محمد حمدى

النائب.. والعجلة!

الإثنين، 22 فبراير 2010 01:14 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى فترة السبعينات والثمانينات كان نائب المحلة فى مجلس الشعب الدمرداش البزة، يستقل دراجة يطوف بها المدينة، وأمامه حقيبة صغيرة، يجمع فيها طلبات المواطنين، ويسافر بها إلى القاهرة للحصول على تأشيرات الوزراء عليها.

ولسنوات طويلة ظل البزة فى تصور البعض هو النموذج الحقيقى لنائب الشعب، عامل يمثل العمال، يعيش مثلهم، يستقل دراجة وليس لديه سيارة فارهة يقودها سائق، وتنحصر كل مهامه فى حل مشاكل المواطنين، واستعادة بعض حقوقهم الضائعة فى دواوين الحكومة.

هذا الشكل غير التقليدى لنائب الشعب، ربما تكرر فى مناطق أخرى، لكن بعض الباحثين عن قضاء حوائجهم فاتهم أن المهمة الرئيسية لنائب الشعب هى رقابة الأداء الحكومى نيابة عن الشعب، وتشريع القوانين، ولكن لأن البرلمان لا يمارس فى الواقع رقابة حقيقية على أداء الحكومة، ولا يمارس سلطته الكاملة فى التشريع، ويكتفى غالبا بمناقشة وإقرار مشروعات القوانين المحالة من رئيس الجمهورية أو الحكومة، فقد تحول النواب إلى أداء مهام أخرى، هى فى الحقيقة من صميم مهام السلطة التنفيذية والإدارات المحلية.

فتوفير فرص العمل، ونقل الموظفين، والعلاج على نفقة الدولة، وغيرها من الأمور التى يلهث النواب خلفها طوال النهار والليل هى من صميم العمل الحكومى، لأن أولى مهام أى حكومة فى العالم العمل على توفير فرص العمل والسكن المناسب والعلاج الفعال والحقيقى، وإذا تباطأت فى هذه الحقوق يمكن لأعضاء المجالس المحلية متابعتها كل فى قريته ومدينته ومحافظته.

أما تحول النواب إلى سماسرة بين الحكومة والشعب لاستعادة بعض الحقوق الضائعة فهو أولا يحط من مكانة وكرامة النائب، وثانيا يفقده قدرته الحقيقية على مراقبة الحكومة، فلو تصورنا مثلا أن نائبا حصل على قرارات علاج على نفقة الدولة بملايين الجنيهات من وزارة الصحة، فهل يمكنه أن يسأل وزير الصحة أو يستدعيه للبرلمان ليسأله عن سوء حال مستشفى تابع لوزارته.

ورغم أننى أفترض حسن النية، وأن معظم النواب يقومون بهذه الخدمات لأبناء دوائرهم بشكل مجانى، لكنه ليس خافيا على أحد أن بعض معاونى النواب الذين يجمعون طلبات أهالى الدائرة ويوصلونها للنائب وضعوا تسعيرة لبعض هذه الطلبات، وليس خافيا أن البعض قد أثرى ثراء غير مشروع من تنفيذ وتليبة طلبات المواطنين.

وحتى يعود لنواب الشعبب كرامتهم، يجب أن يمتنعوا نهائيا عن التحول إلى وسيط أو سمسار بين الحكومة والمواطنين، والعمل على تأكيد الحقوق الأساسية للناس، وسهولة الحصول عليها، فلو كانت إدارات العلاج على نفقة الدولة موجودة فى كافة المديريات الصحية بالمحافظات، وتخضع لمعايير واضحة وشفافة، ويسهل لأى مواطن محتاج التقدم إليها والحصول على حقه فى العلاج ما كان الناس يتزاحمون على مكاتب النواب، وربما يدفعون "إكراميات" لمجرد الحصول على حقوقهم.

على نائب الشعب أن يعود نائبا.. ويمارس صلاحياته واختصاصاته كاملة.. وعندها لن نكون بحاجة لحقيبة السيد النائب، أو أن يمر على أهالى الدائرة بالدراجة أو غيرها ليملأ حقيبته بطلبات المواطنين.









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة