سعيد شعيب

الكذابون

الإثنين، 05 أبريل 2010 12:25 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قال لى الشاب الصغير بمرارة: لقد تركت الجريدة من زمان، كيف يمكن أن أعيش بأجر شهرى 80 جنيه؟

سؤاله الاستنكارى منطقى، والمشكلة كما قال، إن الذين يفعلون ذلك، هو أكثر الأصوات صخبا فى الدفاع عن الفقراء، وهم الأكثر صخبا فى مهاجمة السلطة الحاكمة، لأنها فى رأيهم أفقرت المصريين، وانتهكت حقوقهم البديهية فى حياة كريمة.. لكن هؤلاء أنفسهم وبلا خجل ينتهكون بطريقة أكثر قسوة ووحشية حقوق من يعملون لديهم.

الشاب الصغير كان موجوعا، ولم يكن هدفه كما قال مشاركة صاحب الجريدة أو رئيس تحريرها فى ثراءه، فكل ما يريده هو أجر عادل، لكنه ترك المهنة "كلها على بعضها" وعمل فى مجال آخر، صاحب الشغل الجديد لا يملأ الدنيا صياحاً ومعارضة، ولكنه يعطى أجرا معقولا يوفر حياة معقولة.

صاحب الجريدة ليس حالة استثنائية، فمثله كثيرون فى أوساط المعارضة فى بلدنا، فمعظم الصحف والوسائط الإعلامية التى تدافع ليل نهار عن الفقراء وعن العدل، هى الأكثر انتهاكا لهما، ففى إحدى المرات سألت معارضا شرسا وشهيرا الآن: لماذا لا تنتقد فلان الذى يسرق حقوق العاملين عنده، مثلما تنتقد السلطة الحاكمة؟.

ارتبك، وتلعثم، وفى النهاية قال: لازم يكون تركيزى على الحكومة، هى أصل كل البلاوى.
يمكنك وضع الكثير من علامات التعجب على هذه الازدواجية المقيتة، والأكثر خطرا لأنها تتخفى وراء شعارات لامعة، ومن الصعب كشفها، إلا إذا أوقعك حظك العاثر وعملت معهم، واكتشفت مثلى أنهم بلا قلب.

هذه النوعية بالتحديد هى التى حاولت وستحاول ركوب موجة "الحد الأدنى للأجور"، ودون أن "يطرف لهم رمش" لن يجعلوا الحد الأدنى لأجر العامل لديهم 1200 جنيه، بناء الحكم العظيم لمحكمة القضاء الإدارى، ولكنهم سيفعلون كما فعلوا دائما، يستغلون حاجة الناس لتحقيق مكاسب سياسية تافهة، مثلما يستغلون العاملين لديهم، سيمارسون الكذب، ستنهمر دموعهم، ولكنها دموع التماسيح، سيصورون الأمر زورا وبهتانا، بأن الحكومة وحدها هى التى تعطل الحق فى أجر عادل، وكأنها هى التى تملك كل المؤسسات والمصانع والصحف والسوبر ماركت وغيرها وغيرها، فهدفهم وراثة السلطة وليس إصلاح البلد. لكن من نعم الله على بلدنا، أن هؤلاء ليسوا كل المعارضة، ومن نعم الله علينا أن هؤلاء الكذابون لم يعد يصدقهم كثير من الناس.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة