محمد إبراهيم الدسوقى

العابثون بمستقبل مصر

الإثنين، 03 يناير 2011 07:25 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الإرهابيون الجبناء الذين أفسدوا علينا فرحتنا بالعام الجديد، بتدبيرهم وتنفيذهم جريمة الإسكندرية الخسيسة، لم يعبثوا فقط بجبهة مصر الداخلية بإشعالهم الحرائق بين المسلمين والأقباط، وإنما بمستقبل هذا البلد برمته.. فالظاهر للعيان أن العمل الإجرامى الشنيع استهدف استعداء المسيحيين على المسلمين، غير أن منفذيه لم يفطنوا أنهم ـ بدون قصد ـ قد استعدوا وأغضبوا المصريين جميعا ضدهم من حيث لا يدرون ولا يحتسبون.

ويبقى الهدف الحقيقى لزمرة الإرهابيين ومن شجعهم أن ننشغل بإطفاء النيران المستعرة المتطايرة من حولنا، جراء دق إسفين بين المسلمين والمسيحيين، والتى سيطول أمدها ـ حسبما يظنون ويعتقدون ـ ومن ثم نظل محبوسين بلا حراك داخل حفرة الفتنة الطائفية البغيضة، ونبعثر جهدنا وطاقاتنا فيها، بدلا من أن نعد لخطوتنا التالية لبناء مستقبل يليق بهذا الشعب الذى يتلوى ألما من كثرة ما يصادفه فى نهاره وليله من منغصات تستهل بشراء رغيف الخبز، وتعليم أولاده تعليما لائقا وتوظيفهم عقب تخرجهم، وتنتهى بعلاج أوجاع وجروح جسده المنهك.

كل هذا جعلنى أميل لنظرية وجود طرف خارجى خطط وجهز لتلك العملية الإرهابية المقصود منها وبلا مواربة كسر ظهر مصر، وبما أن الوقت لا يزال مبكرا لمعرفة شخصية الفاعل الأثيم فى فاجعة الإسكندرية، فإننى أتساءل وأفتش عن الأصوات الزاعقة التى اعتلت المنصة وأرهقت حناجرها فى الهتاف والصياح، خلال المظاهرات المطالبة للكنيسة والبابا شنودة بالإفراج عن كاميليا شحاته وأخواتها اللائى قيل إنهن أسلمن وحبسن فى الأديرة، عقابا لهن على تغيير ديانتهن، أين أصحاب الأصوات الزاعقة، وما لنا لا نسمعها ترتفع لعنان السماء استنكارا وإدانة لما تعرض له المصريون ولا أقول المسيحيون فى الإسكندرية؟

أولم يدركوا أنهم يتحملون مسئولية أخلاقية وأدبية عما حدث، لأن أفعالهم غير المحسوبة والعشوائية الموظفة لخدمة أغراض ومخططات شخصيات لا تضمر سوى السوء للبلاد، كانت زادا لتنظيم القاعدة الإرهابى، وعثر فيها على حجة تبيح له تنفيذ عمليات إرهابية، إذا لم يفرج عن من سماهن "الأسيرات المسلمات فى الأديرة"، نعم مدوية صريحة يتحملون المسئولية، فهؤلاء تختفى وتتلاشى أصواتهم فى قضايا وهموم أعمق وأهم بكثير من عشرات تركوا المسيحية وأسلموا أو العكس، وتظهر جلية لدى حدوث شئون هامشية خسائرها أفدح بمراحل من مكاسبها.

ولو افترضنا أن القاعدة مسئولة عن تفجير الإسكندرية، فإن الذين استهوتهم فكرة العبث بركائز ودعائم الجبهة الداخلية متهمون بدورهم بارتكاب الجرم، أيضا أتساءل أين الذين احترفوا التظاهر بسبب وبدون سبب من كوادر ونشطاء التنظيمات الحزبية والدينية والمجتمع المدنى؟ أليس حريا بهم إعلاء أصواتهم برفض الإرهاب والتحريض عليه، ورجم مثيرى الفتنة الطائفية.

إن الخلل فى الجبهة الداخلية بترك الساحة مفتوحة على إطلاقها أمام دعاة ومثيرى النعرات الدينية أتاح مساحات حركة واسعة للإرهابيين الذين استهدفوا أبرياء لا ذنب لهم فى الإسكندرية، وما ساعدهم وشد من أزرهم عدم المواجهة الجدية الشجاعة لمسببات ومحفزات الاحتقانات الطائفية، وانغماس الجماعات الدينية فى الركض خلف نواحى هامشية، وإصدار فتوى التكفير، والمحصلة كانت توفير تربة خصبة مثمرة للعابثين من الخارج بأمن مصر ومواطنيها، ويجب أن تكون صدمة الإسكندرية بما فيها من مرارة حافزا لوقفة نعيد فيها النظر لما وقعنا فيه من أخطاء، وأن نرتب ونقوى جبهتنا الداخلية، حتى تصبح صلبة متينة لا تهتز وتضعف، كلما روجت شائعات عن إسلام مسيحى أو تنصر مسلم، فالخطر جلل ولا يفرق ويصنف الضحايا طبقا لدينهم، وعلينا الوقوف صفا واحدا كمصريين، فالوطن سيكتب له البقاء أما نحن فسنكون إلى زوال.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة