محمد إبراهيم الدسوقى

ديمقراطية خالية الدسم

الإثنين، 12 ديسمبر 2011 09:31 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قوتان غليظتان تتنازعان وتتقاذفان مصر الآن بلا رحمة ولا هوادة، أولاهما تريدها ديمقراطية ـ وذاك أمر مستحب ومطلوب بإلحاح لمستقبلنا، ولكن شريطة أن تكون منزوعة الدسم، وثانيهما غير راغبة فيها من الأصل، وتتفف عند الحديث عنها، وتعاملها كنوع من النجاسة الواجب التطهر منها بسرعة بالغة، لأنها تتعارض وتتنافى مع أوامر ونواهى الله عز وجل.

القوة الأولى تمثلها السلطة الحاكمة فى البلاد، وهى المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذى يتخبط فى قراراته ومساراته، منذ خلع حسنى مبارك، بما يجعلنا كمواطنين نشك كثيرا فيما يعلنه أعضاؤه من حين لآخر، بشأن الوفاء بتعهده تسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة، ومبعث الشك أن رسائله للراعية متناقضة، فهو يؤكد أنه الحارس الأمين على قافلة الديمقراطية التى يعنى ترسيخها أن يستظل الجميع بها، وألا يكون هناك جهة ما أو شخص فوقها وفوق الدستور، مهما كانت حيثياته وخدماته. بعدها نفاجأ بتصريح للواء مختار الملا أو غيره بأن الجيش يجب أن يبقى خارج دائرة المراقبة من السلطة التشريعية، وأن مجلس الشعب المقبل لن يمثل مختلف أطياف المجتمع المصرى، وبناء عليه لن يعهد إليه باختيار الجمعية التأسيسية المكلفة بصياغة الدستور الجديد، وأن المجلس الأعلى ومعه المجلس الاستشارى الذى شكله يجب أن يوافقا على الشخصيات المختارة للجمعية التأسيسية، وإن كانت المسألة بهذا الشكل فما فائدة الانتخابات والإقبال على المشاركة فيها؟.

حينئذ سوف تتعطل خصائص بعينها فى الممارسة الديمقراطية، فالشعب يختار كيفما شاء وابتغى، ثم لا يؤخذ به ويسير المجلس الأعلى فى الاتجاه المعاكس، فالشكل ديمقراطى، لكنه بدون مضمون مع أن القضية بسيطة للغاية، إما الأخذ بالنظام الديمقراطى بكامله أو تركه كله، فالتجزئة غير مرغوبة وتذكرنا بقصص قديمة من أيام مبارك ورجاله الذين كانوا يرددون أن الشعب لم ينضج بعد للديمقراطية. ولعل فى انسحاب الفريق مجدى حتاتة من السباق الرئاسى رسالة مفيدة بعثها بغير قصد للمجلس العسكرى، حيث أرجع قراره إلى ما سماه حالة الاستنفار العام ضد كل ما هو عسكرى، بسبب تأكل ثقة المواطن الناتجة من تخبط المجلس فى إدارة شئون البلد.

القوة الثانية تجسدها الجماعات الدينية المتشددة الرافضة للديمقراطية كمبدأ وما تتضمنه من أفكار وتوجهات تشجع على حرية التعبير والاختيار بدون ضغوط ولا تخويف وترهيب من أن تصويتك لمرشح غير إسلامى قد يقود صاحبه للهلاك ولجهنم والعياذ بالله. وتتعامل تلك التيارات مع الديمقراطية فى أدبياتها على أنها حرام وكفر، وفى الوقت نفسه تجدها دافعة بطابور طويل من المرشحين فى انتخابات مجلس الشعب، فكيف يتسق هذا؟ اعتقادى الشخصى أن القائمين على هذه الجماعات يتخذونها وسيلة نقل لقلب البرلمان المنوط به سن التشريعات والقوانين كخطوة على طريق وأد الديمقراطية وأخذ العزاء فيها.

الخلاص من تمزق المصرى بين الفريقين، هو عدم التفريط فى الديمقراطية والمشاركة بكثافة فى المرحلتين المتبقيتين للانتخابات البرلمانية، وأن تكون الوسطية شعارنا المرفوع، وأنه لا يجوز السماح لطرف ـ مهما كانت مكانته ـ بالجلوس فوق الدولة والدستور.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

dr tarek

مجلة TIME الامريكية تنشر مقالا عن ان الاسلاميين اكثر التيارات تطبيقا للديموقراطية

عدد الردود 0

بواسطة:

قاسم المصري

الى الكاتب

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة