محمد حمدى

حينما اختلت آلية الصعود الطبقى

الإثنين، 20 سبتمبر 2010 12:46 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
خلال 25 عاما من انطلاق ثورة يوليو 1952، صاغت مصر نظاما صارما وحازما للصعود الطبقى، اعتمد فى الجانب الأكبر منه على التعليم، الذى كان أهم وسيلة لإعادة فرز الطبقات الاجتماعية والاقصادية فى مصر، وترتيب المواطنين طبقيا.

كان التعليم هو المصعد الاجتماعى الذى يستقله المواطنون للصعود بين الطبقات، وبالتالى تغيير شروط الحياة ومواصفاتها، فقبل الثورة كانت مصر تنقسم إلى ثلاث طبقات واضحة، مجتمع ما كان يطلق عليه طبقة النصف فى المائة التى تضم الأسرة المالكة، وكبار ملاك الأراضى من الإقطاعيين، وبعض الرأسماليين الكبار جدا، ثم طبقة وسطى محدودة، تضم التجار ورجال الدين وموظفى الحكومة، الذين كان لهم وضع اجتماعى مميز، ثم السواد الأعظم من الشعب، أى الأجراء الذين يعملون فى مهن يدوية معظمهم كعمال زراعيين.

حين توسعت الثورة فى التعليم المجانى، وقضت على طبقة الإقطاع القديم، وأممت المشروعات الخاصة الكبيرة، بدأت عملية إعادة بناء الطبقات الاجتماعية فى مصر، وأصبح التعليم هو الوسيلة الأساسية فى عملية التغيير.

فمثلا التعليم حتى المرحلة المتوسطة من التعليم العام والفنى، تعنى عمليا انتماء خريجيها إلى الطبقة العاملة، أما خريجو الجامعات فقد أصبحوا عماد الطبقة الوسطى التى توسعت وأصبحت تضم الشريحة الأكبر من المجتمع المصرى، واحتلها الموظفون فى الدولة والقطاع العام الذى توسع بشكل كبير.

أما من واصلوا الدرسات العليا وحصلوا على الدكتوراه فقد فتحت لهم الأبواب واسعة لتكوين نخبة جديدة، خاصة من استطاعوا استخدام الخلفية الأكاديمية فى الوصول إلى العملية السياسية داخل نظام الحزب الواحد الذى ظل يحكم مصر حتى عودة الأحزاب مرة أخرى.

لكن الملاحظة الأبرز على هذه السنوات التى امتدت حتى عام 1977 تقريبا أن الفروق بين طبقة وأخرى لم تكن واسعة إلى الدرجة التى تحدث معها خلافات مجتمعية كبيرة تؤدى إلى ثورات أو قلاقل شعبية بسبب التفاوت الاجتماعى، صحيح أن هناك من كان يسكن فى حجرة من الطوب اللبن، ومن يعيش فى شقة فاخرة على نيل القاهرة فى الزمالك أو جاردن سيتى، لكن وسائل المعيشة لم تكن بالتنوع ولا بالتفاوت السعرى الذى نعيشه الآن.. حتى أن البدلة التى كان يرتديها الوزير لا تختلف فى نوعية القماش، أو طريقة تفصيلها عما يرتدى موظف فى أى مصلحة حكومية.

وفى حين فتح هذا النظام للترقى الطبقى الباب لأبناء الفلاحين والمعدمين والفقراء إلى الصعود الاجتماعى فى طبقات أعلى، فقد التعليم قيمته بعد ذلك، واتسعت الفروق بين الطبقات، وتقلصت مساحة الطبقة الوسطى وتآكلت كثيرا، وعاد الفقراء ليشكلون السواد الأعظم، وأصبح الصعود الطبقى مرتبطا بقيم أخرى وطفرات إقتصادية وعمولات غير شرعية، وانتهازية سياسية وغيرها من الأسباب والعوامل التى تجعل الطبقات الاجتماعية فى مصر قائمة على غير أسس موضوعية مما يشكل خطرا كبيرا ويهيئ لها الفرص للصدام.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة