سعد هجرس

«العــدل» فى تطبيق «العـــزل»

الأربعاء، 05 أكتوبر 2011 07:45 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ليس من مصلحة الوطن أن يقع صدام بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والقوى السياسية والثورية، فمثل هذا الصدام يمكن أن يضع البلاد فى مواجهة المجهول، وأن يفتح الأبواب أمام سيناريوهات أحلاها مر. ومن هنا ساور القلق الشديد أولئك الحريصين على مصر ومستقبلها عندما حدث استقطاب حاد أدى إلى وقوف المجلس العسكرى وحيداً فى جانب، وكل الأحزاب السياسية والقوى الثورية على تنوعها وتعددها والاختلافات الداخلية فيما بينها، فى جانب آخر.

ورغم أن المجلس العسكرى يتحمل المسؤولية، لوصول الأوضاع إلى هذا المأزق، نتيجة لإصراره على اتخاذ قرارات بصورة منفردة فى أمور تخص الجماعة الوطنية بأسرها، فإن بوادر الصدام التى لاحت فى الأفق، والشعارات المعادية للمجلس التى ترددت فى ميدان التحرير يوم «جمعة استرداد الثورة»، أثارت مخاوف عميقة لها ما يبررها، ومن هنا جاء الارتياح بالانفراج النسبى للأزمة بسبب مبادرة المجلس العسكرى لدعوة قادة الأحزاب السياسية إلى لقاء عاجل، أسفر عن نتائج لا بأس بها.

فمن المعروف أن اللقاء، تمخض عن اتفاق على خريطة لتسليم السلطة، وتعديل المادة الخامسة من قانون الانتخابات، وأن يتم عقد أول جلسة لمجلس الشعب المنتخب فى النصف الثانى من شهر يناير، وأن يعقد مجلس الشورى أولى جلساته يوم 24 مارس، ثم يُعقد اجتماع مشترك بين «الشعب» و«الشورى» لاختيار أعضاء الجمعية التأسيسية لإعداد الدستور خلال ستة أشهر، وبعد الاستفتاء عليه يفتح باب الترشح للرئاسة، وهذه خطوات معقولة، أما الخطوات التى لم يتم الاستقرار عليها فمن أهمها إلغاء حالة الطوارئ، وتعديل النظام الانتخابى ليكون بالقوائم فقط، والعزل السياسى لرموز الحزب الوطنى المنحل، حيث وعد المجلس بـ«دراسة» الموقف، وإبلاغ قراره خلال أسبوع. وهذه تطورات إيجابية رغم عدم اكتمالها، مع التشديد على أن «الناقص» منها لا يقل أهمية – بل يزيد- عما تم التوافق عليه، بخاصة فيما يتعلق بالعزل السياسى، لأن عدم الحسم بهذا الصدد من شأنه إعادة إنتاج نظام حسنى مبارك، وإن يكن بدون حسنى مبارك.

وهذه مسألة بالغة الخطورة لأن الثورة – أى ثورة – تعنى التخلص من سياسات وقيادات النظام السابق. لكن ما يحدث فى مصر منذ تنحية حسنى مبارك، يسير فى اتجاه غريب ومريب، فسياسات نظام حسنى مبارك مازالت هى النافذة، ورجال نظامه مازالوا هم الممسكين بزمام الأمور.

ولم يبدِ المجلس العسكرى حماساً لتغيير هذه السياسات وتلك القيادات حتى الآن، وليس لدينا سوى التكهنات، فربما كان أعضاء المجلس بطبيعة تكوينهم العسكرى «محافظين»، يميلون إلى «الاستقرار»، أكثر مما يحبون «التغيير»، فضلاً على أنهم- هم شخصياً- كانوا من أعمدة النظام السابق واللاحق، وكانت المشكلة الرئيسية بينهم وبين نظام حسنى مبارك هى قضية «توريث» الحكم إلى «جمال» نجل الرئيس المخلوع، وكانت هذه المسألة هى نقطة الالتقاء المشتركة بينهم وبين ثورة 25 يناير.

وبدخول الوريث إلى سجن مزرعة طرة، وتراجع خطر التوريث، تصور المجلس العسكرى أن الثورة قد حققت أهدافها، فى حين أن الثوار لهم رأى آخر تماماً، وهو أن المسألة أبعد كثيراً من شخص الرئيس المخلوع، أو ابنه، أو دائرة المقربين منه، وأن التغيير لابد أن يشمل جذور تحالف الاستبداد والفساد، وتوجهاته السياسية والاقتصادية والاجتماعية. ومطالبة الثوار بذلك ليس فيها إقصاء أو استبدال دكتاتورية مبارك بدكتاتورية ميدان التحرير كما يقال.. فهناك حكم قضاء بحل الحزب الوطنى، وحيثيات هذا الحكم هى المسوغ الرئيسى للعزل السياسى لكل من شارك فى إفساد الحياة السياسية، سواء من داخل صفوف الحزب الوطنى أو من خارجه، ولا معنى للالتفاف حول هذا الحكم التاريخى العادل.








مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة