محمد حمدى

دولة بدون إعلام!

السبت، 13 فبراير 2010 12:08 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا يمكن لأية دولة تريد لنفسها دوراً إقليمياً أو عالمياً مؤثراً، أن تبنى هذا الدور أو تستعيده بدون آلة إعلامية محترفة، تتمتع بالكفاءة، وتعتمد على أحدث ما وصل إليه العلم من تكنولوجيا، وليس خافياً على أحد أن الإعلام المرئى والمسموع والمكتوب والإلكترونى أصبح الوسيلة الوحيدة للتوجيه والبناء، والتأثير على الرأى العام.. فى كل مكان وأى زمان.

مصر وهبها الله موقعاً جغرافياً متميزاً، جعلها حتى ولو لم ترد مفتاحاً مهماً للشرق الأوسط، لذلك فهى إحدى الدول التى يستهدفها الإعلام الأجنبى الموجه إلى الشرق الأوسط والعالم العربى، وقد أدرك القائمون على الحكم فى زمن الرئيس جمال عبد الناصر أن تسويق المشروع المصرى الإقليمى والدولى؛ يحتاج إعلاماً قوياً ومنفتحاً وموجهاً توجيهاً ذكياً.

وفى حين لم يكن التليفزيون معروفاً وشائعاً فى العالم العربى قبل الستينيات، ولم تنطلق شبكة الإنترنت هذه الانطلاقة الكبرى قبل التسعينيات، فقد اعتمد المشروع الناصرى على موجات الأثير، لترويج المشروع الإقليمى لمصر عبر إذاعة صوت العرب التى كانت إذاعة كل العرب من الخليج إلى المحيط، وشبكة قوية من الإذاعات الموجهة التى تبث إرسالها بلغات محلية أفريقية وآسيوية وأسبانية لأمريكا اللاتينية، وبعض اللغات الأوروبية المحلية.

وكان معروفاً وليس على سبيل المبالغة أن إذاعة صوت العرب تستطيع تحريك الشارع العربى كله من الخليج إلى المحيط، لذلك كان الناس يعملون ألف حساب لتلك الإذاعة، وللنظام السياسى الذى يقف خلفها.

الآن تقريباً لا يصل الإعلام المصرى أبعد من الحدود المصرية، فقد تراجع مستمعو الإذاعة فى كل أنحاء العالم، وضعف إرسالها، ولم يعد يغطى حدود الدولة، واختلطت الرؤى أو حتى غابت بحيث لم يعد لكل إذاعة شخصية مميزة، ولم يعد معروفاً من الجمهور المستهدف الذى تخاطبه تلك الإذاعات.. أما التليفزيون الحكومى فحدث ولا حرج، حتى داخل مصر ارتفعت نسبة مشاهدة الفضائيات بحيث لم يعد المصريون يعولون كثيراً على التليفزيون الحكومى، واتجهوا إلى الفضائيات الخاصة والعربية والأجنبية كل حسب اهتمامه.

خارج مصر وباستثناء بعض المصريين فى الخارج لم يعد أحد يشاهد الإعلام الحكومى المصرى، فالقناة الرياضية لا تغطى أحداثاً رياضية عالمية بسبب غيابها عن شراء حقوق البث، ولا قنوات المنوعات تفهم فى المنوعات، أما قناة الأخبار والنشرات الإخبارية فى الفضائيات المصرية فتبدو وكأنها تنتمى للقرن الماضى.

وعلى صعيد الإنترنت تبدو مصر الرسمية وقد خسرت هذه الساحة، أو حتى لم تدخلها من الأساس، لدرجة أن بعض الوزارات والهيئات الحكومية ليس لها مواقع على الإنترنت!
ولأننا خسرنا معركة الإعلام أصبحت صورة مصر فى العالم العربى ترسم ملامحها قناة الجزيرة، وغير موجودة على الإطلاق فى أفريقيا، وإذا خسرت مصر محيطها العربى والأفريقى تصبح عديمة الأهمية الاستراتيجية، وتكون قد فرطت فى أهم هبة وهبها الله لها وهى الجغرافيا التى تضعها فى قلب العالم.. لكن العالم لم يعد مهتماً بالعبور من خلالها لأنها فرطت فى مكانتها!









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة