محمد حمدى

الانتخابات الأخيرة

الأحد، 11 أبريل 2010 12:24 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يتابع العالم باهتمام بالغ الانتخابات السودانية باعتبارها أول انتخابات ديمقراطية يشهدها هذا البلد منذ عام 1986، وهى آخر انتخابات تعددية حقيقية جرت فيه بعد الثورة الشعبية التى أطاحت بالرئيس السابق جعفر نميرى.. قبل أن ينقلب العسكريون والإسلاميون على السلطة الشرعية المنتخبة من الناس فى عام 1989، وقادوا السودان إلى أخطر أزمة فى تاريخه.

وعلى عكس كل المهتمين والمتابعين الذين يرون ما يحدث تطورا ديمقراطيا، أرى أن الانتخابات التى تجرى اليوم ستكون آخر انتخابات من نوعها فى السودان الذى نعرفه، فبعد حوالى عام من الآن سيشهد جنوب السودان استفتاء على تقرير مصير الجنوب ليقرر أهله إما البقاء فى الدولة السودانية، أو الانفصال عنها.. وأعتقد أن الانفصال هو الأرجح، وهو أيضا ما كرسته الانتخابات الجارية حاليا.

كتبت قبل الانتخابات عن أن ترشيح الحركة الشعبية نائب أمينها العام ياسر عرمان وهو شمالى مسلم لمنصب رئاسة الجمهورية، وترشيح حزب المؤتمر الشعبى المعارض أمينه العام عبد الله نيال وهو جنوبى مسلم للرئاسة قد يكون طوق إنقاذ هذا البلد، لكن الحركة الشعبية سحبت مرشحها للرئاسة، ولم تكتف بذلك بل لجأت إلى إجراء أخر أراه آخر خطوة فى نعش السودان الموحد، وهو الانسحاب من الانتخابات البرلمانية فى الشمال، ومواصلة الانتخابات فى الجنوب.

ويعنى هذا أن الحركة قررت الاكتفاء بممارسة الديمقراطية فى المناطق التى تسيطر عليها فقط فى الجنوب، أى رئيس حكومة جنوب السودان، وبرلمانه، وحكام ولاياته، وممثلى الجنوب فى البرلمان القومى، لكنها لن تشارك فى أى فاعلية تخص الشمال رغم أن عدد الجنوبيين الذين يعيشون فى شمال السودان تقول بعض الإحصائيات أن عددهم يصل إلى عدة ملايين جنوبى.
وبمثل هذا الفصل الحاد فى الانتخابات بين الشمال والجنوب، يمكننى التاكيد أن هذه هى آخر انتخابات على المستوى القومى فى السودان، أو إذا شئنا الدقة هى المسمار الأخير فى نعش الدولة السودانية الموحدة.
وبينما يفترض فى أى عملية ديمقراطية أن تؤدى إلى تثبيت المواطنة، فإن الانتخابات السودانية الحالية بما وصلت إليه، فصلت ما بين الجنوب والشمال، وهو أمر لم يعد من الممكن علاجه أو تفاديه، وليس مطلوبا الآن إنقاذ السودان الموحد، وإنما العمل على ترتيب شكل العلاقة بين السودان ودولة الجنوب.. التى سيحتفل أهلها العام القادم باستقلالها عن السودان.

وأعتقد أن هذا الانفصال ليس هما سودانيا فقط، وإنما هو شأن مصرى يتعلق بالأمن القومى لأن الدولة الجديدة فى جنوب السودان يمر بها نهر النيل وتتحكم فى الكثير من مياهه، وتحتاج مصر إلى عقد مباحثات وترتيبات فورية معها لضمان حصتنا الثابتة والتاريخية من المياه.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة