محمد إبراهيم الدسوقى

قائمة العظماء

الأحد، 18 يوليو 2010 07:11 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
بكل تأكيد غمرتنا فرحة غامرة، بعد انضمام منتخبنا الوطنى لكرة القدم لقائمة العظماء العشرة على المستوى العالمى باحتلاله المركز التاسع فى تصنيف الاتحاد الدولى لكرة القدم " الفيفا" للمرة الأولى فى تاريخه، على الرغم من عدم مشاركته فى نهائيات كأس العالم فى جنوب أفريقيا، والسعادة لها ما يبررها، لأننا نقف أمام انجاز يستحق التقدير والتشجيع، خصوصا وأن له صلة بلعبة استحوذت على أفئدة وعقول المصريين وشعوب الكرة الأرضية قاطبة، ونلحق بذلك أمنية امتداده ـ الإنجاز الرياضى ـ لمجالات أكثر على الأصعدة العلمية والاقتصادية والاجتماعية، وألا يكون وكالعادة مفعوله قصير التأثير بزوال بهجة زف الخبر، والعزف المؤقت على أوتار " المصريين أهمه.

الخبر السعيد جعلنى أطرح تساؤلا حول هل كنا حقا قادرين على استضافة نهائيات كأس العالم الأخيرة حسبما كنا نود ونرغب؟ الحافز خلف الطرح هو أن نحدد بالضبط مدى قدرتنا واقعيا على إخراجه بالصورة المبهرة التى تابعتها بلدان المعمورة فى جنوب افريقيا، ورجائى الحار إلا ينظر للتساؤل على انه محاولة للانتقاص من قدر مصرنا العزيزة على العطاء والانجاز أو تثبيط الهمم المتحفزة، وسأحاول عرض فكرتى من خلال بعض العناصر نبدؤها من الإنشاءات المجهزة سواء كانت ملاعب تتسع لعشرات الآلاف من الأجانب الذين توافدوا على جنوب أفريقيا لتشجيع منتخباتهم المشاركة فى البطولة أو فنادق تستوعب أعدادهم المأهولة أو ميادين عامة يحتشد فيها الجمهور المبتهج بفوز فريقه، بدون أن يتعرضوا لتحرشات ومضيقات وسرقات وخلافه.

المواصفات اللازمة لهذه البنية لم تكن جاهزة ومتوفرة بعد، فالرغبة شئ والقدرة على تحقيقها شئ آخر، وشخصيا أتعجب وأندهش من جرأة بعض المسئولين الذين أعطوا انطباعا غير صادق وواقعى بان لدينا فرصة للتفوق على جنوب أفريقيا التى كان الكل يتخوف من إقامة النهائيات فيها، بسبب معدلات الجريمة المرتفعة فيها.

الجانب الثانى أننا لم نحسب جيدا التكلفة المالية المطلوبة لهذا الحدث الأممى، فهى تقدر بملايين الدولارات، وحتى فى ظل أن الدولة ستجنى أرباحا كثيرة من ورائه، فان التكاليف ستكون عبئا ثقيلا تتحمله الأجيال القادمة لسنوات مقبلة، ولربما كان من الأجدى استغلال الأموال التى أنفقت على حملات الترويج لاستضافة نهائيات كأس العالم على إحياء النشاط الرياضى بمفهومه الواسع والشامل فى مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا لاكتشاف المواهب المخبأة فيها، وان يعهد بهم لجهات تعدهم وتؤسسهم منذ نعومة أظافرهم ليصبحوا أبطالا فى الألعاب الرياضية المتنوعة، وان نتخلص من أحادية التفكير الرياضى بالتركيز على كرة القدم فقط، وألفت النظر إلى أن أسبانيا الفائزة بكأس العالم أخيرا تحتفظ باسم كبير فى لعبة التنس مثلا، فهى لم تضع همها كله فى لعبة واحدة، مهما كان حجم شعبيتها الذى لا يختلف عليه اثنان، فأبواب المنافسة الرياضة مفتوحة للجميع، شريطة وجود خطة محكمة وواضحة لإعداد الكوادر الرياضية، وإلا تكون خاضعة للهوى والمزج الشخصى والصراعات غير النظيفة بين أركان وجبهات الهيئات والاتحادات الرياضية على اختلافها. تلك الصراعات والمعارك محورها ليس الصالح العام بقدر ما هى متصلة بمصالح فردية وفئوية تكون سببا فى ضياع فرصنا وإحراجنا فى بعض المواقف، أن مجال الرياضة من المجالات الخصبة لتبوأ مكانة دولية رفيعة، وتساعد الدولة على امتلاك أدوات "القوة الناعمة" المانحة للتأثير والنفوذ على الساحة الدولية، بشرط التزام القائمين عليها بمنهج وقواعد تتصف بالنزاهة والشفافية والبعد عن كل ما يفسد المناخ الرياضى ويسممه، ونحن لا نتحدث عن المدينة الفاضلة أو عن معضلات غير قابلة للتغلب عليها، إن حققنا هذه الخاصية البسيطة ممثلة فى تشييد بنية رياضية سليمة ونزيهة لا يحركها فى غالب الأحوال سوى المصلحة العامة، فإن ذلك سيكون مدخلنا الصحيح والأفضل ليس فقط لاستضافة نهائيات كاس العالم، وإنما لتغيير شكل وعقل بلد جميل ورائع اسمه مصر.

كاتب صحفى بجريدة الأهرام








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة