براء الخطيب

تونس: الآن فقط.. وداعا محمد البوعزيزى!

الجمعة، 21 يناير 2011 07:39 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
محمد البوعزيزى (26 سنة) شاب تونسى عاطل عن العمل، وبالرغم من أنه حاصل على مؤهل جامعى إلا أنه لم يستسلم لفقره، فراح يسرح بعربة يبيع عليها الخضار والفاكهة فى بلدته مدينة "سيدى بوزيد"، لكن سلطات الأمن فى المدينة صادرت منه العربة وصفعته امرأة شرطية على وجهه ورفضت سلطات المحافظة قبول شكوى أراد تقديمها فى حق الشرطية التى صفعته أمام الملأ، فقرر "البوعزيزى" الاحتجاج على إهانته، فقام بحرق نفسه أمام مقر ولاية "سيدى بوزيد"، احتجاجا على الإهانة ورفض مسئولى المحافظة مقابلته والاستماع لشكواه.

توفى "محمد البوعزيزى" يوم الثلاثاء 4 يناير عام 2011 متأثراً بالحروق التى أصيب بها وتحولت جنازته إلى مظاهرة عارمة لأهالى المدينة، لكن أعداداً كبيرة من قوات الأمن منعت المواطنين المتظاهرين فى الجنازة باستعمال الضرب من المرور أمام مقر المحافظة بعد أن كان "سالم" شقيق "محمد البوعزيزى" قد أعلن أن الجنازة ستمر أمام مقر الولاية، وسرعان ما تطورت الجنازة إلى اشتباكات عنيفة مع قوات الأمن، وامتدت إلى مختلف مدن الولاية، وسقط فيها قتيلان برصاص قوات الأمن فى مدينة "منزل بوزيان" إحدى مدن الولاية، وامتدت شرارة الاحتجاجات والاشتباكات مع قوات الأمن، لتشمل عددا كبيرا من ولايات البلاد على غرار "تونس" العاصمة و"سوسة" و"صفاقس" و"قفصة" و"القصرين" و"الكاف" و"قابس"، وندد المحتجون بالتهميش وغياب التنمية بعديد المناطق الداخلية، كما رفع المحتجون شعارات ضد الفساد والمحسوبية واستهدف بعضها رموز السلطة فى تونس، وكان الرئيس التونسى المطاح به قد زار "محمد البوعزيزى" فى المستشفى، واستقبل أسرته فى محاولة منه ومن زبانيته من السلطات التونسية احتواء الأزمة، لكن ذلك لم ينجح فى نزع فتيل الانتفاضة المباركة التى كانت قد اشتعلت.

وكما يقول عبد البارى عطوان فى القدس أن هناك خوف من اختطاف النخبة الانتهازية للثورة، وسرقة نتائجها ودماء شهدائها، وهذا خوف مشروع، ولكننا على ثقة بأن الشعب التونسى أوعى من أن يسمح بذلك، وأكثر حرصا وقدرة على حماية إنجازه التاريخى هذا، فقد تحرر من ثقافة الخوف، وبات أكثر ثقة بنفسه وعزيمته، ندرك جيدا أن بعض رموز النظام السابق ما زالت تناور، وتتشبث بالبقاء فى دائرة القرار، بينما تعمل بعض الأدوات القمعية السابقة (الأمن الرئاسى والمخابرات) على تخريب الاستقرار وبث الرعب، ولكن ما يطمئن حتى الآن هو موقف الجيش المشرف فى التصدى لهؤلاء بقوة وحزم، ويقول "عبد البارى" فى القدس: "نستغرب أن يتصدر السيد "محمد الغنوشى" رئيس الوزراء فى العهد السابق المشهد السياسى ويتولى المشاورات لتشكيل حكومة وحدة وطنية برئاسته، بحيث انقلب حملا وديعا بين عشية وضحاها، وغيّر جلده فى ساعات، فهذا الرجل هو مهندس السياسات الاقتصادية الفاشلة التى كانت أحد أسباب الانتفاضة عندما كان وزيرا للاقتصاد، وبفضل هذه السياسات أصبح وزيرا، هذا الرجل يجب أن يحال إلى متحف المتقاعدين، إذا لم يرتكب جرما يستحق عليه المحاسبة، وأن تدرس سياساته الاقتصادية فى الجامعات التونسية كنموذج فى الفشل، أسوة بوزراء آخرين ضللوا الرئيس السابق مثلما ضللوا الشعب.

تدور الأيام دورتها وتشرق شمس الانتفاضات المباركة للشعوب من خلف تخوم الفساد وتجويع الشعوب وقهرها بجبروت سلطات تقمع البشر، وتحيل حياتهم إلى جحيم من المهانة الدائمة، وجبال من الظلم والتجويع والقهر ترسخ فوق صدور الجميع، تدور الأيام دورتها ويبزغ فجر الانتفاضات المباركة حتى لو أطلق عليها أعداء الشعوب ألقابا مشوهة مثل "انتفاضة الحرامية" أو "عملاء الشيوعية" أو "الأفندية"، تدور الأيام دورتها وتحمل انتفاضات الشعوب المقهورة أسماء شهدائها، والآن ينتفض المتعبون رافعين رايات الرفض فوق كل المدن المستباحة للفساد والفاسدين؛ فتلد الشوارع صهيل الخيول، مغادرة كل مشاعر الخوف إلى غير رجعة، تقبض على جمرة الحلم المستحيل، فيبزغ فجر الحرية، وتسطع شمس الشعوب، والآن فقط تقول تونس ونقول معها وتقول كل شعوب الأرض: وداعا ومحمد البو عزيزى.. لن تنساك كرامتنا أبدا، لأنك كنت أول الطريق لكرامتنا المستباحة.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة