سعيد شعيب

غرور الصحفيين

الجمعة، 03 سبتمبر 2010 11:49 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انتهى الزمن الذى كانت فيه مهمتنا نحن الصحفيين حشو رأس المتلقى بما نريد، انتهى الزمن الذى يسلم فيه الناس عقولهم وقلوبهم لـ"الزعيم الملهم" وأتباعه ليقودوهم إلى "الجنة"، واتضح أنها "الجحيم"، جاء زمن الجماهير العريضة، الجماهير المتفاعلة، الجماهير التى تشارك فى صياغة رسالة إعلامية وسياسية، وفى أحيان كثيرة تكون هى مصدر هذه الرسائل.

من حسن الحظ أن فى زمننا وسائل تكنولوجية حديثة، أتاحت لأى مواطن وبـ "ملاليم" أن يعبر عن نفسه، إنترنت، موبايل، كاميرات فيديو وديجيتال رخيصة، وما تخبئه الأيام، وأن يشارك ويقود إلى ما يتصور أنه الصحيح. أى لم يعد متلقياً سلبياً، ولكنه كما قال د.وحيد عبد المجيد، فى ندوة أقامتها الهيئة الإنجيلية منذ عامين تقريبا، مشارك، بل ومن الممكن أن يقود وسائل الإعلام التقليدية، من صحافة مطبوعة ومرئية ومسموعة، بل وإلكترونية مازالت تعمل بالمفاهيم القديمة.

هذا لا يعنى أن هذه الوسائل الجديدة فى التعبير هى الأفضل، فلها عيوب كثيرة، ولكن تعنى بشكل حاسم أن طريقة الإعلاميين والسياسيين التقليدية تجاوزها الزمن، الطريقة التى تستند إلى أنهم يقودون قطيعا إلى "جنتهم"، وإذا لم ينتقلوا إلى خانة التفاعل مع الناس، وليس حشو رأسهم، فسوف يذهبون إلى حيث يستحقون، إلى خانة التاريخ.

إذا كان هذا هو حال الإعلاميين والسياسيين، فمن المضحك أن يستند البعض إلى التعامل الأمنى، فلا غلق المواقع الإلكترونية سيفيد، ولا القبض على بعض الناشطين، ولا حتى تعذيبهم، فمن الممكن وبسهولة شديدة أن تتفاعل وتقول ما تشاء على الشبكة الإلكترونية دون أن يعرفك أحد، كما أن هناك وسائل تقنية وبرامج كثيرة متاحة مجانا لحماية المدونات ومواقع التفاعل وغيرها وغيرها.

لا حل أمام من يتصور أنه يستطيع أن يعيد المارد إلى القمقم، سوى أن يتخلى قليلاً عن عنجهيته وتصوره الساذج أنه يملك الحقيقة، ويملك الحق فى أن يقود الجماهير "غصب عنها" إلى جنته، لا حل أمامه سوى أن يقبل التفاعل مثله مثل المواطن المشارك.

هذا لا يعنى أن الوسائل الحديثة فى التعبير ليس لها عيوب، ففيها بالفعل عيوب خطيرة، ولكن من قال إن الحرية هى فقط حرية الصواب، فهى قبل ذلك حرية الخطأ.

ومزيد من الحرية هى الوسيلة الوحيدة التى أثبت الزمن صحتها، لتجنب عيوب الحرية.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة