صلاح عيسى

الفيلم الذى انتحرت بسببه سعاد حسنى!

الأربعاء، 16 نوفمبر 2011 03:58 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
منذ شهور وأنا أبحث فى قنوات التليفزيون التى تعرض الأفلام القديمة، عن فيلم «الدرجة الثالثة» لأعيد مشاهدته، ربما لأن أحداثه تدور فى الدرجة الثالثة لملاعب كرة القدم، التى لم أرتدها فى حياتى، وربما لأنه الفيلم الوحيد الذى قامت ببطولته الفنانة الراحلة «سعاد حسنى» ولم يستمر عرضه الأول سوى ثلاثة أيام، وقيل إن فشله كان أحد أهم أسباب حالة الاكتئاب التى قادتها إلى الانتحار.

وتدور أحداث الفيلم –الذى كتبه «ماهر عواد» وأخرجه «شريف عرفة» وعرض عام 1988- داخل ناد رياضى لكرة القدم، يقوده مجلس إدارة يختار بنفسه جمعية منتخبة من محبى –أو مشجعى– النادى, تختص بسلطة وضع سياسة للنادى، ومراقبة مجلس الإدارة لضمان تنفيذه لها، لكنها تندمج فيمن انتخبت لتراقبهم، لتتشكل من الاثنين، نخبة تقود النادى، وتتمتع بكل خيراته، أو تنهبها، فهى تجلس تقتنى أفخر السيارات.. وتجتمع فى الهواء الطلق لتقاسم الأرباح وتحوز فخار النصر الذى لا تبذل فى سبيله شيئا!

أما الذين يصنعون هذا النصر، ويخوضون المعارك الباسلة ضد مشجعى الأندية المنافسة, فتتحطم ضلوعهم، فهم جمهور الدرجة الثالثة، وهم زحام من البشر، تعتقد النخبة أنه يخلو من المواهب والقدرات، وأن الأقدار قد اختارت لهم تلك الدرجة الثالثة، لتكون قضاءهم، فهم يعملون فى وظائف من الدرجة الثالثة، ويقيمون فى مساكن من الدرجة الثالثة، وينقلون ليعالجوا إلى مستشفيات من الدرجة الثالثة، فلا يكافأون بشىء، فهم يضحون من أجل النصر، ولا يحصلون على ثمرة واحدة من ثماره، وذلك هو العدل الذى يقضى به قانون تقسيم الأدوار، الذى وضعته النخبة التى تحكم النادى.

ومع أن الميزانية التى كانت مخصصة لإنشاء مظلات واقية تحميهم، من الشمس والمطر استخدمت بقدرة قادر -هو مجلس الإدارة طبعا– لإنشاء حاجز زجاجى يحمى سكان المقصورة من الرصاص، فإن جمهور الدرجة الثالثة، لا يستطيع إلا أن يحب النادى، ولا يملك إلا أن يضحى من أجله، من سائق الأتوبيس الذى فصل من عمله، لأنه خرج به عن الخط، لكى يشاهد مباراة الكأس، إلى «بائعة السمين» –سعاد حسنى– التى تعيش فى كوخ من قوالب الطوب المرصوصة، ومع ذلك فهى لا تطيق أن يمس أحد النادى بكلمة، إلى بائع المثلجات الغبى –«أحمد زكى»- الذى يتحول الدلو الذى يبيع فيه مثلجاته إلى سلاح فى الدفاع عن النادى، والانتصار له.

وتتفجر السخرية المريرة، داخل هذا الفيلم الجميل ببساطة وتلقائية، عبر التناقض الذى تعمده بين عالم المقصورة الفانتازى، بسياراته الفارهة، وملابسه الموحدة، وكلابه المدربة ورجال أمنه المتوحشين، وذكائه القارح، وكذبه الفاضح، وعواطفه المزيفة وبين عالم الدرجة الثالثة، بواقعيته القحة، ونماذجه البشرية التى جاءت مباشرة من الشارع, ومعها «طبلية» السمين ودلو المثلجات، وتلال الهموم والأحلام الإنسانية، والأهم من ذلك عواطف حقيقية تجاه النادى ورغبة عارمة فى افتدائه، وحلم لا يهتز بانتصاره، فإذا ما تحقق هذا النصر بعد طول العناء، حبس بائع المثلجات الفقير، لأنه احترف سرقة الكأس ليبيت فى حضنه يوما واحدا فما فعله هو خروج على تقسيم الأدوار الذى يقضى بأن تحقق الدرجة الثالثة النصر، لا أن تأخذ شيئا من ثماره، حتى لو كان مجرد تحسس الكأس، إلى أن يصل الصراع إلى ذروته، ويحين الوقت الذى يضيق فيه جمهور الدرجة الثالثة بما تفعله به نخبة المقصورة، وبدلا من أن يحارب دفاعا عنها يحارب دفاعا عن النادى وعن نفسه فتتصدى لهم جيوش المقصورة المدججة بالعصى والدروع لنكتشف لحظتها، أن الصراع المحورى فى الفيلم، هو تنويع على الصراع التاريخى بين النخبة التى تقود الوطن، أو الأمة أو المعمورة، والتى تعتقد بأن الأقدار قد اختارتها لمواهبها المتفردة وعبقريتها الخاصة، لكى تقوم بدور القيادة والتوجيه، وأداء كل ما يعجز عنه هذا الزحام من البشر، الخالى من المواهب والقدرات، ممن يصارعون بضراوة، من مكانهم المقدر لهم فى الدرجة الثالثة، لكى يحصلوا على حقهم المشروع من ثمار النصر.

ربما كان ذلك هو السبب الثالث لبحثى عن الفيلم، لأعيد مشاهدته إذ بدا لى أفضل وأعمق تعليق سياسى عما يجرى عندنا ومن حولنا.. ولعله –كذلك- السبب فى أننى رغم كثرة بحثى فى القنوات، وحتى فى واجهات دور سينما الدرجة الثالثة.. لم أجد له أثرا.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 10

عدد الردود 0

بواسطة:

د. طاهر حامد

شريف عرفة....والجيل المتهم!!

عدد الردود 0

بواسطة:

شريف حسين أحمد

جيت من بيتكم ليه

عدد الردود 0

بواسطة:

طائر الليل الحزين

كلام للي بيحس وعنده دم

عدد الردود 0

بواسطة:

فارس الجواد الأبيض

رائع يا أستاذ

عدد الردود 0

بواسطة:

مصري مش فاهم حاجة

انتحار ام قتل سعاد حسني

هي سعاد حسني قتلت ام انتحرت ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

عدد الردود 0

بواسطة:

الشعب مصدر السلطات

اهتم يااستاذ صلاح بالمنتحرين قهرا وظلما وجوعا

بدون

عدد الردود 0

بواسطة:

ابو على

مصرى عايش من زمان

عدد الردود 0

بواسطة:

الجمويني

ياه الايام مبقاش فيها فركة خالص

عدد الردود 0

بواسطة:

المرتقب

و كذلك رياضيو البحرين يحققون الإنجاز و الفخر لابن أخت الملك !

عدد الردود 0

بواسطة:

جناح النسر

يا استاذ صلاح سعاد حسنى لم يحسم بعد اذا كانت انتحرت ام قتلت

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة