سامح جويدة

أبو ليلى ورجال الاستهبال الوطنى

الأحد، 09 أكتوبر 2011 04:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
على خلاف كل من سمع أو قرأ قصة «قيس وليلى».. أنا غير متعاطف تمامًا مع الأخ قيس، بل وأكن أحترامًا وتقديرًا خاصّا «لأبو ليلى» وأتفهم موقفه الأسود من قيس، فتصور أنك شيخ قبيلة محترم، ولك هيبة ومكانة، و«عيل صايع حاطط بنتك فى دماغه»، طول النهار يقول فيها شعر، ويغنى عليها فى الشوارع، وعيون ليلى وحنان ليلى وبياض ليلى ودلع ليلى، «عيب»، سمعة البنية كانت لبانة على لسان العرب، بيت شعر عن شعرها، وبيت عن ضحكها، وقصيدة عن عيونها وبقها. الملوح شرَّد ليلى وجرسها، كان ينقصه فقط أن يأخذ لها فيلمين على الموبايل، لذلك أتعجب من استنكاركم التاريخى لموقف أبو ليلى، فالرجل دخل خيمته فجأة ليجد «قيس» مستفردًا بابنته و«بيسبلها وسارح بدماغها»، وقال بيطلب نار»، فهبده كلمتين، «جئت تطلب نارًا أم جئت تشعل البيت نارًا» وطرده.. حصل إيه يعنى!! كنتم منتظرين أن يقوله «ولعها ولعها.. دلعها دلعها»؟ هل كان الحل أن يخاف على شرف البنت ويسترها مع قيس وتخلص القصة «ببوسة».. قيس لم يستر ليلى فى الحب وشردها، فهل يسترها فى الزواج !!.. الأب قال لا. وطرد «قيس».. أما الحكومة فقالت نعم. ورحبت برجال الأعمال الذين خربوا البلد أيام مبارك.. خافت الحكومة على سمعة الاقتصاد الوطنى الملطوط.. وقالت «الـلى يجى منه أحسن منه»، ونستر البنوك، وما نخربش على البورصة، وهى مش ناقصة، بل وافقت الحكومة على الزواج بدون مهر، أو شروط، ولم تطلب تعويضًا عن المليارات التى حققوها على حساب كرامة هذا الشعب، ونهبهم لممتلكاته «أجيال ورا أجيال» وراء نجم الجيل جمال مبارك، والهضبة علاء، تركوهم علينا ليختلوا مرة أخرى بالاقتصاد الوطنى، ونحن نولول كالولايا «الحقى ياما الفلول الفلول».. وبطبيعة الحال فتح لهم الإعلام أبوابه، فهم إن لم يكونوا ملاكه فهم وعلى أقل تقدير من المساهمين، ولو بالحملات الإعلانية أو الهدايا الشخصية.. عادوا وكأنهم قادمون من ميدان التحرير، وليس من تحت رداء آل مبارك.. يبكون على الشهداء، ويقفون دقيقة للحداد، رغم أنهم شريك متضامن فى جميع الجرائم الاقتصادية التى حدثت فى ثلاثين عامًا، بل إن بعضهم شريك قديم منذ أيام الانفتاح، كيف نسيت الحكومة؟ وكيف نسينا دورهم المشؤوم فى كل ما وصلنا إليه من كوارث اقتصادية واجتماعية وسياسية؟ كيف يحاولون أن يلهونا عن ثرواتهم المهولة وورثهم الحرام الذى سرقوه بزواجهم الباطل بالنظام الراحل ليعودوا فى مشهد عاطفى لاحتضان الحكومة الحالية و«يا دار ما دخلك شر»؟ هل نسينا أفلام الخصخصة والمصمصة والمناصفة والتخصيص والتخليص؟ كيف تجاهلنا قصص بيع الأراضى وتراخيص المصانع وسياسات الاحتكار وبيع ممتلكات الدولة بالرخيص؟ كيف أهملنا حق المجتمع والقانون فى القصاص من عقودهم الفاسدة وتعاملاتهم الناقصة وخداعهم المهين؟ والأهم من كل ذلك سمعتنا وشرفنا الاقتصادى الذى يرضى صاغرًا احتضان اللصوص والنصابين.
انتظرت طويلاً وتابعت كى أفهم ما ثمن الحضن؟ وما مهر الوئام السعيد؟ وكيف عوضونا عن الفساد والخداع والتشهير؟ لم أفهم شيئًا حتى الآن، ولم أرَ إشارة، بل مازال الغلاء ينهش فينا وكأنه قدر علينا أن تتضخم ثرواتهم على حساب مواردنا القليلة وأرباحهم الكثيرة رغم أن كل مصانعهم وشركاتهم من صناعة البنوك المشؤومة، ومن القروض التى كانت فى الأصل مدخراتنا، أليس من حق الموظفين الذين سرحوا من أعمالهم وخربت بيوتهم بسبب الخصخصة والمصمصة أن يعرفوا ثمن العودة وإتمام الزفاف السعيد؟ وما نصيبهم بعد أن عاشوا لسنين فى سجن البطالة وقسوة الشارع؟ وشهداء البورصة و«الموكوسين» فيها الذين ذبحهم التلاعب وأفلسهم وأصابهم بأمراض الدنيا والآخرة، أليس من حقهم معرفة ديتهم وثمن قهرهم وقصف عمرهم لأنهم استثمروا قروشهم الشحيحة فى الاقتصاد الوطنى؟!! أم أن ضجيج الزفة وقعدة الكوشة والزغاريد والشربات الذى وزعه الإعلام على الحبايب مسح حقوق الجميع؟ لذلك لم يكن بيدى إلا أن أتحسر على أبو ليلى وأيام أبو ليلى، لأنه كان يدرك أن «قيس» يلعب بابنته ويجرسها ويستهين بكرامته، وأن هناك فرقًا بين رجل الأعمال الوطنى ورجل الاستهبال الواطى.








مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة