محمد حمدى

العلمانية المزيفة

الأربعاء، 28 أبريل 2010 12:12 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى 22 إبريل الماضى بدأت أيجول أوزكان عملها كأول وزيرة فى ألمانيا مسلمة ومن أصل تركى بعد توليها حقيبة الشئون الاجتماعية فى حكومة ولاية ساكسونيا السفلى، وهو ما اعتبر انقلاباً سياسياً وعرقياً أحدثه الاتحاد الديمقراطى المسيحى الذى تتزعمه المستشارة أنجيلا ميركل.

ورغم أن أوزكان من أصول تركية مسلمة فهى ليست متدينة ولا محجبة، بل يمكن اعتبارها نموذجا لجيل جديد من الأوروبيين من أصول شرقية، ولدوا فى أوروبا وينتمون إليها، ويثقون فى العلمانية الأوروبية.

لكن أوزكان التى انضمت إلى حزب المستشارة ميركل قبل ست سنوات فقط، انتخبت خلالها عضواً فى برلمان ولاية هامبورج، أثارت عاصفة مدوية فى ألمانيا بطلبها إزالة الصلبان من المدارس الرسمية، فى إطار حملة لإزالة كافة الشعارات الدينية من المدارس الحكومية.

وقالت أوزكان إن الدستور الألمانى يفرض على المؤسسات الرسمية أن تكون محايدة إزاء الأديان. وسارعت الكنيسة والمستشارة أنجيلا مركل إلى رفض طلبها، فيما أيدت الأحزاب اليسارية هذه الدعوة.

وقال الناطق باسم الحكومة الألمانية كريستوف شتيجمانز إن المستشارة ميركل ترفض نزع الصلبان من صفوف المدارس الرسمية، وهو الموقف الذى أعربت عنه مفوضة حكومتها لشئون الاندماج والهجرة ماريا بومر.
ورد رئيس حكومة ولاية برلين الاشتراكى كلاوس فوفيرايت على الحملة ضد أوزكان، قائلاً إنها لم تفعل أكثر من محاولة تطبيق القرار الذى سبق أن أصدرته المحكمة الدستورية العليا فى هذا الشأن، ولم يطبق عملياً فى غالبية الولايات. وأضاف فوفيرايت بتهكم: "من الواضح أن الوزيرة أوزكان عضو فى الحزب الخاطئ".

هذا باختصار هو خلاصة الجدل السياسى الدائر فى ألمانيا منذ عدة أيام، وهو أمر لا يبدو بسيطا لأنه يتعلق بأسس النظام السياسى ليس فى ألمانيا فقط، وإنما فى أوروبا بالكامل، التى اختارت العلمانية طريقة للحياة وقررت فصل الدين عن الدولة وأمور الحياة العامة.

ووفقا لهذا الاختيار يجرى منع الحجاب والنقاب فى المدارس والمؤسسات الحكومية والعامة، فى إطار منع المظاهر الدينية فى المؤسسات العامة الأوروبية على حد سواء، وهو ما أكدته المحكمة الدستورية العليا فى ألمانيا التى قضت بمنع الرموز الدينية فى المدارس سواء كانت الحجاب أو الصلبان.

لكن المشكلة أن بعض النظم السياسية الحاكمة فى أوروبا تكيل بمكيالين، فهى تطبق العلمانية والدستور حين يتعلق الأمر بالآخرين والأقليات، لكنها لا تفعل نفس الشىء مع الأغلبية، كما حدث فى قضية الصلبان داخل المدارس الألمانية.

وقد لا تستطيع أوزكان مواصلة حملتها بسبب الضغوط السياسية العنيفة التى تتعرض لها داخل حزبها، لكنها على الأقل كشفت عن ليبرالية مزيفة تطبقها بعض الحكومات الأوروبية، التى تأخذ من الليبرالية ما يعجبها أو يناسبها أو حتى يقوى مواقفها الانتخابية، وتترك ما يتعارض مع مصالحها السياسية، أو يؤثر على شعبيتها فى الشارع!









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة