محمد بركة

لا تلعنوا أوروبا بسبب حظر النقاب!

الثلاثاء، 06 يوليو 2010 07:27 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يوماً بعد آخر، نطالع خبراً حول قرار هذه الحكومة الأوروبية بحظر النقاب فى الأماكن العامة على أراضيها، أو عقد ذلك البرلمان الأوروبى جلسة لدراسة مشروع قانون بهذا المعنى والاستعداد للتصديق عليه فى القريب العاجل.. ولاشك أن هذا يثير لدى الكثير منا نحن مواطنى البلاد المسلمة مشاعر تتراواح ما بين "عدم الارتياح" أو الإحساس الغامض بأن ثمة "مؤامرة عالمية" من "الغرب الصليبى" على الإسلام.. وهى مصطلحات برع تيار الإسلام السياسى فى صكها وتسويقها رغم طابعها الفانتازى الذى يبعث على الأسى، ولم يعد ينطلى على كثير من أبناء جيلى!

ولابد فى البداية من الإشارة إلى نقطتين بالغتى الأهمية، الأولى: هى أننى لا أنظر إلى الحضارة الأوروبية باعتبارها "النموذج" أو "المثال"، وإنما لها ما لها وعليها ما عليها، والثانية: هى أنه عندما اتخذت بعض المدارس الفرنسية موقفاً معادياً – قبل نحو عشرين عاماً – من طالبة مغربية ترتدى "الحجاب" وتظهر وجهها، كنت – مثل كثيرين غيرى – مندهشاً ورافضاً لهذا الموقف الذى ينطوى على شىء من العنصرية!

النقاب – على الجانب الآخر – قصة مختلفة تماماً، فهو وبإجماع الآراء عادة وليس عبادة، وقد أورد العلامة الشيخ محمد الغزالى فى كتابه "السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث" خمسة أدلة شرعية حاسمة تؤكد أن نساء المسلمين على عهد النبى صلى اله عليه وسلم "كن سافرات الوجوه.. وقد رأينا فى مجتمعنا المصرى كيف تحول النقاب إلى أداة للتمييز ضد المرأة والعودة بها إلى الوراء، فضلاً عن هذا الكم من الجرائم الذى يُرتكب من خلاله، ومع ذلك مازلت أميل إلى اعتبار النقاب نوعاً من "الحرية الشخصية" لا نلوم من تتركه ولا نهاجم من ترتديه بشرط الخضوع للقواعد والقوانين العامة التى تقتضى كشف الوجه فى الكثير من المواقف تحقيقاً للأمان الاجتماعى!

وإذا كان الحال كذلك، فإنه من البديهى أن تشعر أوروبا بالخطر الحقيقى على قيمها الثقافية بسبب انتشار النقاب على أراضيها ولا نستطيع أن نلوم الحكومات والبرلمانات هناك على الانزعاج من امرأة لا تظهر سوى عينيها، فما ذنبهم لكى تتحول بلادهم إلى ساحة لحرب فقهية عقيمة، وأن يطالهم رذاذ التقهقر للخلف الذى أصاب كثيراً من المسلمين علماً بأن الأوروبيين اكتوا بنار السلطة الدينية فى القرون الوسطى، وخاضوا فى بحر من الدم لكى يتخلصوا من هيمنة الكنيسة على مقدرات الشعوب.. هذا الكلام ليس دفاعاً عن الغرب الأوروبى المسيحى فهم أقدر على تبرير مواقفهم، ولكنه بالأساس دفاع عن العقلانية وصوت الحق والحقيقة.. من حق أوروبا أن تحافظ على ملامحها الخارجية وهويتها الثقافية، وليس من حقها أن تتخذ أى موقف عنصرى على أساس اللون أو الدين أو الجنسية.

• كاتب صحفى بالأهرام









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة