محمد إبراهيم الدسوقى

حرائق الأنبا بيشوى

الأحد، 26 سبتمبر 2010 07:41 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
انتقدنى وعاتبنى الأسبوع الفائت العديد من القراء الأعزاء، عقب نشر مقال "تحريض الأقباط" الذى تناولت فيه بالتعليق تصريحات للدكتور محمد سليم العوا، والدكتور محمد البرادعى، واعتبرتها تحمل تحريضا للأقباط.

الانتقاد والعتاب سببه ما سماه بعض القراء بتجاهلى لتصريح مستفز للرجل الثانى فى الكنيسة الأرثوذكسية الأنبا بيشوى وكيل المجلس الملى، أعلن فيه أن المسلمين ضيوف على أقباط مصر.
من جهتى ألتمس العذر للقارئ، لأنه لم يكن يعلم بنيتى تخصيص مقالى هذا للتحريض القبطى، حتى تعتدل كفة الميزان، فهدفى أولا وأخيرا، كان منحصرا ـ ولا يزال ـ فى تسليط ضوء كثيف على ظاهرة التحريض الإسلامى القبطى المتبادل، والتى أضحت شائعة ورائجة بصورة تنعش وتوقظ شياطين الفتنة الطائفية المتربصين وينتظرون شرارة صغيرة لإشعالها.

وبدلا من أن يدعنا الأنبا بيشوى نناقشه فيما قاله عن ضيافة المسلمين، إذا به يزيد الأمر سوءا، إثر توزيع كتيب يضم محاضرة ألقاها أمام المشاركين فى مؤتمر تثبيت العقيدة الأرثوذكسية الـ 13، الذى عقد فى دير الأنبا إبرام بالفيوم أواخر الأسبوع الماضى، وحملت إساءة للمقدسات الإسلامية والصحابة، حينما تساءل، ما إذا كانت آية: لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ، قد نزلت فى حياة الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم، أم أنها أضيفت للقرآن فى عهد ثالث الخلفاء الراشدين سيدنا عثمان بن عفان.

ومثلما فعلت فى المقال السابق فسوف أتبع نفس النهج، ممثلا فى فتح نقاش عاقل متزن ينأى عن المهاترات والتجريح والسباب، فإن أخذنا بمبدأ حسن النية، ألا يرى الأنبا بيشوى، وهو رجل حصيف محنك وخبرته الحياتية والدينية عريضة، أن تساؤله السالف يحمل عدة أخطاء بمقدورها إشعال حرائق سيكون إخمادها صعبا فى التو واللحظة.

أخطر هذه الأخطاء قاطبة أنه قوض ركنا أساسيا فى العقيدة الإسلامية، فكل مسلم يؤمن بأن القرآن نزل من عند الله على نبى الإسلام، وأنه لم تمتد إليه يد بشر، بالإضافة أو الحذف، وأن الله عز وجل تكفل بصيانة وحماية كتابه العزيز إلى أن تقوم الساعة تصديقا لقوله تعالى: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ.

كما أنه وجه اتهاما قاسيا لا دليل عليه لأحد صحابة الرسول الراسخ فى نفوس المسلمين أنهم كانوا أحرص الناس على المحافظة على القرآن وتراث النبى، وأن أحدا منهم لم يجرؤ للحظة على التدخل فيما نزله الله أو سنة الرسول الكريم. ألا يعد ذلك تطاولا على الدين الإسلامى لا يجوز السكوت عليه والتهوين من شأنه!، لقد استشاط الأقباط غضبا، حينما صرح الدكتور العوا بأن كنائسهم مليئة بالأسلحة، وانتقده كثيرون بحدة بسبب هذا التصريح، رغم أن الرجل لم يمس العقيدة المسيحية من قريب أو من بعيد.

ولعل الأنبا كان من الذين يشكون من بعض الأصوات الإسلامية المتحدثة عن العقيدة المسيحية بمنطق الشك، وتحريف الإنجيل، فما الفارق بينه وبين هؤلاء المشككين؟ وأتساءل، لقد كان الأنبا بيشوى يتحدث فى مؤتمر لتثبيت العقيدة المسيحية، فما الضرورة والداعى لحديثه غير المبرر وغير المقبول عن تحريف القرآن بواسطة ثالث الخلفاء الراشدين؟

يلحق بذلك سؤال، ما الفائدة العائدة عليه شخصيا، والمسيحيين على وجوه العموم، من التشكيك فى قواعد الدين الإسلامى؟، مع يقينه وعلمه أن إيمان المسلم لا يكتمل إلا بإيمانه بكل الرسل والكتب السماوية السابقة على بعثة النبى محمد، وفى مقدمتهم سيدنا عيسى عليه السلام.

ألم يكن من الأجدى والأجدر أن يبحث عن نقاط التقاء وتواصل بدلا من تفجير الجسور المشيدة لتثبيت أركان ودعائم الود والتفاهم بين المصريين بمنأى عن دينهم، فالدين شأن شخصى، طالما لا يتجاوز صاحبه بتسفيه الأديان الأخرى والتشكيك فيها.

وبمنتهى الصراحة فإننى عاتب على البابا شنودة لصمته عما فعله واحد من أقرب المقربين إليه، وعلينا أن نعرف موقفه، وأن يطلب من بيشوى الاعتذار وعدم التحجج بأنه كان يتساءل ولم يقصد الإساءة والتشكيك، خاصة وأنه أشعل حرائق عديدة بما قاله.

وأقول للبابا شنودة، لما له من مكانة عزيزة فى نفوس المصريين جميعا، إننا نحتاج لمن يخمد نيران الحرائق وليس لمن يشعلها ويؤججها، قبل التباكى على تجزر الاحتقان بين المسلمين والأقباط.

وفى الختام أبعث للأنبا بيشوى بيت الشعر التالى: وما من كاتب إلا سيفنـى..........ويُبقى الدهـر ما كتبت يداه فلا تكتب بكفك غير شىء........يســـرك فى القيامة أن تراه








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة