سعيد شعيب

مصر عطلانة

الجمعة، 26 مارس 2010 02:05 ص

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
ربما ستندهش إذا قلت لك أن السلطة الحاكمة ليست وحدها المسئولة عن تعطيل البلد، بل يشاركها النخبة السياسية المعارضة، فهى لا تريد التغيير، بل تخاف منه، فلا تقدم شيئاً سوى الرفض الدائم، وهو سهل جداً، فهى تفضل الأمان الذى تشعر به تجاه قضايا وقوانين معيبة، تزيد فقراء بلدنا فقراً.

الأمثلة كثيرة، منها القانون الحالى للتأمين الصحى فلم يعد صالحا، لأنه لا يقدم خدمات طبية حقيقية للفقراء، ويفتح باب الفساد لما يسمى بالعلاج على نفقة الدولة، فيميز بين الغنى والفقير، وبين «اللى له ضهر واللى ملوش»، ومع ذلك فهناك من يقاتلون بشراسة من أجل الإبقاء عليه، انطلاقاً من أنهم لا يضمنون ماذا ستفعل الحكومة فى القانون الجديد، و«اللى نعرفه أحسن من اللى منعرفوش».

أزمة السولار الأخيرة ومن قبلها الغاز، تشير بحسم إلى أن هذه السلع الهامة يأخذها من لا يستحق بأسعار زهيدة. أقصد أصحاب المصانع والشركات، وهو بدون شك إهدار لموارد البلد، وبدون أدنى شك اعتداء على الدعم المخصص للفقراء..

بالمثل قضية الماء، فكلنا نعرف أن هناك استخداما سفيها فى مصانع ومنتجعات وحمامات سباحة، وهو ما يعنى أن هؤلاء يحصلون على السلعة بسعر رخيص جداً، وهو أيضاً إهدار لموارد الدولة، ومع ذلك إذا اقترح أحد بيع المياه للمستهلكين وللفلاحين بناء على شرائح، تقوم الدنيا ولا تقعد، ويتم اتهامه بأنه ضد الفقراء. رغم أنه فى النهاية يهدف إلى بيع هذه السلعة بتكلفتها الحقيقية للأثرياء وبسعر رمزى للفقراء، وإذا حدث عجز فيها، فليدخل القطاع الخاص، يوفرها ويفتح فرص عمل جديدة ويساعد فى التنمية.

إذن هناك إهدار بالمليارات، وبالفعل الدعم لا يصل إلى مستحقيه، فما هو المانع فى التفكير الجاد فى الدعم النقدى، وما المانع فى التفكير الجدى فى تحديد شرائح للمستهلكين مثلما يحدث فى الكهرباء؟!.

هذا المنطق يعطل تغيير قانون مهم هو قانون نقابة الصحفيين، رغم أنه أصبح معاديا للصحفيين، فهو يتجاهل وجود وسائل إعلامية جديدة، لم تكن موجودة وقت صدوره عام 1970، منها المواقع الإلكترونية الصحفية، والفضائيات وغيرها. فضلا عن عيوبه الخطيرة التى سمحت بتفسيرات منحرفة أدت إلى أن يكون معيار العضوية هو عقد العمل وليس الممارسة الصحفية، ومن ثم يجعل زملاء يواجهون بدون أى حماية قانونية ونقابية وحشية بعض مُلاك الصحف. ومع ذلك يصر بعض الزملاء أن الإبقاء عليه عمل وطنى، ومن يطالب بتغييره عميل حكومى.

أظن أننا نحتاج لقدر ولو قليل من الشجاعة لتغيير كل هذه الماكينات «العطلانة»، والتى تؤدى إلى بهدلة المصريين. ولا يجب أن نستسلم لمن يريدون الاستمتاع بعجزهم، فلا يريدون بذل جهد حقيقى للدفاع عن أفكارهم، وحشد مؤيدين لها. وينطبق عليهم وصف صديقى المحامى المعروف سيد فتحى «أصحاب النضال الشكلانى»، الذين لا يفعلون أى شىء ويعطلون كل شىء.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة