محمد إبراهيم الدسوقى

زوار القدس

السبت، 24 يوليو 2010 07:17 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تعددت وتنوعت فى أيامنا تلك الدعوات والمطالبات لزيارة القدس، حتى لا تطمس هويتها العربية الخالصة، ووقف حملات تهويدها بواسطة الإسرائيليين الذين لا يكلون ولا يملون من إخفاء كل معلم وملمح عربى لمدينة عزيزة على نفس أصحاب الديانات السماوية الثلاث، الغاية والمقصد شديد النبل، وله منطقه وحجته المقنع فى نظر الكثيرين، ولكن الشيطان يتخفى فى التفاصيل، إذ كيف سوف يتسنى للراغبين فى زيارة القدس الذهاب إليها، وهى خاضعة للاحتلال الإسرائيلى والسلطة الوطنية الفلسطينية ليس لها ولاية ولا كلمة نافذة على تمكينهم من زيارتها، ولو كانت حائزة لها لكانت أنقذت على سبيل المثال نواب البرلمان الفلسطينى المقدسيين الذين قررت السلطات الإسرائيلية طردهم منها مؤخرا.

قبل أن ترتسم علامات وإمارات الاندهاش والتعجب والامتعاض على الوجوه، أتوجه برجاء أن نناقش القضية بما تستحقه من جد وجهد ويتناسب وأهميتها وحساسيتها، وأن نبتعد قدر المستطاع عن التشنج والغوغائية والاستعراضات العاطفية التى لا تقدم ولا تؤخر، ولنفترض جدلا أنه سمح فى الأسابيع والشهور المقبلة لنحو 100 ألف عربى من المسلمين والمسيحيين بدخول القدس الشريف، هل تعتقد أنه سيطرأ تغيير على حالها، أى هل ستعترف إسرائيل بأنها حق للعرب، وأنها لن تعتبرها عاصمتها الأبدية، وستطرد المستوطنين الذين يسيطرون على 42 % منها، وستقبل بالتفاوض البناء حول مستقبلها وفتحها للمسلمين والمسيحيين؟

لقد جرى تهويد القدس أمام أبصار وعيون الكل فى الوطن العربى بدون أن تهتز شعرة واحدة فى رأس العرب، الذين لا يؤخذ ما يخرج من افواهم محمل الجد من قبل الغرب والولايات المتحدة ومعهما إسرائيل، لأنه لا يتبع ذلك فعل يوازى قليلا مما يصدر عنهم من تلويح باتخاذ إجراءات صارمة إثباتا للحقوق العربية التاريخية والحضارية فى المدينة العتيقة.

إن القضية الحقيقة والمحورية ليست فى زيارة القدس من عدمه، بل فى ما فعلناه حتى نثبت الحق العربى فى القدس فى وجدان وخاطر شعوب العالم ومؤسساته ومنظماته، وعلينا ألا نخجل من الاعتراف بأننا وعن عمد وسوء تصرف أضعنا الهوية العربية لهذه المدينة، ونتحمل جزءً من المسئولية الأدبية والمعنوية، ودعونا نتساءل عما فعلته كيانات وهيئات، مثل منظمة المؤتمر الاسلامى ولجنة القدس والجامعة العربية وغيرها فى المحافل الدولية لأجل القدس، بخلاف بيانات الإدانة والشجب الجوفاء والتحذيرات من تهويدها، وأنه يتعين على الجميع التكاتف دفاعا عن زهرة المدائن، بل إن القمم والمؤتمرات العربية على كثرتها لا يتفق المشاركون فيها على موقف موحد يظهر جديتهم، وأن لديهم من الأدوات والآليات والرؤية السياسية المتزنة ما يستطيعون بواسطتهم حماية القدس مما يدبر لها، ويبدو لى أحيانا أننا لو استيقظنا غدا على خبر انهيار المسجد الأقصى لا قدر الله، بسبب الحفريات الإسرائيلية تحته وحوله، بحثا عن هيكل سليمان المزعوم، فإن رد فعلنا لن يزيد عن الإدانة والتنديد وطلب عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن لمناقشة الموضوع ربما ينتهى بإصدار بيان رئاسى غير ملزم يدين تل أبيب، بعدها ستجف الدموع المتساقطة من عيون من سوف يشاركون فى مظاهرات تنديد فى ربوع العالم العربى منزوع الدسم، ثم سنعاود ممارسة حياتنا الطبيعية.

لقد قرأت مقالا دالا فى عدد أخير من أعداد مجلة "التايم" الأمريكية يتحدث فيه كاتبه عن المقاصد السياحية فى القدس، وفى كل سطر كتبه يؤكد من خلاله أنها إسرائيلية، حتى أنه أشار للطعمية بوصفها من الأكلات الشعبية الإسرائيلية، ومفهوم أن ذلك تأثير اللوبى اليهود وما يروجه، فماذا كان نصيبنا من التأثير؟ بكل أسف لا شىء.

* كاتب صحفى بجريدة الأهرام








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة