول الخط. فهل سنرى من السلفيين والإخوان ما يبشر باستعدادهم لترشيد اندفاعهم نحو تغليظ حياة المصريين؟

وكان العالم الجليل الشيخ يوسف القرضاوى موفقا، عندما وجه للإسلاميين رسالة عبر صفحته على الفيس بوك دعاهم ونصحهم فيها بتحمل مخالفيهم فى الرأى والعقيدة، وتخفيف خطابهم للفئات المختلفة عنهم فى السلوك والدعوة والعقيدة. والشيخ القرضاوى وجه النصح لهم، بعدما تابع الضجيج الناتج عن تصريحات متسرعة لقيادات سلفية أثارت المخاوف والقلاقل فى نفوس المسلمين والمسيحيين.

ثانيا: إن التيار الإسلامى ليس كتلة واحدة متماسكة، فالسلفيون الذين لا يطيقون الإخوان المسلمين تحالفوا معهم، بغية تحقيق مصلحة انتخابية، وعندما يستقر الأمر ويحصل كل طرف على منفعته سوف تنشب الصراعات والاختلافات بين صفوفهم، حينها سيكونون هم أول ضحاياها، لأنهم سيظهرون على حقيقتهم أمام الناخبين الذين أردوا تجربتهم، لعل وعسى يكون التوفيق حليفهم للنهوض بمصر. والخطر الأعظم للإسلاميين سيكون الغرور والتعالى، فهم حققوا إنجازا كبيرا، برغم عدم انتهاء الانتخابات البرلمانية بعد، وأظن أن هذه الحالة بدأت تتلبس بعض رموز السلفيين والإخوان، حينها ستكون الطامة الكبرى، لأنهم لن يسمعوا سوى أصواتهم، وسيكونون بالاتجاه المعاكس للمواطن العادى الطامح للنمو الاقتصادى والحياة الكريمة فى ظل دولة مدنية.

ثالثا: إنه مهما كان للسلفيين والإخوان المسلمين من النفوذ والقوة فى البرلمان أو خارجه، فإنهما لن يقدرا على تغيير جذور المجتمع المتدين بالفطرة ويميل للوسطية، وأن سيرهم فى هذا الاتجاه الوعر سينتج عنه صدامات واحتكاكات لا حصر لها، وسيصبحون هم الخاسرين فيها، فمهما كنت قويا فإنك لن تهزم الإرادة الشعبية. والحصافة تقتضى تعايش الإسلاميين مع مطالب الناس، والابتعاد عن التعدى على حرياتهم الشخصية، فميدان التحرير الذى خلع مبارك لن يصعب عليه خلع الإخوان، ولا السلفيين، ختاماً فإن ما أود بيانه أن من كتب عليه الخوف بعد الانتخابات، سيكون التيار الدينى الذى وضع نفسه فى اختبار الديمقراطية الصعب، وهو من سيحدد نجاحه أو رسوبه فيه.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 6

عدد الردود 0

بواسطة:

عاشق تراب مصر

رساله هامه جدا وبمنتهى الصراحه لاخويا المسيحى اتمنى ان يقرئها بحياديه ويفكر فيها بعيدا عن

عدد الردود 0

بواسطة:

يحيي رسلان

فينك يا حبيبي

عدد الردود 0

بواسطة:

Mounir Foda

اين الازهر

عدد الردود 0

بواسطة:

د/ مها مصطفى

لاتخافوا

عدد الردود 0

بواسطة:

اسامة

ماذا قدمت الدول الاسلامية للعالم سوى الجهل

عدد الردود 0

بواسطة:

ياسر حمد

لقد رسمت المستقبل القاتم كانك تعلم الغيب

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة