محمد إبراهيم الدسوقى

حديث الاستشهاد

الإثنين، 03 أكتوبر 2011 09:44 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يستوقفنى كثيرا فى أوقاتنا العصيبة الحرجة الراهنة، الحديث المتكرر من بعض رموز وأقطاب تياراتنا الدينية، حول استعداد المنتمين إليها للشهادة وتقديم الغالى والثمين، من أجل بلوغ أهداف سامية جليلة، أولها تطبيق الشريعة الإسلامية، ومنع عودة الدولة البوليسية. من ناحيتى ليس لدى وجه اعتراض على نبل الغاية، ولست معارضا للشريعة، ولا لما يعتقده ويدعو إليه أعضاء الإخوان المسلمين والجهاد والجماعة الإسلامية والسلفيين وغيرهم، طالما لا يتسبب أو يحض على عنف وإثارة النعرات الطائفية والقبلية والشقاق الاجتماعى.
أوكد ذلك رغم أننى اعتقادى الراسخ بأن مصر فى مأزق يحتم توحيد صفوف جموع المصريين من المسلمين والمسيحيين، وأن حالنا المتأزم لا يجيز منح الأولوية سوى لتجاوزه، والقاعدة الشرعية تنص على أن الضرورات تبيح المحظورات، بعدها باستطاعة القاصى والدانى التحدث عما يريده ويشتهيه، شريطة أن تكون الظروف الداخلية مهيأة ومستقرة لاستيعابها. أيضا أرى أن الشريعة الإسلامية أرحب وأرحم فى جوهرها مما يتوقف عنده أرباب الجماعات الإسلامية من جزئيات تحاول اختزالها فيها وتلبسها ثوب التشدد والجنوح للعقاب أكثر من الإثابة، وليس لدى تفسير مقنع لما لا يركز هؤلاء فى أحاديثهم وحواراتهم على الدرر والنفائس الكامنة فى الشريعة وأنارت سماء الحضارة الإسلامية وقت عزها ومجدها وجعلتها القبلة التى يلهث خلفها كل الساعين للرقى والتقدم فى أوروبا وآسيا حينئذ، كتشجيعها للتقدم العلمى والحضارى والاجتماعى ومفاهيم العدالة الاجتماعية والتراحم والاعتدال والمساواة بالفعل وليس بالقول، وبفضلها عبرت القارة الأوروبية عقود تخلفها وجهلها بسلام، لأنها نهلت من زاد الحضارة الإسلامية الثرى، وأسست عليه تقدمها لاحقا والذى بهرنا وجعلنا نتمنى الوصول إليه مع أننا فى الأصل كنا من وضع لبنته الأولى.
ثم أن حديث الاستشهاد يعطى انطباعا خطأ بخوضنا حربا شرسة لا نعرف ضد مَن بالضبط، ويشيع الفرقة والاختلاف، فمن يعترض على ما يدعو إليه الإخوان المسلمين والسلفيون والجماعة الإسلامية يوضع على الفور داخل دائرة المعادين للدين وتطارده اللعنات وسهام التجريح أينما حل. وسأضرب لك مثلا بتصريحين حديثين لقياديين سلفيين نشرتهما الصحف الصادرة صباح الجمعة الماضية، أولهما قال: "إن من يرفض الشريعة سيدخل النار حتى لو نطق بالشهادتين"، والثانى كان حادا فظا فى كلامه، فقد وصف المعارضين للشريعة بأنهم قطاع طرق وزناة فجرة"، فهل هذه لغة مستساغة للتخاطب مع أهل دينك وعشيرتك، ثم هل هذا بالتوقيت الملائم للجدل بشأن تلك القضية؟
وياسيدى الفاضل أنا على استعداد تام لقبول حديث الاستشهاد، إن كنا معرضين لغزو خارجى يهدد أمننا القومى، حينها يحق تقديم مشاريع الشهداء للأمام والتحليق بهم فى أعلى عليين، ثم أننا فى مرحلة يلزمنا فيها بناة حياة، نحتاج لأناس يعرقون ويجاهدون فى مواقع العمل والإنتاج، أناس يضربون بقبضة فلوذية على يد البلطجية وكل من يستغل ظروفنا لرفع الأسعار بلا ضابط، ولا يحركهم سوى الجشع ولا شىء غير الجشع. إن من واجب ومسئولية الجماعات الدينية على اختلافها أن تعلى من قيمة الحياة الكريمة المحافظة على كرامة الإنسان وحقوقه، وتخليص رقبة وطن من عنق زجاجة ضيق، بعد أن نال كفايته من سوء الإدارة والديكتاتورية والانهيار الاقتصادى إبان السنوات الستين المنصرمة.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
التعليقات 2

عدد الردود 0

بواسطة:

يحيي رسلان

الاستاذ محمد لقد جانبك الصواب

عدد الردود 0

بواسطة:

المصرى

من انتم

اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة