سعيد شعيب

هل مبارك "أب" المصريين؟

الجمعة، 12 مارس 2010 12:09 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
من الأمور المدهشة فى بلدنا، ما يكتبه بعض الزملاء عن الرئيس مبارك انطلاقاً من أنه "الأب العطوف"، أو "رب البيت المصرى"، ويستشهدون بمواقف صحيحة، منها مثلاً مشاركة معظم، إن لم يكن كل المصريين، له فى مصابه الأليم بعد وفاة حفيده، أو تعاطفنا جميعاً معه فى مرضه الأخير، والتمنيات الصادقة بالشفاء، أو تدخله بصلاحياته الرئاسية لحل مشكلة هنا أو هناك.

لكن هذا خلط فادح، بل وخطير، يحمل الرئيس ما لا يطيق، ويحملنا نحن المصريين ما لا نطيق، فلا يجب المقارنة أبداً بين موقع الرئاسة وبين موقع الأب، فالأخير قدر لا نختاره، بينما الموقع الرئاسى نختاره، ولكل منهما متطلبات وتكاليف ولا علاقة لهما ببعضهما البعض.

فالأب سلطة طبيعية لا يختارها الأبناء، وله دور أساسى، خاصة فى المراحل العمرية الأولى فى التربية، ومضطرون بغض النظر عن كفاءته فى القيام بدوره بالتعامل معه، ناهيك عن أنه لا يمكن استبداله، وعندما يتمرد عليه أبنائه، ومهما كانت قناعتهم بصحة موقفهم، يظل هناك شىء ما ينغص عليهم حياتهم، حتى يستعيد الطرفان هذه العلاقة القدرية.

أما الرئيس فهو صاحب برنامج انتخابى، يمكننا الاختلاف والاتفاق معه بكامل الاحترام، ولا يجب أن يكون أحد أهداف الرئيس، أى رئيس، فى برنامجه الانتخابى أن يعيد تربية المصريين، فرئيس السلطة التنفيذية، مع كامل الاحترام له، ليس دوره تعليم الناس الأخلاق، ولا دوره أن يختار لهم الطريق الذى يسيرون فيه، فهذا تصور ساذج يصنع الديكتاتوريين ويعطيهم شرعية لم يمنحها أحد لهم.

لعلنا نتذكر أن هذه الأسانيد الباطلة هى ما كان يروجها الرئيس السادات رحمه الله "كبير العائلة المصرية"، ومن قبله الرئيس جمال عبد الناصر، الذى بنى شرعيته على أنه يعرف مصلحة المصريين أكثر منهم، وكانت النتيجة فى الثلاثة عهود هى ما نعانيه الآن.

لكن الحقيقة أيضاً أن هذا المزاج الفاسد لا يخص الموقع الرئاسى الرفيع، ولكنه منتشر فى حياتنا السياسية، بما فيها أحزاب المعارضة، فكل تيار سياسى، وعلى رأسهم الإخوان يريدون السلطة ليعيدوا تربية الشعب على هواهم، بل وهذا المزاج الأبوى منتشر فى كل مؤسسات البلد، حكومية وغير حكومية.

فليس منطقياً زرع الاستبداد بكل هذا الإصرار، ثم نتباكى على عدم حصاد ثمار الحرية والعدل؟









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة