محمد حمدى

الرؤية العربية لجريمة الإسكندرية

الثلاثاء، 04 يناير 2011 02:58 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
امتلأت الصحف العربية الصادرة طيلة الأيام الثلاثة الماضية بعشرات المقالات التى تتحدث عن جريمة الإسكندرية، وأكاد ألمس فيها خطًا عامًا يجمع الكتاب عليه فى الكويت والسعودية وسوريا ولبنان والإمارات والجزائر وغيرها من البلدان العربية، وهو أن ما حدث فى الإسكندرية ليس بعيدًا عن الهجمات التى يتعرض لها المسيحيون فى العراق، وعن محاولات إثارة النعرات الطائفية والعرقية فى مختلف أرجاء العالم العربى.

القراءة الصحيحة كما يرى سياسيون وصحفيون وكتاب عرب هى أن العالم العربى يخضع لمخطط تفتيت، وكنت قد كتبت مقالا فى "اليوم السابع" قبل نحو شهر قلت فيه إن اليوم يجرى تفتيت السودان والعراق وغدًا اليمن، وبعد غد ستكون هناك دول أخرى بالتأكيد، لكن خطورة ما يراه العرب ولا نشعر به، إن إثارة الطائفية فى مصر لا يؤثر عليها فقط، وإنما يؤثر على استقرار العالم العربى.

هذا ما يقوله سياسيون وكتاب عرب يقرأون التاريخ جيدًا، ويعرفون مكانة مصر فى أمتها العربية، صحيح أن الجسد المصرى فى أضعف حالاته الآن، وبالتالى امتد الضعف إلى سائر الجسد العربى، لكن على الجميع ملاحظة أن كل الأفكار التى سادت العالم العربى وغيرت حياته انطلقت من مصر.

بدأت القومية العربية من سوريا وامتدت إلى العراق، لكنها ظلت دعوة محصورة فى بلدين فقط، وبعض المفكرين والمثقفين فى بلدان أخرى، حتى تلقفها جمال عبد الناصر وبنى عليها، وأعاد إطلاق القومية العربية فى صياغة مصرية جديدة فعمت العالم العربى من المحيط إلى الخليج وتحولت إلى حالة عامة يعيشها العرب فى كل مكان ويتنفسونها.

ورغم أن الإسلام السياسى موجود فى التاريخ العربى والإسلامى لكن انطلاق جماعة الإخوان المسلمين فى ثلاثينية القرن الماضى، ترك تأثيراته على كل أنحاء العالم، وليس العربى فقط، وامتدت فروع الجماعة وظهرت فى كل بلد عربى، ومن أفكارها نشأت جماعات أخرى، وأصبحت الأممية الإسلامية ليست حالة عربية تنطلق من مصر، وإنما حالة عالمية لها أنصارها فى كل بقاع المعمورة.
وفى ثمانينيات القرن الماضى خرج الإسلام السياسى العنيف من مصر قويًا فى جماعتين كبيرتين هما الجماعة الإسلامية والجهاد، وبدأت العمليات العنيفة ضد السلطة فى مصر، وامتدت إلى المواطنين، وتحولت إلى إرهاب كبير عانينا منه فى الثمانينيات والستعينيات، ثم نشطت هذه الظاهرة فى الجزائر والسعودية واليمن، ثم تجمعت تلك الجماعات فى أفغانستان، حيث هندس قائد الجهاد أيمن الظواهرى تنظيم القاعدة وجعل له بعدًا أمميًا عالميًا.

وحين يتحرك الإرهاب هذه المرة فى اتجاه المسيحيين فى مصر، فإن مفكرى العالم العربى يخشون أن هذه الظاهرة لو استفحلت ستنتقل بالتالى إلى بلدان أخرى قد يكون من بينها سوريا ولبنان والسودان وغيرها من البلدان العربية التى يعيش فيها المسلمون والمسيحيون معا.. وهنا مكمن الخطورة على المستقبل العربى التى يشعر بها جميع العرب، ولا نراها نحن.
ملحوظة:
بالأمس اتهمنى بعض الأخوة الأقباط فى تعليقاتهم على مقالى حول ترشيد الغضب القبطى بأننى طائفى، وقد قال البابا الشجاع، البابا شنودة الثالث، نفس الكلام فى حواره مع عبد اللطيف المناوى أمس، ودعا الشباب القبطى الغاضب إلى التحكم فى غضبهم خشية استغلاله بشكل يسىء إلى المطالب المشروعة للأقباط.. هذه هى الرسالة الصحيحة حتى ولو كان البعض غير قادر على استيعابها.











مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة