محمد حمدى

ما بعد الكآبة

الأحد، 18 أبريل 2010 12:03 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
قبل عدة أيام بدأت عامى التاسع والأربعين فى الحياة وسط شعور بالاكتئاب غير مسبوق، ولأننى لم أسمع عن اكتئاب التاسعة والإربعين من قبل فقد حاولت تلمس أسباب هذه الحالة النفسية المفاجئة والطارئة خاصة وأنى رغم كل ما أراه حولى أحاول قدر الإمكان التمسك بالأمل، وعدم الاستسلام للإحباط.

ربما يكون الأمر له علاقة بتغير الفصول، فبعض خبراء الطب النفسى يلحظون نوعا من الاكتئاب ينتاب بعض البشر خلال فترات تغير الفصول، بما يعنى أنها حالة من الاكتئاب الربيعى الطارئ، وبما اننى لست خبيرا فى الأمراض النفسية فقد ابتهجت قليلا لأن اكتائبى مرتبط بالربيع وليس بالخريف، فعل الأقل يمكن أن تتغير الأحوال مع بدأ الزهور فى التفتح على أشجارها.

لكن المشكلة أنه لم تعد فى مصر أشجار تتفتح زهورها، أتذكر حين كنت صغيرا فى المحلة الكبرى كان شارعنا تحيط به الشجار من الجانبين وتتفتح زهوره ويكتسى الشارع باللونين الأخضر والأحمر، وتحيط بنا الحدائق من كل صوب وحدب، لكن حتى هذه الحدائق قبل أن أغادر مسقط راسى كانت قد تحولت إلى كتل خرسانية يسكنها البشر.

أنا شخصيا اعتقد أن ما أمر به هو حالة يمكن تسميتها ما بعد الكأبة على غرار ما بعد الحداثة التى يتحدث عنها النقاد الأدبيون منذ فترة، فقد ظهرت ما بعد الحداثة، دون أن نلحق بالحداثة نفسها لا فى التفكير، ولا فى التعليم ولا فى الأدب ولا فى أى شيئ أخر فى الحياة.

لذلك لا مانع من ما بعد الكأبة التى تلى الاكتئاب على اعتبار أننا فى مصر يمكننا حرق المراحل فى كل شيئ، ولا نمر بالتطور الطبيعى للأشياء سوى فى الفيروز الذى أصبح التطور الحقيقى للحاجة الساقعة.

وربما حالة ما بعد الكآبة التى نعيشها بشكل عام راجعة إلى أننا نعيش مرحلة ما بعد الديمقراطية، أى انتقلنا من مرحلة الحكم المتسلط المستبد، إلى حالة لا هى ديمقراطية كاملة، ولا هى ديمقراطية كاملة.. ونفس الأمر فى الاقتصاد، لا نحن نعيش فى مرحلة الاقتصاد الموجه المستمد من النظريات الاشتراكية، ولا مرحلة الاقتصاد الحر القائمة على الرأسمالية.. لكننا نعيش حالة ما بعد النظم الاقتصادية المعروفة.. أى نأخذ أسوأ ما فى النظامين. وأخشى أننا فى ظل إدمان ما بعد الأشياء المعروفة والمحددة، أن نصل فعلا إلى حالة ما بعد الحياة، أى عايشين ومش عايشين.. وتقريبا نحن نمر فى هذه المرحلة الآن!








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة